عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-15-2010, 12:23 PM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي 26 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / الرؤى و الأحلام

26 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / الرؤى و الأحلام
لفضيلة العضو الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب
================================================== ================================
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الحمد لله ، أبدع الكائنات بقدرته ، و سوى أمور الخلائق بحكمته :
{ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا }
[الفرقان:2] ،
و أشهد أن لا إله إلا الله تقدّس سبحانه و تنزه ، الحق كتابُه ، و العدل بابُه ،
{ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ }
[الرعد:8] ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدًا عبده و رسوله ،
إمام المتقين و قائد الغرِّ المحجلين و صفي الخلق أجمعين ،
صلوات ربي و سلامه عليه و على آله الطيبين الطاهرين ،
و على أصحابه أولي الأحلام و النهى و أهل المكرمات الأولى و الدرجات العلى ،
اللهم أرضَ عنهم أجمعين ، و عنا معهم بعفوك و كرمك يا أكرم الأكرمين .
أمــــا بعــــــد :
فاتقوا الله معاشر المسلمين ، و أعلموا أن هذه الدنيا دار ممرّ ،
و أن الآخرة هي دار القرار ،
(( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ *وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ))
[الزلزلة:7، 8] .
أيها الناس ، إن لبني آدم ولَعاً بالغاً و شغفاً ثائراً فيما يتعلق بالأمور الغيبية ،
الماضي منها و اللاحق،
و إنكار هذه الظاهرة ضربٌ من ضروب تجاهل الواقع و النأي عنه .
غيرَ أن تراوُحَ هذه الظاهرة صعوداً و هبوطاً يُعدّ مرهوناً
بمدى قرب الناس من مشكاة النبوة و الشِّرعة الحقة التي أحكمت هذا الباب
و أخبر الله سبحانه و تعالى من خلالها بقوله :
(( عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ))
[الجن:26، 27] .
و لا غرو حينئذ إذا وجدنا هذه العصور المتأخرة مظِنةً للخلط و اللغط
بالحديث عن الغيبيات و توقان النفوس الضعيفة إلى مكاشفتها ،
ما بين مؤمن بالخرافة و راضٍ بالكهانة و آخرين سادرين في السجع و التخمين
يقذفون بالغيب في كل حين ، مع أن آيات الله تُتلى عليهم بكرةً و عشياً
و فيها قوله سبحانه و تعالى :
(( قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وٱلأرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ))
[النمل:65] ،
و تُقرأ عليهم سنة المصطفى صلى الله عليه و سلم و فيها قوله :
(( خمس لا يعلمهن إلا الله عز و جل : و قرأ
(( إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلأَرْحَامِ
وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىّ أَرْضٍ تَمُوتُ
إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ ))
[ لقمان:34] ))
رواه الترمذي .
ثم إن الناجين من هذه الظاهرة قد لا يسلمون من تطلُّع آخر يحملهم عليه الشغف
و رَوم معرفة الحال اللاحقة ، و التي يظنون أن لها إرتباطا وثيقا باستقرار
مستقبلهم من عدمه ، فاشرأبَّت نفوسهم إلى الوقوف على ذلك في مناماتهم
من خلال ما يعتريهم من رؤى و أحلام ، و لذا فإن أحدنا قد يلاقي أخاً له أو صديقاً
فيراه عبوسا متجهِّما أو فرحا مسرورا ، فيزول عنه العجب حينما يعلم
أن سببَ هذا الفرح أو الحزن رؤيا مؤنسة أو أخرى مقلقة .
و هذا الأمر ـ عباد الله ـ ليس قاصراً على أفراد الناس و عامتهم فحسب ،
بل يشاركهم فيه العظماء و الكبراء ، فكم أقضّت الرؤيا عظيما من مضجعه ،
و كم بشَّرت الرؤيا أفرادا بمستقبلهم ، و كم شغلت شعباً كبيرا برمته ،
و ما رؤيا يوسف عليه السلام بغائبة عنا ، و لا رؤيا ملك مصر بخافية علينا ،
فقد أجتمع فيها تبشير و تحذير في آن واحد ،
إذ بشارتها هي السَّعة عليهم في الرزق سبعَ سنين ،
و نذارتها هي في الجدب و القحط سبعًا مثلها .
الرؤى ـ عباد الله ـ لها أهميتُها الكبرى في واقع الناس قبل الإسلام و بعد الإسلام ،
لكنها من خلال نظرات المتعلمين و المثقفين قد تتفاوت تفاوتاً كثيراً
في اختلاف المرجعية من قبل كل طائفة ، فقد أنكرها الفلاسفة ،
و نسبوا جميع الرؤى إلى الأخلاط التي في الجسد ،
فرأوا أنها هي التي تحدث انعكاسا مباشرا على نفس الرائي
بقدر هيجان الأخلاط التي في جسده .
و لبعض علماء النفس مؤقفٌ سلبي تجاه هذه الرؤى أيضاً ،
قاربوا فيه قول الفلاسفة فجعلوها خليطا من الأمزجة و الرواسب التي تكمُن في
ذاكرة الإنسان فيهيّجها المنام ، حتى قصروا أمرَها في قالب مادي صِرف كما زعموا .
و أما شريعة الإسلام فإن علماءَها و أئمتَها قد ساروا على منهاج النبوة
و وقفوا من الرؤى بما نصَّ عليه الكتاب و السنة ،
فذهبوا إلى أن الرؤيا المنامية الصالحة الصادقة إنما هي حق من عند الله ،
فمنها المبشِّرة و منها المنذرة ، لما روى مالك في الموطأ و غيره
عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
(( ذهبت النبوة وبقيت المبشرات )) ،
قيل : و ما المبشرات ؟
قال :
(( الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له ))
و التبشير هنا ـ عباد الله ـ يحتمل التبشير بالخير و التبشير بالشر
كما قال عز و جلّ عن الكفار :
(( فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ))
[آل عمران:21] .
و هذه الرؤيا ـ عباد الله ـ هي التي قال عنها الصادق المصدوق
صلوات الله و سلامه عليه حيث قال :
(( إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ،
وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا ،
و رؤيا المؤمن جزء من ستة و أربعين جزءاً من النبوة ))
الحديث رواه البخاري و مسلم .
و بعدُ يرعاكم الله ، فلقد تكالبت همم كثير من الناس في هذا العصر
بسبب الخواء الروحي الذي يتبعه الجزع و الخوف و نأيُ النفس عن تعلقها بالله
و إيمانها بقضائه و قدره و بما كان و يكون و أن شيئا لن يحدث إلا بأمر الله و مشيئته ،
فما شاء كان و ما لم يشأ لم يكن ، حتى لقد تعلَّقت نفوسهم بالرؤى و المنامات
تعلُّقًا خالفوا فيه من تقدَّمهم في الزمن الأول من السلف الصالح ، ثم توسَّعوا فيها ،
و في الحديث عنها و الأعتماد عليها ،
إلى أن أصبحت شغلَهم الشاغل عبر المجالس و المنتديات و المجامع
بل و القنوات الفضائية ، إلى أن طغت على الفتاوى الشرعية ،
فأصبح السؤال عن الرؤى أكثر بأضعافٍ عن السؤال في أمور الدين
و ما يجب على العبد و ما لا يجب ،


التعديل الأخير تم بواسطة vip_vip ; 12-15-2010 الساعة 12:27 PM
رد مع اقتباس