عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-21-2011, 12:40 AM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي 67 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( الـــوقـــت )


67 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( الـــوقـــت )
ألقاها الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب
================================================== ================================


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
67 - خطبتى الجمعة بعنوان ( الـــوقــــت )

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الحمد لله أولى من حُمِد ، و أحبِّ من ذُكِر ، و أحقِّ من شُكِر ، و أكرمِ من تَفَضّل ،
و أرحمِ من قُصِد ، أحمده سبحانه و أشكره ،
تَعَرّف إلى خلقه بالدلائل الباهرة و الحجج القاهرة ،
و أنعم عليهم بالنعم الباطنة و الظاهرة ، و الآلاء الوافرة المُتَكاثِرَة .
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
مَدَّ الأرضَ فأوسعها بقُدْرِته ، و قَدَّر فيها أَقْوَاتها بحكمته ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدًا عبد الله و رسوله ،
رفع ربُّهُ ذِكرَه فأعلاه و أجَلّه ، و في أعلا المنازل أكرمه و أحَلّه ،
صلّى الله و سلّم و بارك عليه و على آله و أصحابه ،
أعِزّة على الكفّار و على المؤمنين أَذِلّة ، و التابعين و من تبعهم بإحسان ،
بدعوتهم و طريقتهم تَتّحِد الكلمة ، و ترتفع أركان المِلّة ،
و سلّم تسليمًا كثيرًا .
أمـــا بعـــد :
فأوصيكم أيها الناس و نفسي بتقوى الله عز و جل ، فاتقوا الله رحمكم الله ،
فالدنيا غير مأمونة ، و مَن عَزَمَ على السفر و الرحيل تَزَوّد بالمؤونة ،
و من صَحّت نيّتُه ، و أخذ بالأسباب جاءته من ربه المعونة ،
من عَلِم شَرَف المطلوب جَدّ و عَزَم ، و الاجتهادُ على قَدْر الهِمَم ،
و النفسُ إذا أُطْمِعَت طَمِعَت ، و إذا أُقْنِعَت باليسير قَنِعَت ، و إذا فُطِمَت انْفَطَمَت ،
اهتمّ بالخلاص أهل التُّقى و الإخلاص ،
و فرّط المفرّطون فندموا ولاتَ حينَ مَنَاص ،
(( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ))
[فصلت:46] .
أيها المسلمون ، و مع هبوب رياح الصيف و حلول مواسم الإجازات
في كثير من البقاع و الديار ، و ارتباط الإجازة عند بعض الناس بالتعطيل
و البطالة و إضاعة الوقت و قتله ؛ يحسن الوقوف وقفة نظر و تأمّل في العمل
و الإنتاج و ساعات العمل و حفظ الوقت و ضبط ساعات العُمُر و أوقات الراحة .
تأمّلوا ـ رحمكم الله ـ هذه الآيات من كتاب الله فيما امتنّ الله على عباده
من تهيئة أسباب المَعَاش من أجل حُسن المَعِيشَة ،
يقول عزّ شأنه :
(( وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ ))
[الأعراف:10] ،
و يقول عزّ من قائل :
(( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا
وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ))
[الملك:15] ،
و قال جلّ و علا :
(( فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ
وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون ))
[الجمعة:10] .
ثم تأمّلوا التنبيهَ على أوقات العمل و ساعاته و الراحة و مواعيدها ،
يقول سبحانه :
(( وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ))
[النبأ:9-11] ،
و يقول جلّ في عُلاه :
(( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً
لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ))
[الإسراء:12] ،
و يقول جلّ و علا :
(( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ))
[الفرقان:47] ،
و يقول في حقّ نبيّه محمد :
(( إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً ))
[المزمل:7] .
أيها المسلمون ،
هذه هي آيات الله ، و تلك هي سُننه في الليل و في النهار و في البشر ،
و لكنّ المتابع لمسالك بعض الناس ـ و بخاصّة في منطقتنا و محيطنا
في كثير ٍمن أفراد مجتمعنا ـ ليَدْهَشُ و يأسَى مما يلْفِتُ نظرَه من الغفلة
عن هذه السُّنّة الإلهية و الآية الربّانية ، حين ينقلب عندهم الحال ،
فيجعلون نهارَهم سُبَاتًا ، و ليلَهم مَعَاشًا ، بل لهوًا و عَبَثًا ، إنه انتكاسة و انقلاب ،
بل فوضى و اضطراب ، و آثاره على الحياة و الأحياء خطيرة في الإنتاج
و الصلاح و الإصلاح ، صحّية و بيئيّة و أمنيّة و اقتصاديّة و اجتماعيّة و غيرها .
نعم أيها الإخوة الأحبّة ، إن مما يأْسَى له الناظرُ أن ترى أُسَرًا بأكملها ،
أو مُدنًا بكلّ أهلها ، صغارِها و كبارِها ، رجالِها و نسائِها ؛ قد قلبوا حياتهم ،
