عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-05-2010, 05:13 PM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي خطبتى صلاة الجمعة بعنوان الأرحام

خطبتى صلاة الجمعة بعنوان الأرحام
للعضو فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى

أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا وللجروبات الشقيقة لنا
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب
================================================== ===========================
الخطبة الأولى

الحمد لله ذي المن والعطاء، يوالي على عباده النعماء، ويرادف عليهم الآلاء،
أحمده تعالى حثَّ على الصلة وحذَّر من القطيعة والجفاء، وأشكره على حال السراء والضراء،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تنزَّه عن الأنداد والشركاء، وتعالى عن الأمثال والنظراء،
هو الأول بلا ابتداء، والآخر بلا انتهاء،
وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله إمام الحنفاء وسيد الأصفياء،
صلى الله عليه وعلى آله الأوفياء، وصحابته الأتقياء،
والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما دامت الأرض والسماء، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون: اتقوه وأخلصوا له العبادة، اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام.
يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء<IMG width=14 height=14>
[النساء:1].
خلقكم من نفس واحدة، فالرب واحد، والأصل واحد. أسرة واحدة
انبث منها الرجال والنساء ليلتقوا في وشيجة واحدة، ويتصلوا برحم واحدة.
من هذا المنطلق تقوم تكاليف التكافل والتراحم.
فأسرة الإنسان وقرابته يا عباد الله هم عدته وسنده، وهم أصله وقوته.
يقول علي رضي الله عنه: (أولئك هم عشيرتك، بهم تصول وتطول، وهم العدة عند الشدة،
أكرم كريمهم، وعد سقيمهم، ويسر على معسرهم،ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك).
أيها الإخوة في الله: ما أمر الله بتوحيده، وما نهى عن الإشراك به
إلا وقرن ذلك بالإحسان إلى الوالدين والأقربين.
اقرءوا إن شئتم:
<IMG width=14 height=14>وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً وَبِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ
وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّـٰحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ
وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً<IMG width=14 height=14>
[النساء:36].
<IMG width=14 height=14>وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً<IMG width=14 height=14>
[الإسراء:23].
ثم قال سبحانه: <IMG width=14 height=14>وَءاتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ<IMG width=14 height=14>
[الإسراء:26].
أيها المؤمنون: إن صلة الأرحام حق لكل من يمت إليك بصلة نسب أو قرابة.
وكلما كان أقرب كان حقه ألزم وأوجب:
((أمك وأباك ثم أدناك أدناك)).
وطريق القيام بحق الأقارب والأرحام فشو المودة، واتساع الصدور، وسلامة القلوب.
إن أعظم ما امتن الله به على الزوجين اللذين هما أصل الأسرة ونواتها، أن جعل المودة والرحمة بينهما
<IMG width=14 height=14>وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً<IMG width=14 height=14>
[الروم:21].
إن أساس التواصل والرباط الموثق هو التواد والتراحم، وإذا فقد ذلك تقطعت الأوصال،
واستشرى الفساد، وحقت لعنة الله عياذاً بالله
: <IMG width=14 height=14>وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَـٰقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ
وَيُفْسِدُونَ فِى ٱلأرْضِ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوء ٱلدَّارِ<IMG width=14 height=14>
[الرعد:25].
إن صلة الرحم بركة في الأرزاق، وتوفيق في الحياة، ويكتب الله بها العزة والمنعة،
وتمتلئ القلوب بها إجلالا وهيبة.
أخرج الإمام أحمد وابن ماجه ورواة أحمد ثقات - عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً:
((.. وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان الأعمار)).
وروى البزار بإسناد جيد والحاكم عن علي رضي الله عنه قال:
(من سره أن يمد له في عمره ويوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه)
وفي صحيح البخاري مرفوعاً:
((من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه)).
وفي الخبر: ((صلة الرحم محبة في الأهل، ومثراة في المال، ومنسأة في الأثر))
أي زيادة في المال والعمر وبركة فيهما.
بصلة الأرحام تقوى المودة، وتزيد المحبة، وتتوثق عرى القرابة،
وتزول العداوة والشحناء، ويحن ذو الرحم إلى أهله.
ولتعلموا رحمكم الله أن صلة الرحم والإحسان إلى الأقربين ذات مجالات واسعة ودروب شتى:

فمن بشاشة عند اللقاء، ولين في المعاملة.. إلى طيب في القول، وطلاقة في الوجه.

إنها زيارات وصلات، وتفقد واستفسارات، مكالمة ومراسلة، إحسان إلى المحتاج،

وبذل للمعروف، وتبادل في الهدايا.

ينضم إلى ذلك غض عن الهفوات، وعفو عن الزلات، وإقالة للعثرات. عدل وإنصاف،

واجتهاد في الدعاء بالتوفيق والصلاح.

وأصدق من ذلك وأعظم مداومة الصلة ولو قطعوا،

والمبادرة بالمغفرة إذا أخطأوا، والإحسان إليهم ولو أساءوا.

