عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-07-2013, 12:12 AM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي خطبتى الجمعة 183 بعنوان : السفر قطعة من سقر

183 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان :
( الـسـفـر قـطـعـة مـن سـقـر )
ألقاها فضيلة الأخ الشيخ / نبيل بن عبدالرحيم الرفاعى


أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع المجموعات الإسلامية الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة





الحمد لله تعظم ملكوته فاقتدر ، و عز سلطانه فقهر ،



و أشهد أن لا إله إلا الهه وحده لا شريك له


أمرنا بتقواه في الحضر و السفر ،


و أشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله و رسوله


الشافع المشفع في المحشر،


صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله السادة الغرر ،


و التابعين و من تبعهم بإحسان و سلم تسليماً كثيراً .



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



فيا عباد الله



خيرُ الوصايا الوصيّة بتقوى ربِّ البرايا ،


فتقواه سبحانه أنفع الذخائر للمسلم و أبقاها ، و آكدُ المطاب و أقواها ،


في قفوها منازلُ الحقّ و التوفيق ، و في التزامها الاهتداء إلى الرأي الثاقبِ الوثيق ،



فاتقوا الله رحمكم الله



في كلّ أحوالكم ، في حلّكم و ارتحالكم،


و ظعنِكم و انتقالكم ، و مَن تنكّب سواء التقوى انقلب خاسئًا و هو حسير ،


فلبئس المولى و لبئس العشير.



أيها المسلمون :



ما أكثر ما يسافر الناس لشؤون حياتهم ! مادية أو معنوية ،


و لقد سافر رسول الله صلى الله عليه و سلم مرات و مرات ،


إبّان شبابه قبل البعثة جهاد و تجارة ، و بعد نبوته ما بين حج و عمرة .


و السفر غالباً يعري الإنسان من الأقنعة التي كانت تحجب طبيعته ،


و ما سمي السفر سفرا إلا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال ، و لذا فإن السياحة في الأرض ,


و التأمل في عجائب المخلوقات ، مما يزيد العبد معرفة بربه ـ عز و جل ـ ،


و يقينا بأن لهذا الكون مدبرا ، لا رب غيره و لا معبود بحق سواه .


فالمسافر يتأمل ثم يتدبر ثم يخشى ،


كل ذلك حينما يرى عجيب صنع الله و عظيم قدرته



{ صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ }



[ النمل : 88 ] .



و لقد أنكر الله ـ سبحانه ـ على من فقد هذا الإحساس المرهف



بقوله تعالى



{ وَكَأَيّن مِن ءايَةٍ فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ }



[ يوسف : 105 ] .



السفر عباد الله



معترى بحالتين اثنتين : حالة مدح و حالة ذم ؛


فالخروج من الملل و السآمة و الضيق و الكآبة من الناس و المكان للتأمل في خلق الله ،


أو طلب علم نافع ، أو صلة قريب أو أخ في الله هو سمة السفر الممدوح ،


و هو مذموم أيضا ، من جهة كونه محلا للمشاق و المتاعب ؛


لأن القلب يكون مشوشا و الفكر مشغولا من أجل فراق الأهل و الأحباب ؛



و لذا قال فيه النبي صلى الله عليه و سلم :



( السفر قطعة من العذاب ، يمنع أحدكم طعامه و شرابه و نومه ،


فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله )



[ رواه البخاري و مسلم يرحمهما الله ] .



و المراد بالعذاب يا عباد الله



الألم الناشئ عن المشقة ، لما يحصل في الركوب و السير من ترك المألوف .


و لقد ذهب بعض أهل العلم كالخطابي و غيره ، إلى أن تغريب الزاني ،


إنما هو من باب الأمر بتعذيبه ـ و السفر من جملة العذاب ـ


و لقد سئل فضيلة إمام الحرمين : لم كان السفر قطعة من العذاب ؟


فأجاب على الفور : لأن فيه فرقة الأحباب .



إخوةَ العقيدة



إنّ السفر الذي احتُسب فيه الأجر و الثواب و حُرِص فيه على الطاعة


لهو بحقّ روضة للعقول , و بلوغ للأنس المأمول ، و هو مَجْلاة للسّأمة ،


و بُعدٌ عن الرّتابة و النمطيّة ، و فضاءٌ رحب للاعتبار و الادكار ،



{ قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلأرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ }



[ العنكبوت : 20 ] .



إبّان السفر تتجلّى عظمة الخالق البارئ سبحانه ،


فتخشعُ له القلوب أمام بديع السموات و الأرض ، أمامَ بديع خلقِ الطبيعة الخلاّبة ,


و تسبّحه الروح لمفاتنها الأخّاذة الجذّابة ، أراضٍ شاسعةٌ فسيحة ،


أنبتت أجملَ زهر بأطيب ريح ،



{ أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ ٱلسَّمَاء مَاء


فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ }



[ النمل : 60 ] ،



{ أَمَّن جَعَلَ ٱلأرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلاَلَهَا أَنْهَارًا


وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِىَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءلـٰهٌ مَّعَ ٱللهِ }



[ النمل : 61 ] .




فسبحان الله عباد الله



مشاهدُ في الطبيعة ذائعة ، و مخلوقات بديعة تدهِش الألباب ،


و في إتقانها العجب العجاب ، تفعِم النفسَ و القلب مسرّة و ابتهاجًا ،


لكن شريطةَ أن تكونَ على ممسٍّ من القلب و الروح و الفكر .


و سبحانَ الله ، كم يغلب على كثير من الناس أن يمرّوا بهذه المناظر


و كأنهم إزاءَها دونَ نواظر ،



{ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ ءاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا


فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأبْصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ }



[ الحج : 46 ] .


التعديل الأخير تم بواسطة بنت الاسلام ; 06-07-2013 الساعة 12:15 AM
رد مع اقتباس