عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-22-2011, 12:39 AM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي 70 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( الهدية )


70 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( الهدية )
ألقاها الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع المجموعات الإسلامية الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب
================================================== ================================


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
70 - خطبتى الجمعة بعنوان ( الهدية )

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الحمد لله ذي الجلالِ و الإكرام و العِزّةِ التي لا تُضَام و المُلك الذي لا يُرام ،
أحمَد ربِّي و أشكره ، و أتوب إِليه و أستغفِره ،
و أشهَد أن لا إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريك له الملِك القدّوس السلام ،
و أشهد أنّ سيّدَنا و نبيّنا محمّدًا عبده و رسوله المبعوثُ رحمةً للأنام ،
اللّهمّ صلّ و سلّم و بارك على عبدك و رسولك محمّد ،
و على آله و صحبه الكرام .
أمـــا بعـــد :
فأوصيكم أيها الناس و نفسي بتقوى الله ـ عز و جل ـ ؛ إذ لا خير فينا إن لم نقلها ،
و لا خير فيمن سمعها و لم يعمل بها ، فتقوى الله ـ سبحانه ـ
طريق الفلاح و سلم النجاح و عنوان الصلاح .
{ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِى ٱلاْلْبَـٰبِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
[ المائدة : 100 ] .
أيها المسلمون ، لا يشك حصيف لبيب في أن المسلمين عامة في حاجة ماسة
إلى جمع الشمل ، و لم الشعث ، و اجتماع الكلمة ، و وحدة الصف ،
لتصفو لهم حياتهم ، و ينهل الناس مع بعضهم صفوا .
و إن من أعظم ما يحقق ذلك عباد الله ، و أجل ما يبعث الوئام في النفوس ،
و ما يسترضى به الغضبان ، و يستعطف السلطان ، و يسل السخائم ويدفع المغارم ،
و يستميل المحبوب ، و يتقى به المحذور بعد الله ،
الهدية التي تزيل غوائل الصدور و تذهب الشحناء من نفوس الناس ،
فالهدية حلوة ، و هي كالسحر تجتذب القلوب ،
و تولد فيها الوصال و تزرعها وداً ، ناهيكم عن كونها مكساة للمهابة و الجلال ،
و هي في أوجز عبارة ، مصائد للقلوب بغير لغوب ،
و لا غرو ـ عباد الله ـ في ذلك فأصل الكلمة من الهدى ،
و الهدى بمعنى الدلالة و الإرشاد ،
فكأنها تهدي القلب و ترشده إلى طرق المودة و التآلف .
الهدية ـ عباد الله ـ هي تمليك عين للغير على غير عوض ،
و هي مشروعة بين المسلمين ؛
عملا بقول النبي صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم :
(( تهادوا تحابوا ))
[أخرجه البخاري في الأدب المفرد والبيهقي بسند حسن ،
وفي رواية للترمذي:
((تهادوا، فإن الهدية تذهب وَحَرَ الصدر)) .
و التهادي بين النبي ( صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم )
و أصحابه أمر معروف مشهور ثابت بالسنة الصحيحة الصريحة ،
كما أن النبي ( صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم رغب في قبولها و الإثابة عليها ،
و كره ردها لغير مانع شرعي ، مهما كانت قليلة أو محتقرة ،
فلقد قال عليه الصلاة و السلام :
(( ولو أهدي إليّ ذراع أو كراع لقبلت ))
[ رواه البخاري ] ،
وللطبراني من حديث أم حكيم الخزاعية
قلت : يا رسول الله تكره رد الظلف ؟ قال :
(( ما أقبحه ! لو أهدي إلي كراع لقبلته )) .
و عند البخاري في صحيحه ،
أن رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) قال :
(( يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها و لو فرسن شاة ))
و الفرسن : عظم قليل اللحم .
ففي هذا كله الحض على قبول الهدية و لو قلّت ؛ لما في ذلك من التأليف و التآلف ،
و لو كانت يسيرة ؛ لأن الكثير قد لا يتيسر كل وقت ،
كما أن اليسير إذا تواصل صار كثيرا ، و القليل من صاحب الود لا يقال له : قليل ،
فتقع المودة و يسقط التكلف .
ويزداد الأمر تأكيدا على عدم رد الهدية، إذا كانت إحدى ثلاث أشار إليها
النبي ( صلى الله عليه وسلم )في قوله:
(( ثلاث لا ترد، الوسائد والدهن واللبن ))
[ رواه الترمذي ] ،
والدهن هو الطيب .
و حاصل الأمر ـ عباد الله ـ أن العاقل الحصيف ،
من يستعمل مع أهل زمانه شيئا من بعض الهدايا بما قدر عليه لذي رحمه الأقرب فالأقرب ،
و لجيرانه أقربهم منه بابا ، لاستجلاب محبتهم إياه ،
و إن البشر قاطبة مجبولون على محبة الإحسان و كراهية الأذى ،
و اتخاذ المحسن إليهم خلا وفيا ، و اتخاذ المسيء إليهم عدوا بغيضا .
و يالله ، فلطالما استعبد الإنسان إحسان كريم ، لا سيما إذا كان في موقف الرد على الإساءة ،
