عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-11-2013, 01:31 AM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

معاشرَ الإخوة
الرفقُ هو منهجُ نبيِّنا و حبيبنا و سيِّدنا
محمّد صلى الله عليه و آله و سلّم منحه ذلك ربُّه ،
و امتنَّ به عليه بقوله تعالى :
{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ
لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ }
[آل عمران: 159] .
فرسولُ الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
هو المثلُ الأعلى و الأسوةُ الأولى في أفعالِه و أقوالِه و معاملاتِه
رِقّةً و حُبًّا و عطفا و رِفقًا ،
يقول أنس رضي الله عنه :
[ خدمتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه و على آله
و صحبه و سلم
عشر سنين ، والله ما قال لي أُفًّا قطّ ،
و لا قالَ لشيءٍ : لِمَ فعلتَ كَذَا ؟ و هلا فعلتَ كذا ؟ ]
متفق عليه.
و عنه رضي الله عنه قال :
[ كنتُ أمشِي معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
و عليه بُرْدٌ غليظُ الحاشية ، فأدركه أعرابيّ فجذبَهُ جذبةً شديدة
حتى نظرتُ إلى صَفحةِ عاتِقِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه
و على آله و صحبه و سلم و قد أثَّرتْ بها حاشيةُ البردِ من شدّة جذْبتِه ،
ثم قال: يا محمد ، مُرْ لي من مالِ اللهِ الذي عندَك ،
فالتفت رسولُ اللهِ صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم و ضحِكَ،
و أمرَ له بعطاء ] .
أخرجه البخاري .
الله أكبر ما لانت القلوب ، و أخبتت لعلام الغيوب ،
و الله أكبر ما صفت النفوس و سبحت للملك القدوس ،
الله أكبر الله أكبر و لا إله إلا الله ، و الله أكبر ، الله أكبر و لله الحمد .
أيّها المسلمون
الرفقُ سلوكٌ كريم في القول و العملِ و توسّطٌ في المواقف ،
و اعتدالٌ و توافق ، و اختيارٌ للأسهل و الألطف .
ليس للرفقِ حدودٌ تقيِّده و لا مجالٌ يحصُره ،
بل هو مطلوبٌ في كلِّ الشؤون و الأحوال و في الحياة كلِّها
و في شأنِ المسلم كلِّه .
يأتي في مقدّمة ذلك المطلوباتُ الشرعية ؛
فربّنا - عزَّ شأنه - رفيق بخلقِه رؤوف بعباده كريم في عفوه رفيقٌ في أمره و نهيه ،
لا يأخذ عبادَه بالتكاليف الشاقّة ،
{ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }
[التغابن: 16] ،
{ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا }
[البقرة: 286] ،
{ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }
[البقرة: 185]
و من أعظم صوَر الرفق أيها الأحبة :
الرفقُ بالأهل و الأسرةِ من الآباءِ و الأمهاتِ و الأطفالِ و الزّوجات .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" شِدّة الوطأة على النساء مذموم ؛
لأنَّ النبي صلى الله عليه و سلم أخذَ بسيرةِ الأنصار في نسائِهم
و تركَ سيرةَ قومه " .
أيّها الأبناء
ارفُقوا بآبائكم و أمهاتكم ، أحسِنوا الصحبة ، و لينوا في المعاملة ،
{ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }
[الإسراء: 24] .
أيّها الآباء ، أيّها الأمّهات
ارفقوا بأبنائكم و بناتِكم ؛ فربكم يعطِي على الرفقِ ما لا يعطِي على العنفِ ،
و إذا أراد الله بأهلِ بيتٍ خيرًا أدخل عليهم الرفق .
ترفَّقوا بالخدمِ و العمّال ، و لا تكلِّفوهم ما لا يطيقون ،
و أحسِنوا مخاطبتَهم ، و أعطوهم أجورَهم طيِّبةً بها نفوسُكم
في مواعيدِها و إذا طلبوها ، و أطعِموهم مما تطعمون .
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال :
يا رسول الله ! كم أعفو عن الخادم ؟
فصمت عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم ،
ثم قال : يا رسول الله ! كم أعفو عن الخادم ،
فقال صلى الله عليه و سلم :
( كل يوم سبعين مرة )
أيّها المعلِّمون أيّها الدّعاة أيّها المسؤولون
ارفقوا و ترفَّقوا ؛ فالرفقُ و الإحسان أسرعُ قبولا و أعظمُ أثرًا .
و بعد عبادَ الله
فالحلم بالتحلُّم ، و العلم بالتعلُّم ، و الرفق بالترفّق ،
و حُسن الخلق كلّه بالتخلّق ، و من يَتوخَّ الخير يُعطَه ،
و من يتوقَّ الشر يوقَه ، و أوّل المودّة طلاقةُ الوجه ،
و الثانيةُ الرفقُ و التودّد ، و الثالثة قضاء حوائج الناس .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،
{ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ *
وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ
فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ }
[الأعراف: 199-201] .
الله أكبر ما عنَت الوجوه للحيّ القيوم ،
و الله أكبر ما ندِم المقصِّرون ، و استغفر المذنبون ،
الله أكبر ، و لله الحمد .
بارك الله لي و لكم و نفعني الله و إياكم بالقرآن العظيم ،
و بهدي سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم .
و أقول قولي هذا ،
و أستغفر الله لي و لكم و لسائرِ المسلمين من كلّ ذنب و خطيئة ،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

رد مع اقتباس