الشيخ محمد كامل السيد رباح
وفي زمن غاب فيه طعم الأخوة ، وندر الصديق الوفيّ،
فكم نحن بحاجة إلى التذكير بحقوق الصُّحبة؛ لتكون الأخوة صادقة،
وليدخل أصحابها في وصف المتحابين في الله؛
رجاء أن يكونوا من المُستظلِّين بظل العرش .
المواساة بالمال، فالمتآخيان إذا احتاج أحدهما لمالٍ سدَّ خلتَهُ صاحبُه،
وأي صداقة وأخوة تُدَّعى إذا كان الأصحاب يظل أحدهما محتاجًا
والآخر موسرًا لا ينظر لحال أخيه؟!
وقد رأى بعض الحكماء رجلين يصطحبان لا يفترقان،
فقال: فما بال أحدهما غنيًّا والآخر فقيرًا؟
إن الأخ الصادق يُعين في سداد دَيْنِ إخوانه تقربًا لله؛
لقي حكيم بن حزام عبدالله بن الزبير بعدما قُتل الزبير فقال:
كم ترك أخي عليه من الدين؟
فقال: ألفي ألف، فقال: عليَّ نِصفها،
وكان ابن سوقة له جرار فيها مال، وعندما دخل عليه إخوانه قال لهم:
مَن احتاج إلى شيء فليأخذ.
وقال الحسن: كنا نعدُّ البخيل الذي يُقرض أخاه، وقال:
ليس من المروءة أن يربَحَ الرجل على صديقه.
وقال يزيد بن عبدالملك: إني لأستحي من الله أن أسال الجنة
لإخواني وأبخل عليهم بدينار أو دِرهَم.
سمعتُ مساور الورَّاق يحلف بالله - عزَّ وجلَّ -:
ما كنتُ أقول لرجل إني أحبك في الله - عز وجل - فأمنعه شيئًا من الدنيا.
قال علي رضي الله تعالى عنه:
لعشرون درهمًا أُعطيها أخي في الله أحب إلي
من أن أتصدَّق بمائة درهم على المساكين،
ومعلوم أن هذه أمثلة لقومٍ لديهم القُدرة في أموالهم.
نعم، إنها أمثله ونماذج عالية لربما لم تجدها في زماننا،
ولكن؛ لا أقل من أن يتفقَّد المرء إخوانه، ويسدَّ حاجتهم،
فذاك من حق أخوَّتِهم عليك،
وكمال ذلك بأن تتفقَّدهم قبل أن يتعرَّضوا لشيء،
ويدوم التفقد لهم ولأهلهم ولو بعد رحيلهم بسفر أو بموت.