من غيبة أو نميمة أو نحوها ، و لقد روى الحافظ ابن حبان بسنده ،
أن أبا حنيفة ـ رحمه الله ـ لما اشتهر و علا صيته ،
قال فيه بعض حاسديه : كنا من الدين قبل اليوم في سعة ،
حتى بلينا بأصحاب المقاييس ، فبلغ ذلك أبا حنيفة ،
فبعث إليه بهدية جزاء ما فعل ، فلما قبضها القائل ندم ،
و ملكت الهدية قلبه فكفّر عما فعل بقوله :
إذا ما الناس يوما قايسونا بآوبـة من الفتيـا طريفـة
أتيناهم بمقياس صحيـح مصيب من طراز أبي حنيفة
إذا سمع الفقيه بها وعاها و أثبتها بحبـر في صحيفـة
الله أكبر ياعباد الله ! كم تزيل الهدية من السخائم ؟ !
و كم تنسخ من الشتائم ؟ !
و بعد ـ أيها الإخوة في الله ـ فإن ما مضى من الحديث عن الهدية
ببيان فضلها و أثرها و حكمها ، لا يمنع كونها محل تصنيف العلماء
و تقسيمهم إلى ما يجوز منها و ما لا يجوز ؛ و لأجل ذلك فإنه يجدر بنا أن نشير
إلى بعض المحاذير التي تقع فيها المجتمعات ، إبان حياتهم اليومية ،
اجتماعية كانت أو معيشية أو وظَيفِيَّة ، فيما يتعلق بالهدايا المحرمة ،
التي قد يغفل عنها كثيرون ، و يتغافل عنها مأفونون .
فمن ذلك ـ عباد الله ـ ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيميه ـ رحمه الله ـ
من أنه لا يجوز للمرء المسلم إذا شفع شفاعة أن يقبل هدية ممن شفع له عند ذي سلطان
مما هو مستحق له، لتكون مقابل شفاعته. وهذا هو المنقول عن السلف والأئمة الكبار،
بدليل قول النبي ( صلى الله عليه و سلم ) :
(( من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها
فقد أتى باباً من أبواب الربا ))
[ رواه أبو داود وهو حديث حسن ] .
و ذلك ـ عباد الله ـ أن الشفاعة الحسنة مندوب إليها ،
فأخذ الهدية عليها يضيع أجرها ، كما أن الربا يمحق الحلال ،
و لا يدخل في هذا التحريم ، من استأجر لإنجاز معاملة ما أو ملاحقتها
مقابل أجرة معينة فهذا من باب الإجارة الجائزة بالشروط الشرعية .
و من ذلك ـ عباد الله ـ تحريم الهدية للقاضي إذا كانت أهديت إليه لأجل كونه قاضيا ،
بدليل قول النبي ( صلى الله عليه و سلم ) :
(( لعن الله الراشي و المرتشي في الحكم ))
[ رواه أحمد والترمذي ] ،
إلا إن كان المهدي ممن له عادة بإهداء القاضي قبل أن يكون قاضيا
فلا بأس بالهدية حينئذ ما لم تكن حال خصومة قائمة للمهدي عند ذلك القاضي .
و من الهدايا المحرمة ـ عباد الله ـ هدية بعض الأولاد دون بعض ،
لما في ذلك من الحيف و الظلم ؛
حيث إن بعض الناس يعجبه بر بعض أولاده به دون بعض ،
لما يرى فيه من الخلال الحسنة و البر الوافي ،
فيكافئه على هذا بتخصيص عطية له دون غيره و الله ـ سبحانه ـ يقول :
(( اعدلوا هو أقرب للتقوى ))
[ المائدة : 8 ] .
و عن النعمان بن بشير ،
أن أباه أتى به إلى رسول الله ( صلى الله عليه و سلم )
فقال : إني نحلت ابني هذا غلاما
فقال رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) :
(( أكل ولدك نحلته مثله ؟ ))
فقال : لا ،
فقال رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) :
(( فأرجعه ))
[ رواه البخاري ] ،
و في لفظ لمسلم :
(( فلا تشهدني إذاً ، فإني لا أشهد على جور ))
، و في رواية لأحمد :
(( أليس يسرك أن يكونوا إليك في البر سواء )) .
و من الهدايا المحرمة ، ما يتناوله الشهود في المحاكم جزاء شهادتهم
و يسمونها هدية فإذا طلبوا إليها دون مقابل ، حلف أحدهم أنه ناسٍ لها ،
و أن قلبه ذو إغفال ، فإذا رأى المنقوش قال : ذكرتها .
و ما علم أولئك أن أداء الشهادة واجب بنص الكتاب
كما قال ـ تعالى ـ :
(( وَلاَ يَأْبَ ٱلشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ ))
[ البقرة : 282 ] .
و قال ـ سبحانه ـ :
(( وَلاَ تَكْتُمُواْ ٱلشَّهَـٰدَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءاثِمٌ قَلْبُهُ
وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ))
[ البقرة : 283 ] .
و من ذلك ـ عباد الله ـ ، ما كان من الهدايا ، في مقابل التنازل عن حق الله و شرعه ،
أو إقرار الباطل و الرضى به ، كما ذكر الله ذلك عن ملكة سبأ
في محاولتها مع سليمان ـ عليه السلام ـ :
(( وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون )) ،
و قال قتادة : ما كان أعقلها في إسلامها و شركها ، علمت أن الهدية تقع موقعا من الناس ،
و كانت قد قالت: إن قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه ، و إن لم يقبلها فهو نبي فاتبعوه .
(( فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ
فَمَا ءاتَـٰنِى ٱللَّهُ خَيْرٌ مّمَّا ءاتَـٰكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ))
[ النمل : 36 ] .

رد مع اقتباس