إن مقابلة الإحسان بالإحسان مكافأة ومجازاة،

ولكن الصلة الواصلة بينت في قول نبيكم محمد

<IMG width=14 height=14>: ((ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها)).
وجاء رجل إلى النبي <IMG width=14 height=14>فقال له: يا رسول الله:
إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي.

فقال عليه الصلاة والسلام:
((لئن كان كما تقول فكأنما تسفهم المل (أي تطعمهم الرماد الحار في أفواههم)

ولا يزال معك من الله ظهير مادمت على ذلك))


ومع كل ذلك أيها المؤمنون ومع هذه الآيات والأحاديث فإن في الناس من تموت عواطفه،

ويزيغ عن الرشد فؤاده، فلا يلتفت إلى أهل، ولا يسأل عن قريب.

إن العار والشنار، فيمن منحه الله جاهاً وأحسن له رزقاً، ثم يتنكر لأقاربه أو يتعالى عليهم.

بل قد يترفع أن ينتسب إليهم فضلا عن أن يشملهم بمعروفه ويمد لهم يد إحسانه.

وإن قطيعة الرحم شؤم وخراب، وسبب للعنة وعمى البصر والبصيرة

: <IMG width=14 height=14>فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ

<IMG width=14 height=14>أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ<IMG width=14 height=14>

[محمد:22-23].

إن تقطيع الأرحام من أعظم كبائر الذنوب، وعقوبتها معجلة في الدنيا قبل الآخرة.

أخرج أبو داود والترمذي وصححه الحاكم عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي <IMG width=14 height=14>قال:

((ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا

مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)).

وروى الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد ورواة أحمد ثقات
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله <IMG width=14 height=14>:
((إن أعمال بني آدم تعرض كل عشية خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم)).

ونقل عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان جالساً بعد الصبح في حلقة فقال:

(أنشد الله قاطع الرحم لما قام عنا، فإنا نريد أن ندعو ربنا،

وإن أبوب السماء مرتجة أي مغلقة دون قاطع الرحم)



أيها الإخوة: إن أسرع الخير ثواباً البر وصلة الرحم، وأسرع الشر عقوبة البغي وقطيعة الرحم،

ومع هذا ترى في بعض من قل نصيبهم من الخير يسارع في قطع صلاته بأقاربه لأدنى سبب؛

إما لكلمة سمعها، أو شيئاً صغيراً رآه، وما درى أنه بهذا قد يجر إلى نفسه وأهله العداوة والجفاء،

فيستحقون اللعنة وزوال النعمة وسوء العاقبة:

<IMG width=14 height=14>وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَـٰقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ
وَيُفْسِدُونَ فِى ٱلأرْضِ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوء ٱلدَّارِ<IMG width=14 height=14>
[الرعد:25].

ولقد أوصى زين العابدين علي بن الحسين ابنه رضي الله عنهم أجمعين فقال:

(لا تصاحب قاطع رحم؛ فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله في ثلاثة مواضع).

فاتقوا الله وصلوا أرحامكم، فأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض. قدموا لهم الخير ولو جفوا،

وصلوهم وإن قطعوا، يدم الله عليكم بركاته، ويبسط لكم في الأرزاق، ويبارك في الأعمار.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

<IMG width=14 height=14>إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ
وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ<IMG width=14 height=14>
[النحل:90].
===================
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه محمد ،
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كلّ ذنب وخطيئة،
فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الخطبة الثانيــة
الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه بالرحمة والهدى،
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الأصفياء وأصحابه النجباء
والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون، واعلموا أن حق القريب رحم موصولة، وحسنات مبذولة،
وهفوات محمولة، وأعذار مقبولة. وكما قيل: لا تقطع القريب
وإن أساء فإن المرء لا يأكل لحمه لو جاع.
أيها المؤمنون: لئن كانت صلة الرحم تعني الإحسان إلى المحتاج،
ورفع الظلم عن المظلوم، والمساعدة على وصول الحق.
فليس من صلة الرحم المناصرة على الباطل والعون على الظلم والبغي والعدوان،
فما هذا إلا الحمية الجاهلية الممقوتة، تفشو بها العداوة، وينشر بها الفساد،
وتتقطع بها الأرحام.
ولن يكون البغي والعدوان طريقاً إلى الحق، أو سبيلا إلى العدل والخير.
فاعرفوا الحق وميزوه عن الباطل، ولا تأخذكم العزة بالإثم،
واستقيموا على أمر ربكم. أطعموا الطعام وأفشوا السلام، وصلوا الأرحام،
وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام.
**********************
هذا وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على خير البريّة وأذكى البشريّة
محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب صاحبِ الحوض والشّفاعة،
فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال عزّ من قائل عليم سبحانه :
( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا )
[الأحزاب:56].
اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد،
وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد.
اللهمّ أعزّ الإسلام والمسلمين...
أنتهت

رد مع اقتباس