عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-05-2010, 05:08 PM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / البركــــــــة

خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / البركــــــــة
للعضو فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى

أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب
================================================== ===========================
الخطبة الأولى
الحمد لله الجواد الكريم ، الغفور الشكور الحليم ، أسبغ على عباده النعم ،
و دفع عنهم شدائد النقم ، و هو البر الرحيم ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل العظيم ، و الخير العميم ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبده و رسوله ، الحبيب المصطفى الكريم ،
صلى الله عليه و على آله و أصحابه إلى يوم الدين و سلم تسليما .
أما بعد :
فأوصيكم ـ أيها الناس ـ و نفسي بتقوى الله عز و جل ، فاتَّقوا الله رحمكم الله ،
و لا يغرنَّكم سهلُ الدنيا ، فبعد السهلِ حُزون ،
و الفرِحُ فيها محزون ، و الحُزن فيها غير مَأمون ،
ما ضحِكت فيها نفوس إلا و بَكَت عيون ، هي داء المَنون ، من ركَن إليها فهو المغبون ،
لم يهتمَّ بالخلاص إلا أهلُ التقى و الإخلاص ، أيّامهم بالصلاح زاهرة ،
و أعينُهم في الدُّجى ساهرة ،
في نفوس طاهرة ، و قلوبٍ بخشية الله عامرة ، يعملون للدنيا و الآخرة .
أيّها المسلمون ، حقٌّ على كلِّ مسلم و متبصِّرٍ أن يقفَ موقفَ تأمُّل و تدبّر و نظرٍ و تفكّر ،
لقد فتح الله على أهلِ هذا العصر ما فتح من نِعَم لا تحصى ، لم يعرِفها السابقون ،
و لم ينعَم بها الأسلاف ، في العلم و التعليم و الإعلام و التواصُل و الطبّ و العلاج ،
في الكسبِ و الاحتراف و المالِ و الاقتصاد و النّقل والمواصلاتِ و التجارَةِ و الصناعة
و الزراعةِ و اللباس و الزينةِ ، في كلِّ ميادين الحياة و شؤونها ، تطوّرٌ عظيم واسع ،
غيَّر ظروفَ الناسِ و أحوالهم، مكَّن الله لهم في الأرض ما لم يمكِّن لمن قبلهم ،
فتح الله الأسواقَ و الأرزاق و تبادُلَ المنافع بين أهل الدنيا و أرجاءِ المعمورة .
إنَّ المسلمَ ذا القلب الحيِّ و العاقلَ المتبصِّر ممن يلقي السمعَ و هو شهيد ليتساءَل :
أين البرَكة ؟ ! أين الطّمأنينةُ ؟ !
أين الحياةُ الطيِّبة الموعود عليها
في مثل قوله سبحانه :
(( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))
[ النحل : 97 ] ؟!
العلومُ و المختَرَعات و المكتشَفَات و المنجَزَات و المصنوعَاتُ و المنتجَات
مهما امتدَّ رواقها و اتَّسع ميدانها هل تحقِّق بذاتها الطّمأنينَة ؟!
و هل تجلب سعادة ؟! و هل يتنزَّل بها برَكة ؟!
العصرُ عصرُ عِلم و عصر سرعَة و عصر تِقنيّة ، و لكن هل هو عصر فضيلةٍ ؟!
هل هو عصر طمأنينة ؟! هل هو عصر بركة ؟!
كم من أمّةٍ قويّة غنيّة ، و لكنها تعيش في شِقوَةٍ ، مهدَّدَة في أمنها ، تخشَى تقطُّع أوصالها ،
يسودها قلَقٌ ، يهدِّدها انحلال ، قوّةٌ في خوف ، و مَتاع بلا رضا ، و وَفرةٌ من غير صلاح ،
و حاضِر نضِر و مستقبَل مظلِم ، بل لعلَّه ابتلاء يعقبُه نكال .
