الموضوع: أهل الصدق
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-13-2016, 02:24 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,986
افتراضي أهل الصدق


من:الأخت / الملكة نــور
أهل الصدق
إذا دخلوا في السماع الباطل

و لهذا كان بعض الصادقين إذا فارق السماع

بادر إلى تجديد التوبة و الاستغفار ،

و أخذ في أسباب التداوي التي يُدفع بها موجب أسباب

القبض و الوحشة و البعد.

و هذا القدر إنما يعرفه أولوا الفقه في الطريق أصحاب الفِطَن ،

المعتنون بتكميل نفوسهم ، و معرفة أدوائها و أدويتها و الله المستعان.

و لا ريب أن الصادق في سماع الأبيات قد يجد ذوقاً صحيحاً إيمانياً ،

و لكن ذلك بمنزلة من شرب عسلاً في إناء نجس.

و النفوس الصادقة ذوات الهمم العالية رفعت أنفسها عن الشراب

في ذلك الإناء تقذراً له ، ففرت منه لاستقامتها و طهارتها ،

و علو همتها فهي لا تشرب ذلك الشراب إلا في إناء يناسبه ،

فإذا لم يجد إناء يناسبه صانت الشراب عن وضعه في ذلك الإناء ،

و انتظرت أن يليق به.

و غيرها من النفوس تضع ذلك الشراب في أي إناء انفق لها ؛

من عظام ميتة أو جلد كلب أو خنزير أو إناء خمر ،

طالما ما شرب به الخمر ،

أو لا يستحي الغراب أن يشرب أطيب شراب

و ألذه في هذه الآنية ؟


و لو جرَّد الصادق ذلك في حال سماعه لوجد ذوقه من ذلك ،

و لكن حلاوة العسل تغيب عنه نتنه و قذره و أثر قبحه

على قلبه في تلك الحال ، فبعد مفارقته يوجب له ذلك وحشةً و قبضاً ،

هذا إذا كان صادقاً في حاله مع الله و كان سماعه لله و بالله.

و أما إن كان كاذباً كان سماعه للذة نفسه و حظه فهو يشرب النجاسات

في الآنية القذرات و لا يحس بشيء مما ذكرناه ؛

لاستيلاء الهوى و النفس و الشيطان عليه.

و أما صاحب السماع القرآني الذي تذوَّقه ، و شرب منه ،

فهو يشرب الشراب الطهور ، الطيب النظيف في أنظف إناءٍ ،

و أطيبه ، و أطهره .

فالآنية ثلاثة :

نظيف ،

و نجس ،

و مختلط.


و الشرابات ثلاثة :

طاهر

و نجس

و ممزوج .


أسرار الصَّلاة للإمَام العلامَة ابن قيِّم الجَوزيَّة

رد مع اقتباس