عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-08-2010, 12:06 PM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي

أيها المسلمون ، لقد قرّر الإسلامُ أن المرأة إنسانٌ مبجّل ، و كيان محترَم ،


مشكور سعيُها ، محفوظةٌ كرامتُها ،موفورةٌ عزَّتُها ، ردّ لها حقّها المسلوبَ،


و رفع عنها المظالم ، لا تُحبس كُرهاً ، و لا تُعضَل كرهاً ، و لا تورَث كرهاً ،


تُنزَّل منزلتَها اللائقة بها أمّاً و أختاً و زوجة و بنتاً ،


بل مطلوبٌ المعاشرةُ بالمعروف ، و الصبرُ على السيئ من أخلاقها ،


(وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ


فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً<
[ النساء : 19 ] .


معاشر الإخوة ، و هذا حديثٌ عن مسألة من مسائل الزوجية ،


يتجلّى فيه موقف الجاهلية و موقف الإسلام ، مسألةٌ كان للإسلام فيها موقفٌ حازم ،


مسألةٌ إلتزامُ حكم الإسلام فيها يقود إلى الطهر و الزكاء في الدين و النفس و العرض ،


و يتجلى فيها مظهرٌ من مظاهر الإيمان بالله و اليوم الآخر ،


و التقصيرُ فيها جنوحٌ إلى مسالك الجاهلية ، و تغليبٌ للمصالح الشخصية .


تلكم هي مسألة عَضْل المرأة و منعِها من الزواج من الخاطب الكفء


إذا تقدّم إليها أو طلبتْه و رغِب كلُّ واحدٍ منهما في الآخر ،


يقول الله عز و جل في محكم تنزيله :


(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوٰجَهُنَّ


إِذَا تَرٰضَوْاْ بَيْنَهُم بِٱلْمَعْرُوفِ ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ


ذٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ<
[ البقرة : 232 ] .


معاشر المسلمين ، العضلُ تحكّمٌ في عواطف النساء و مشاعرهن ، و إهدارٌ لكرامتهنَّ ،


بل هو إلغاءٌ لإنسانيتهنّ من غير خوف من الله و لا حياء من خلق الله ،


و من غير نظرٍ في العواقب ، و لا رعاية لحقوق الرَحِم و الأقارب ،


مخالفةٌ لدين الله و الفطرة ، و مجانبةٌ لمسلك أهل العقل و الحكمة ،


و مجافاةٌ للخلق الكريم . و سُمِّي العضلُ عضلاً لما يؤدّي إليه إمتناع الأولياء


من تزويج مولياتهم من الشدّة و الحبس و التشديد و التضييق و التأثير المؤلم ،


بل المؤذي للمرأة في نفسها و حياتها و عيشها .


العضلُ مسلكٌ من مسالك الظلمةِ الذين يستغلّون حياءَ المرأة و خجلَها و براءتَها


و حسنَ ظنّها و سلامةَ نيَّتها ، و ما ذلك إلا لعصبيةٍ جاهلية أو حميَّة قبلية


أو طمعٍ في مزيدٍ من المال أو أنانية في الحبس من أجل الخدمة .


يجب على الأولياء أن تكون غايتهم تحقيقَ مصالح مولياتهم الدينية و الدنيوية ،


مبتعدين عن المصالح الشخصية و الأنانية الذاتية .


أيها المسلمون ، العضلُ لا يزحف بظلّه الثقيل على المجتمع بصورةٍ واحدة ،


بل إنه يتلوّن بألوان شتى ، و يتشكّل بأشكال عديدة ، في صور قائمةٍ ،


و أحوال بشِعة ، تُعلَم شناعتُها و تُدرَك دناءة غايتها من مجرّد تصوّرها .


معاشر الإخوة ، من صور العضْل ما جاء في قول الله عز و جل :


(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوٰجَهُنَّ


إِذَا تَرٰضَوْاْ بَيْنَهُم بِٱلْمَعْرُوفِ<
فإذا طُلِّقت المرأة أقلَّ من ثلاث طلقات ثم أنتهت عدّتها و بانت بينونةً صغرى


و رغِب زوجُها الذي طلَّقها في العودة إليها بعقدٍ جديد و رغِبت أن ترجع إليه


قام وليُّها بمنعها من ذلك من غير سبب صحيح ،


لم يمنعه إلا التمسُّكُ ببعض رواسب الجاهلية و العادات البالية و العناد المجرّد .


و من أنواع العضل ما بيَّنته الآية الكريمة الأخرى في قول الله عز و جل :


(وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى ٱلنّسَاء قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ


فِى يَتَـٰمَى ٱلنّسَاء ٱلَّلَـٰتِى لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ<>


[ النساء : 127 ] ،


و في هذه الصورة يمتنع وليّ اليتيمة عن تزوجيها لغيره


لرغبته في نكاحها لنفسه من أجل مالها ،


ففي صحيح البخاري رحمه الله


عن أمنا أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها و عن أبيها أنها قالت:


هذه الآية في اليتيمة التي تكون عند الرجل لعلها أن تكون شريكته ـ


أي : في أمواله و تجارته ـ و هو أولى بها ـ


أي: يريد أنه أولى بها في نكاحها ـ فيرغب أن ينكحها ،


فيعضلها و لا يُنكحها غيرَه كراهيةَ أن يشركَه أحد في ماله .


و من صور العضل ما جاء في قول الله عز وجل :


(يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنّسَاء كَرْهاً


وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ<
[ النساء : 19 ] ،


و معنى ذلك أن يضيّق الزوجُ على زوجته إذا كرهَها ، و يسيء عشرتَها ،


أو يمنعها من حقِّها في النفقة و القسْم و حسن العشرة ،


و قد يصاحب ذلك إيذاءٌ جسدي بضربٍ و سبّ ،


كلّ ذلك من أجل أن تفتدي نفسَها بمال و مخالعة :


(لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ<
أي: لكي تفتديَ المرأة نفسَها من هذا الظلم بما أكتسبته من مال المهر و الصداق ،


و بهذا العضل اللئيم و الأسلوب الكريه يسترجع هؤلاء الأزواج اللُّؤماء


ما دفعوه من مهور، و ربما أستردُّوا أكثرَ ممَّا دفعوا ،


فكلّ ما أخذوه من هذا الطريق بغير وجه حقٍّ فهو حرام و سحتٌ و ظلم .


و من صور العضل المقيت أن يمتنع الولي عن تزويج المرأة


إذا خطبها كفء و قد رضيته ، و ما منعها هذا الوليُّ إلا طمعاً في مالها أو مرتَّبها ،


أو طلباً لمهرٍ كثير ، أو مطالبات مالية له و لأفراد أسرته .


تلكم صورةٌ لئيمة يرتكبها بعض اللؤماء من الأولياء من أجل كسبٍ مادي ،


أو من أجل حبسها لتخدمه و تقوم على شؤونه .


أيها الإخوة المسلمون ،


و ثمَّة تصرفاتٌ من بعض الناس قد تؤدِّي إلى عضل النساء و حرمانهن من الزواج


و صرف الخُطاب عنهن ، من ذلك تعزُّز وليّ المرأة و إستكبارُه


و إظهار الأنفة للخُطّاب ، فيتعاظم عليهم في النظرات ،


و يترفّع عنهم في الحديث ، فيبتعد الرجال عن التقدُّم لخطبة أبنته أو موليته ،


لشدّته و تجهُّم وجهه و إغتراره بنفسه و مركزه و جاهه و ثرائه ،


يقول شيخ الإسلام أبن تيمية يرحمه الله :


" و من صور العضل أن يمتنع الخطاب من خطبة المرأة لشدّة وليِّها " .


و من الأخطاء في هذا الباب حصرُ الزواج و حجرُه بأحدِ الأقارب


من أبناء العم أو الخال أو غيرهم ، و المرأة لا تريده ، أو أن أقاربها لا يريدونه .



كما ينبغي الإبتعادُ عن شروط تؤدِّي إلى تعليق الزواج


أو تؤدِّي إلى تعليق الدخول إلى مُدَد طويلةٍ غير معلومة ،


بل قد تكون شروطاً لم تعلَم بها المخطوبة ، أو غلبها فيه الحياء ،


و ليس فيها مصلحة ظاهرة ، كشرط تأخير الدخول بسنوات طويلة


من إنهاءِ دراسةٍ بعيدة النهاية ، أو بحثٍ عن عمل أو تجارة لا ترتبط بوقت محدَّد .


عباد الله ، إن المطلوبَ المساعدةُ على الإحصان و العفاف ،


و الحرصُ على الأكفاء ذوي الدين و الخلق ، و تحقيقُ الاستقرار النفسي .


إن من الظلم البيِّن حرمانَ الفتيات من الزواج بمثل هذه الأساليب


و الأعذار الباردة و الحجج الواهية ، حتى ضاع على كثير من البنين و البنات


سنوات العمر، و عنس الكثيرون و الكثيرات

رد مع اقتباس