عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-20-2011, 12:20 AM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي

إخوةَ الإيمان ، و لسيرةِ النبيِّ المختار صلى الله عليه و سلم مكانتها

و مقامها فيِ النفوس التي أحبَّته و أجلّته ، و الأفئدةِ المولعة بشمائله و خصالِه ،

و إرضاءً لذلك الحبّ الطهور ،

هذه ومضاتٌ و إلماحات من سيرتِه المشربة بالرحمة و الرأفة و الحنان .

فيومَ أن اشتدَّ أذى قومِه له ، فانطلَقَ و هو مهمومٌ على وجهه عليه الصلاة و السلام ،

فلم يستفِق إلاّ و هو بقرنِ الثعالب ،

فناداه ملك الجبال

و قال:

يا محمّد ، إن شِئتَ أن أطبقَ عليهم الأخشبين ،

فقال صلى الله عليه و سلم وهو الرؤوف الرحيم :

( بل أرجو أن يخرِجَ الله من أصلابهم من يعبدُه وحدَه لا يشرك به شيئًا )

أخرجه الشيخان .

فسبحان الله عبادَ الله ، انظروا كيفَ قابلوه بالتَّهَجّم و النكران ، فوهبهم العفوَ و الغفران ،

و صدق الله العظيم إذ يقول :

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }

[الأنبياء:107] ،

و قال عليه الصلاة و السلام :

( إنَّما أنا رحمةٌ مهداة )

أخرَّجه البخاري .

و في فتحِ مكّةَ حين اشتدَّ الفزعُ بمشركي قريش و ظنّوا كلَّ الظنّ أنّ شأفتَهم مستأصلة ،

وقف منهم الرسولُ الشاكر الرحيم ، المانّ الحليم

و قال عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم :

( ما تظنّون أنِّي فاعل بكم ؟ )

قالوا : خيرًا ؛ أخٌ كريم و ابن أخٍ كريم ،

قال الحبيب المصطفى :

( اللّهمّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، اذهَبوا فأنتم الطلقاء ) .

الله أكبر ، يا له من نبيٍّ ما أعظَمَه ، و مِن رسولٍ ما أكرمه .

إنّه المثل الأعلى للإنسانيّة ؛ انتَصَر فرحِم و عفا ، و قدَر فصفَح و ما جفا .

و صفوةُ القول ياعباد الله هو قول الحق سبحانه :

{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }

[الأحزاب:21] ،

أسوةٌ في جميع ضروب الحياة و تصاريف الأمور و المعاملاتِ ،

{ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ }

[الأنعام:124] ،

{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُوَيَخْتَارُ }

[القصص:68] .

إنَّها النفس التي عانَقَت السماء ، و عاشَت على الثَّرى دانيةً من الناس ،

مِلؤُها الإحسان المدِيد و العقلُ السديد و الرأي الرّشيد ،

في أقصى آمالِ الحِرص و الإخلاص و الصّدق و الأمانة .


معاشرَ المسلمين ، ثلاثةٌ و عشرون عامًا مِن الدعوة و الصبر و التعليم و الجهاد

تقِف شامخةً على قمَّة الزمنِ و الحضارة و التأريخ ، لا تجِد فيها ساعةً أو خطوَة

توصَف بالضياع أو الإهدارِ .


أمّةَ الإسلام ، أحباب سيّدِ الأنام ، و مع كلِّ هذا الجلاء و البهاء في سيرةِ خير الورَى ،

لا يزالُ أرباب النّفاق و مَردَة الكُفرِ و مُسوخ العولمة و التغريب ينشرون أباطيلَهم

و حقدَهم عبرَ الحمَلات و الشبكات حِيالَ الجناب المحمدّيّ الأطهر و الهديِ المصطفويّ الأزهَر ،

فيا وَيحهم ،

يَرمون من أرسلَه الله رحمةً للعالمين بالقَسوة و الجفاء و الإرهابِ و الغِلظة و الشناءَة ،

في رسومٍ ساخِرة و دِعايات سافِرة و حملات ماكِرة ، فالله حسبنا و حسيبُهم .