و انقلبوا في مَعَاشهم ، فيسهرون ليلَهم ، ثم يصبحون في نهارهم
غير قادرين على العمل و العطاء ، سواءً أكانوا طُلابًا أم موظّفين ،
و سواءً أكانوا في أعمال خاصّة أم عامّة ، فهم ضعفاء في الإنتاج ،
ضعفاء في المشاركة ، مُقَصّرين في الأداء ، مُفَرّطين في المسؤولية ،
لا ترى إلا ذُبُولَ الحاجِبَين ، و احمرارَ العينين ، قد أخذ منهم النُّعَاسُ و الكسلُ كلَّ مَأخَذ ،
ضَعْفٌ في الجسم ، و وَهَنٌ في القُوى ، و قلّة في التركيز و الأداء .
إن ظاهرة عكس السُّنن و تحويل وظائف النهار إلى الليل دليلٌ على التَسَيُّب
و الفوضى و ضياع الضابط في الناس ، بل قد تكون دلالةً من دلالات التَّرَهُّلِ المُهْلِك ،
و الاتِّكاليّة المُدَمِّرة ، و كأنّه لا هَمَّ لهم إلا تلبية أهوائهم و مُشْتَهَيَاتِهم ،
مُنْصَرِفين أو مُتَعَامِين عن حقيقة وجودهم ، و طبيعةِ رسالتهم ،
و عظيمِ مسؤوليتهم ، و الجدِّ في مسالكهم .
و يكفي المُخْلِصَ الصادقَ الناصحَ لأمته أن يُجِيل نظرَه في مجموعة من
هذا الشباب التائه الضائع الذي يعيش على هامش الحياة ، بل على هامش الزمن ،
في الليل مستيقظٌ بلا عمل و الأمم الحيّة العاملة نائمة ، و يكون نائمًا
و الأمم الحيّة العاملة مستيقظةٌ ساعَيِةٌ كادَّةٌ جادَّةٌ . و مع الأسف فإن الناظر
المتأمّل لا يكاد يجد ناصحًا أو منكرًا لهذه المسالك التي لا تُحْمَد عُقْبَاها ،
بل إن عاقبتها خُسْرٌ في الأبدان و الأموال و الثمرات ؛ مما يستدعي قرارًا
حازمًا يردّ الناس إلى الصواب ؛ ليكون الليل سَكَنًا و سُبَاتًا ،
و يكون النهار عملاً و معاشًا .
معاشر المسلمين ، إنّ أول مَدَارِج الإصلاح ـ و الأمة تبتغي الإصلاح
و الانتظام في صفوف الأمم القويّة العاملة الجادّة ـ
إنّ أول ذلك القدرة على ضبط أنفسنا و أبنائنا ، و التحكّم الدقيق في ساعات عملنا .
إن هذه الانتكاسة التي شملت الموظّفَ و المسؤولَ و الطالبَ و المعلّمَ و الرجلَ
و المرأةَ تحتاج إلى وقفة صادقة جادّة ، و قرارٍ حاسمٍ يعيد الناس إلى الجادَّة ،
بل يعيدهم ليكونوا أسوياء يعملون كما يعمل الناس في كل بلاد الدنيا .
و لا مُسَوّغ البتَّةَ للاحتجاج بالظروف الاجتماعية أو المناخية ؛
لأنّ سُنن الله في الليل و النهار عامّة ، تَنْتَظِم البشرَ كلَّهم في مجتمعاتهم
و مَنَاخَاتهم و قارّاتهم ، فربُّنا جعل الليلَ سَكَنًا ، و جعل النهارَ مَعَاشًا ،
و محا آيةَ الليل ، و جعل آية النهار مُبْصِرَة ؛ لابتغاء فضله سبحانه ،
و ذلك لأهل الأرض كلهم ، بل جاء الخطاب في
قوله سبحانه بعد أداء صلاة الجمعة :
(( فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ))
[الجمعة:10] ،
و هذا لا يكون إلا بعد الظهر و في شدّة حرارة الشمس في الصيف ،
و هو خطاب تَنَزّل أول ما تَنَزّل على العرب في جزيرتهم .
أيها المسلمون ، إن أول ما يجب التطلّع إليه أن تكون الأمةُ أمةَ بُكُور ،
في بُكُور الصباح تغدو مخلوقاتُ الله و أممُ الأرض كلُّها تبتغي فضل الله ،
إن يومكم الإسلامي ـ أيها المسلمون ، أيها الشباب ـ
يبدأ من طلوع الفجر ، و ينتهي بعد صلاة العشاء ،
قال بعض السلف : " عجبت لمن يصلي الصبح بعد طلوع الشمس كيف يُرزق ؟ " ،
و أصدق من ذلك و أبلغ قول نبينا محمد صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة و ابن عمر و صَخْر بن وَدَاعَة رضي الله عنهم
في قوله صلى الله عليه وعلى آله و صحبه و سلم :
(( اللهم بارك لأمتي في بُكُورها )) ،
و لفظ أبي هريرة :
(( بُورِك لأمتي في بُكُورها )) ،
و كان صَخْر راوِ الحديث لا يبعث غلمانه إلا من أول النهار ،
فكَثُر مالُه حتى كان لا يدري أين يضعه .
يومكم الإسلامي ـ يا أهل الإسلام ـ مُرتَبِطٌ و مُفْتَتَحٌ بصلاة الصبح ،
و فيها قرآن الفجر :
(( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ))
[الإسراء:78] .
يستقبل بها المسلمُ يومَه ، و يستفتح بها نهارَه و عملَه ، دعاه داع الفلاح ،
فالصلاة خير من النوم . استشعر عبودية ربّه و الإيمان و العمل الصالح ،
يرجو البركة و نشاط العمل و طِيب النفس ،
نعم طِيب النفس و نشاط البدن مِصْداقًا للحديث المتّفق عليه ،
إذ يقول صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم :
(( يَعْقِدُ الشيطانُ على قافِيَة رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقَد ،
و يَضْرِبُ على مكان كل عُقْدَة : عليك ليلٌ طويلٌ فارْقُد ،
فإن استيقظ و ذكر الله انحلّت عُقْدَةٌ ، فإن توضّأ انحلّت عُقْدَةٌ ،
فإن صلّى انحلّت عُقْدَةٌ ، فأصبح نشيطًا طَيّب النفس ،
و إلا أصبح خبيثَ النفسِ كَسْلانَ )) .

رد مع اقتباس