عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-09-2011, 09:01 PM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي

أيّها المسلمون ، بكلمةِ الحقّ الصادقة النزيهة تُبنى العقول و تُشاد الأوطان ،

و هي عِماد التربية ، إن صلَحت الكلمة صلَح المجتمع كلُّه ،

و الصدقُ يهدي إلى البرّ ، و للكلمةِ قوّةُ السيف في البناء و التغييرِ و الإصلاح ،

و العاقل من الناس لا يتكلّم إلا لحقٍّ يبيِّنه أو باطلٍ يَدحَضه أو علمٍ ينشره

أو خيرٍ يذكره أو فضلٍ يشكره ، و تركُ الفضول من كمالِ العقول .

بكلمة الحقِّ يظهر البيانُ و توصَف الأشياء ،

و الكلمةُ تنبِئ عن الضمير و تفصِل في القضاء و تشفَع في الحوائج و تعِظ عندَ القبيح .

الكلمةُ تفرِح و تحزِن ، و تجمَع و تفرِّق ، و تبني و تهدِم ، و تُضحك و تُبكي .

كلمةٌ تنشرح بها الصدور ، و أخرى تنقبِض لها النفوس .

بالكلمةُ تكون التربية و التعليم ، و تنتشِر الدعوة و الفضيلة ،

و لقد كان من دعاء موسى الكليم عليه السلام :

{ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي }

[ طه : 27 ، 28 ] .

و من اتَّقى الله و لزم القولَ السديد أصلح الله عملَه و غفر ذنبَه ،

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا *

يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ }

[ الأحزاب : 70 ، 71 ] ،

و في حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتَّفق عليه

عن نبيِّكم محمّد صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم أنه قال :

(( إنَّ العبد ليتكلَّم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفع الله بها درجاته ،

و إنّ العبد ليتكلَّم بالكلمة من سخَط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنّم ))

نسأل الله السلامة ،

(( و المسلِم من سلِم المسلمون من لسانه و يدِه )) ،

و من يضمَن ما بين لحيَيه و ما بين رِجلَيه تُضمَن له الجنة .

أيّها المسلمون ، هذا هو الإنسان ، و هذه هي الكلمةُ في حقيقتِها و طبيعتها و أثرِها ،

فكيف تكون حرّيّة الكلمة ؟ و كيف تُفهَم حرية التعبير ؟ الحرية مسؤوليةٌ ،

و الغاية هي الإصلاحُ و البناء و ليس الهدم و الإفساد ،

و التعاونُ و التفاهم و ليس الشّقَاق و التّصادم . حرّيةُ التعبير و حرّيَّة الكلمة

و الكَلمةُ الحرّة قِيَمٌ حضاريّة عالية ، بل إنها منجَز من منجزات البشرية الخلاّقة ،

لها المكان الأرفَع و الاحتفاء الأَسمى .

و منَ المعلوم لدى العقلاء أن الإنسان يوزَن بكلامه ، و يحكَم عليه من لسانه ،

فالساكتُ مَوضِعَ الكلام محاسَب ، و المتكلِّمُ في موضعِ السكوتِ محاسَب ،

و الساكتُ عن الحقِّ شيطانٌ أخرَس ، و كلامُ الزور إثمٌ و فجور ،

و الكذِب يهدي إلى الفجور ، و كفَى بالمرء إثما أن يحدِّث بكلّ ما سمِع ،

و كَم كلمةٍ قالت لصاحبها : دَعني .

عبادَ الله ، إذا كان ذلك كذلك فلا بدَّ لهذه الحرّيّة من ضوابط ،

و لا بدَّ لهذه المسؤوليّة من معايير ، و بغيرِ الضوابطِ و المعايير تنبُت

الفوضى العَمياء التي تُعلِي شأن الظلم و الظالمين ، و تزيِّف الحقائق ،

و تقود إلى النتائجِ العكسيّة ، فيخنَق الضمير و تموت الحرية .

إنَّ مما ينبغي أن يُراعى في ضوابط حريّة التعبير و حرية الكلمة

و الكلمةِ الحرّة الإخلاصَ و قصدَ الحق و التجرّد من نوازِع الهوى و حظوظ النفس

و الحذَر من توظيف الكلمة للانتصارِ للنفس و العصبيّة لفئةٍ أو مذهب أو فكرة ،

فهذا بغيٌ و ظلم . يجِب مراعاةُ ظروفِ الزمان و المكان و الأحوال

في الحوارات و المناقشات و الردود و خطاب الناس ، تتأكَّد أهمية الكلمة

و دقّةُ اختيارها في الحوادث و المناقشات و الردود و خطابِ الناس ،

تتأكّد أهمية الكلمة و دقَّة اختيارها و رعايةُ أدب الخلاف و أصول الحوار ،

فلا يتكلَّم متكلّم إلا بدينٍ و إخلاص و عِلم .

يراعَى أحوالُ المخاطبين علمًا و ثقافة و خَوفًا و أمنا ،

تُراعى أجواءُ الفِتن و أحوالُ الاضطراب و الحِفاظ على الأمة في اجتماعِ كلمتها

و هدوئِها و الحِفاظ على الجمَاعة و الوحدة .

يجب تخفيف أجواء التوتُّر و بسطُ ثقافة التعاوُن و المحبَّة و حُسن الظنّ

و ابتغاء الحقّ و التجرّد له و قَبوله ممن جاءَ به و حقّ الاختلاف ،

مع التأكيد و اليقين أن هذا لا يتعارض مع حقِّ الدفاع عن القناعاتِ

و الردّ على المخالف بأدبٍ و سلامة قصدٍ و صدر

و تلمُّسٍ للحق في علمٍ و بصيرة و هُدى .

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،

{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ

أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ *

تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ *

وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ *

يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ

وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ }

[ إبراهيم : 24-27 ] .

نفعني الله و إياكم بالقرآن العظيم ،

و بهدي سيد المرسلين محمد صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و صحبه أجمعين ،

و أقول قولي هذا ، و أستغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين من كلّ ذنب و خطيئة ،

فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

رد مع اقتباس