و ما عُدَّتهم إلاّ الافتراء و الزور،

و قد علِموا يقينًا قاطعًا أنّ النبيَّ الأمّيَّ الهاشميّ القرشيّ صلوات ربي و سلامُه عليه

قد جاء للبشريّة بأسمى الحقائِق و أزكى الآداب ، و أرقى النُّظُم و أجلى الشرائع ،

و لكن

{ وَجَحَدُوا بِهَاوَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًاوَعُلُوًّا }

[النمل:14] .

الله أكبر ،

{ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ }

[الكوثر:3] ،
ولله درُّ حسّانَ رضي الله تعالى عنه :
هجوتَ مباركًا برًّا حنيفًا أميـنَ الله شِيمتُه الوفاءُ
فإنَّ أبي و والدَه و عِرضي لعِرضِ محمّدٍ منكم وقاء
أمّةَ الإسلام في كلّ مكان ، و إذا كانَت المآسي تلفَح وجوهَنا في كلِّ شبرٍ و واد ،
فإنّه لِزامًا على الأمّة و قد رضِيَت بالركون إلى هذه الدنيا ، و ضعُف حبلُ صِلَتِها بهذِه السّيرةِ الهادِية ،
أن تَنثَنِي إلى السيرة النبوية في شمولٍ و عُمق و جِدٍّ و صِدق ،
و أن تكونَ أشدَّ تعلُّقًا بنبيِّها صلى الله عليه و سلم و سيرتِه عليه الصلاة و السلام تأسِّيًا و فهمًا
و سلوكًا و استبصارًا و اعتبارًا ؛ لتنتشلَ نفسَها من العجزِ و التمزّق ،
و الفِتن و الانحدار التي مُنِيت بها في هذهِ الآونةِ المتأخرة ،
و لْتعلِنها مدوّيَة خفّاقةً أنّ السيرة النبويّةَ و المناقب المحمّديّة على صاحبها أزكَى صلاة و سلامٍ ،
هي مناط العِزّ و النصر الذي سوف يعرُج بالأمة إلى مراتب السّؤدَد و التمكين ،
و هي التي تقضِي على جدلٍ كلِّ عنيد و خداع كلِّ ماكر و نفاق كلِّ دعِيّ ،
و هي الحجّة القاطعة لدحرِ المتهجمين على أصولِ الشريعة و أحكامها
مِن قليلِي البصيرة و سُفَهاء الأحلام .
السيرةُ النبويّة ـ يا رعاكم الله ـ هي الشمسُ الساطعة التي تربَّى عليها الأجيالُ
بمنهج الوسَطِ و الاعتدال بعدَ أن تلقَّفَتهم الغرائز و الشهوات في الإعلام و الفضائيّات ،
و طوَّقتهم الشّبهات في الشبكاتٍ و المنتدَيَات ، حتى جفَّت في قلوبهم ينابيعُ الحبِّ المورِقِ
لنبيِّهم صلى الله عليه و سلم و شمائِلِه و صَحبهِ إلاّ مَن رحم الله .
يا أمّة الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم ،
و لن يتحقَّق الحبّ النبويّ المكين في أكملِ معانيه و أحكمِ مبانيه
إلاّ إذا كانت لُحمتُه الاتِّباعَ و الاقتداء ، و وسيلته العمل و الاهتداء .
ألا فاتقوا الله عباد الله ، و تحلًوا بشمائل نبيِّكم صلى الله عليه و سلم و أخلاقِه ،
و تزيَّنوا بمناقبِه و آدابِه ، و تمثَّلوا هديَه، و ترسَّموا سنّتَه ، و عَضّوا عليها بالنواجذ ،
تغنَموا و تنعَموا و تسودوا و تقودوا .
{ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِوَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }
[يوسف:21] .
أعوذ بالله العلى العظيم من الشيطان الرجيم ،
{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْوَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَوَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الكَافِرِينَ }
[آل عمران:31، 32] .
بارك الله لي و لكم في الوَحيين ، و نفعني و إيّاكم بهدي سيِّد الثقلين ،
أقول قولي هذا ، و أستغفر الله العظيم الجليل لي و لكم و لسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ ،
فاستغفروه و توبوا إليه ؛ سبحانه إنه كان توّابًا رحيما

رد مع اقتباس