من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
معنى اسم الله الحكيم (16)
- الأَرْضُ دَارُ ابْتِلاَءٍ وَامْتِحَانٍ:
وَاقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ سُبْحَانَهُ اسْتِخْرَاجَ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ إِلَى دَارٍ تَجْرِي عَلَيْهِم فِيهَا
أَحْكَامُ دِينِهِ وَأَمْرِهِ؛ لِيُظْهِرَ فِيهِم مُقْتَضَى الأَمْرِ وَلَوَازِمِهِ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ كَمَا
أَنَّ أَفْعَالَهُ وَخَلْقَهُ مِنْ لَوَازِمِ كَمَالِ أَسْمَائِهِ الحُسْنَى وَصِفَاتِهِ العُلَى فَكَذَلِكَ أَمْرُهُ
وَشَرْعُهُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الثَّوَابِ وَالعِقَابِ، وَقَدْ أَرْشَدَ سُبْحَانَهُ إِلَى هَذَا
المَعْنَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ.
فَقَالَ تَعَالَى:
{ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى }
[القيامة: 36]،
أَيْ: مُهْمَلًا مُعَطَّلًا لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُنْهَى وَلَا يُثَابُ وَلَا يُعَاقَبُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا
مُنَافٍ لِكَمَالِ حِكْمَتِهِ، وَأَنَّ رُبُوبِيَّتَهُ وَعِزَّتَهُ وَحِكْمَتَهُ تَأْبَى ذَلِكَ، وَلِهَذَا أَخْرَجَ
الكَلَامَ مَخْرَجِ الإِنْكَارِ عَلَى مَنْ زَعَمَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُسْنَهُ مُسْتَقِرٌّ فِي
الفِطَرِ وَالعُقُولِ، وَقُبْحَ تَرْكِهِ سَدٌّ مُعَطَّلٌ أَيْضًا مُسْتَقِرٌّ فِي الفِطَرِ، فَكَيْفَ يُنْسَبُ
إِلَى الرَّبِّ مَا قُبْحُهُ مُسْتَقِرٌّ فِي فِطْرَتِكُمْ وَعُقُولِكُم.
وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
{ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ *
فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ }
[المؤمنون: 115، 116]،
وَنَزَّه نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ عَنْ هَذَا الحُسْبَانِ البَاطِلِ المُضَادِّ لِمُوجِبِ أَسْمَائِهِ
وَصِفَاتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ، وَنَظَائِرُ هَذَا فِي القُرْآنِ كَثِيرَةٌ
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين