الحمد لله لم يزل بالمعروف معروفًا ، و بالكرم و الإحسان موصوفاً ،
يرسل آياته و نذره و ما يرسل بالايات إلا تخويفاً ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
يكشف كربًا ، و يغفر ذنبًا ، ويغيث ملهوفًا ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدًا عبده و رسوله ،
صلى عليه الله و سلم و بارك عليه و على آله و صحبه أهل الوفا ، و ينبوع الصفا ،
و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أمّـــا بعـــــد :
ففي الصحيحين عن أمنا أم المؤمنين
السيدة / عائشة رضي الله عنها و عن أبيها أنها قالت :
كسفت الشمس في عهدِ النبيّ صلى الله عليه و سلم ،
فصلّى رسول الله عليه الصلاة و السلام بالناس ،
فقام فأطال القيام ، ثمّ وصفَت الصلاةَ إلى أن قالت :
ثم انصرفَ رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد انجلتِ الشمس ، فخطب الناسَ ،
فحمِد الله و أثنى عليه ، ثم قال :
(( إنَّ الشمس و القمر آيتان من آيات الله عزّ و جلّ ، يخوّف بهما عبادَه ،
لا يخسِفان لموت أحدٍ و لا لحياته ،
فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله و كبِّروا و صلّوا و تصدّقوا )) ،
ثم قال :
((أيّها الناس ، و الله ما مِن أحدٍ أغير من الله أن يزنيَ عبدُه أو تزني أمتُه ،
و الله لو تعلَمون ما أعلم لضحِكتم قليلاً و لبكَيتم كثيرًا )) ،
و في رواية في الصحيحين أن النبيَّ صلى الله عليه و سلم أمرهم أن يتعوّذوا بالله من عذاب القبر .
و في الصحيحين أيضًا عن ابن عباس رضي الله عنهما
أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم تقدّم في هذه الصلاة ثم تأخّر ،
و قال :
(( إني رأيتُ الجنة ، فتناولتُ عنقودًا لو أصبتُه لأكلتم منه ما بقِيت الدنيا ،
و رأيتُ النار ، فما رأيتُ منظرًا كاليوم قطُّ أفظع ، و رأيتُ أكثرَ أهلها النساء )) ،
قالوا : بم يا رسول الله ؟
قال:
(( بكفرهِنّ )) ،
قيل: يكفرنَ بالله ؟!
قال :
(( يكفرن العشير ، و يكفرنَ الإحسان ،
لو أحسنتَ إلى إحداهنّ الدهرَ كلَّه ثم ّرأَت منك شيئًا
قالت : ما رأيتُ منك خيرًا قطّ )) .
و في الصحيحين أيضًا من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما
أنَّ النبيَّ صلى الله عليه و سلم أنه قال في خطبته تلك :
(( ما من شيء كنتُ لم أره إلا رأيتُه في صلاتي هذه ـ أو قال : ـ
في موقفي هذا ، حتى الجنة و النار،
و لقد أوحي إليّ أنكم تفتنون في القبور مثلَ أو قريبًا من فتنة الدجال ،
ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر ،
يؤتَى أحدُكم فيقال له : ما عِلمُك في هذا الرجل ؟ فأما المؤمن ـ أو الموقن ـ
فيقول : محمد رسول اللهم صلى الله عليه و سلم ،
جاءنا بالبينات و الهدى ، فآمنّا و اتبعنا و أجبنا ،
فيقال : نم صالحًا ، قد علِمنا إن كنتَ لموقنًا ،
و أمّا المنافق ـ أو المرتاب ـ فيقول :
لا أدري ، سمعتُ الناس يقولون شيئًا فقلته ))