من:الأخت / الجوري الجوري
طرد الملل من حياتك ..
إن مَنْ يعِشْ عمرَهُ على وتيرةٍ واحدة
جديرٌ أن يصيَبهُ المللُ ؛لأن
النفس ملولةٌ ، فإنَّ الإنسانَ بطبعهِ يَمَلُّ الحالةَ الواحدةَ ؛ ولذلكَ غايَرَ
سبحانَهُ وتعالى بين الأزمنةِ والأمكنةِ ، والمطعوماتِ والمشروباتِ ،
والمخلوقاتِ ، ليلٌ ونهارٌ ، وسهلٌ وجَبَلٌ ، وأبيضُوأسودُ ، وحارٌّ وباردٌ ،
وظلٌّ وحَرُور ، وحُلْوٌ وحامضٌ ، وقدْ ذكراللهُ هذا التنُّوعَ والاختلافَ
في كتابِهِ :
{ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ }
{ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ }
{ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ }
{ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا }
{ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ }
وقد ملَّ بنو إسرائيل أجود الطعامِ ؛ لأنهمْ أداموا أكْله :
{ لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ }
. وكان المأمونُ يقرأُ مرةً جالساً ،
ومرةً قائماً ، ومرةً وهو يمشي ، ثم قال : النفسُ ملولةٌ ،
{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ }
ومن يتأمَّلِ العباداتِ ، يَجِدْ :
التنوُّعَ والجدَّةَ ، فأعمالٌ قلبيَّةٌوقوليةٌ وعمليةٌ وماليةٌ ، صلاةٌ وزكاةٌ وصومٌ
وحجٌّ وجهادٌ ، والصلاةُقيامٌ وركوعٌ وسجودٌ وجلوسٌ ، فمنْ أراد الارتياح
والنشاط ومواصلةَ العطاءِ فعليهِ بالتنويعِ في عملِهِ ، واطلاعِهِ وحياتِهِ
اليوميَّةِ ،فعندَ القراءةِ مثلاً ينوِّعُ الفنونَ ، ما بين قرآنٍ وتفسيرٍ وسيرةٍ
وحديثٍ وفقهٍ وتاريخٍ وأدبٍ وثقافةٍ عامَّةٍ ، وهكذا ، يوزِّع وقته
ما بين عبادةٍ وتناولِ مباحٍ ، وزيادةٍ واستقبالِ ضيوفٍ ، ورياضةٍ
ونزهةٍ ،فسوفَ يجدُ نفسَهُ متوثِّبةً مشرقةً ؛ لأنها تحبُّ التنويعَ
وتستملحُ الجديدَ