أيّها الإخوة الأحِبّة ، كلُّ هذه التأمّلات تدعو إلى التساؤل :
ما هي البركةُ ؟ و أين البركة ؟ و أين الحياةُ الطيّبة و العيشة الهنيّة ؟
حيث يقول الله عزّ و جلّ في محكم تنزيله :
(( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا
لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ))
[ الأعراف : 96 ] .
عبادَ الله ، البركة هي النّماء و الزِّيادة و السعادة و الكثرةُ في كلِّ خير ،
و برَكاتُ ربِّنا كثرةُ خيره و إحسانِه إلى خلقه وسَعَة رحمته .
و البركةُ فيوض الخيرِ الإلَهيّ و ثبوته و دوامُه ،
قال أهل العلم : و لما كان فضل الله لا يُحصَى و لا يحصَر
و يأتي للإنسان من حيث لا يحسّ و لا يحتسِب
قيل لكلِّ ما يشاهَد منه زيادةٌ غير محسوسَةٍ : هو مبارك و فيه بركة .
فالخير كلُّه من الله و إليه و بيدَيه ، فربّنا سبحانه له كلُّ كمال ، و منه كلُّ خير ،
و له الحمد كلّه ، و له الثناء كله ، تبارك اسمُه ، و تباركت أوصافُه ،
و تباركت فِعاله ، و تبارَكت ذاته ، فالبركة كلُّها منه و بيَدِه، لا يتعاظَمُه شيءٌ سُئلَه ،
و لا تنقصُ خزائنُه على كثرةِ عطائه و جزيلِ نَوَاله ،
أكُفُّ جميع العالم إليه ممتدَّة تطلُبُه و تسأله ،
(( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ))
[ الرحمن : 29 ] ،
(( يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ))
[ المائدة : 64 ] ،
و يمينه ملأى ، لا يفيضُها نفَقة ، سحّاءَ الليل و النهار ،
عطاؤُه و خيرُه مبذول في الدنيا للأبرارِ و الفجار ،
فللَّهِ الحمد أولاً و آخرًا و ظاهرًا و باطنًا
على خيرِه الجزيل و فضله العميمِ و بركاته الدائمة و نِعَمه الوافرة الظاهرةِ و الباطنة ،
فتبارك سبحانَه بدوامِ جودِه و كثرة خَيره و مجدِه و عُلوِّ عظمَته و جلالِ قدسه .
الخيراتُ و النِّعم في الدنيا و الآخرة في القديمِ و الحديث كلُّها من فضله
في وجودِها و ثبوتها و دوامِها و كثرتها و بركتها ،
فله سبحانه و تعالى الحمد و المنة .
و ربُّنا سبحانه وضَع البركةَ في كثيرٍ من مخلوقاته ، فالماء طَهورٌ مبارك ،
و في السّحورِ بَركة ، و بيت الله مبارَك ، وطيبَةُ الطيِّبة مباركة ،
و المسجد الأقصَى باركَه الله و بارك ما حولَه ،
و القرآن أنزله ربُّنا كتابًا مباركًا في ليلةٍ مباركة ،
فكلُّ ما دلَّ الدليل على أنه مبارَك فقد وضَعَ الله فيه البرَكة ، و هو سببُها ،
ففيهَا الخير و النمَاء و الزيادة .
و المبارَك من الناس ـ كما يقول ابن القيّم رحمه الله ـ هو الذي يُنتَفَع به حيث حلَّ ،
(( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ ))
[ مريم : 31 ] .
بركاتٌ يضَعها الله في الأشياءِ و الأنفس و الأموال و البنين و الأهلِين
و الأحوال و الأزمنةِ و الأمكنة و العلومِ و المعارف و المشاعِرِ و الأعمال .
بركاتٌ في طيِّبات الحياةِ ، و بركاتٌ تنَمِّي الحياة و ترفَعُها ،
و ليست وفرةً مع شِقوةٍ و كثرةً مع تردٍّ و انحلال .
أيها المسلمون ، أمّا سبيل تحصيلِ البركةِ و حصولها فالإيمانُ و التقوى و الصلاحُ
و العَدل و الرّحمة و الإحسان ، و لقد قيل لآدم أبي البشَر من أوّل هبوطه إلى هذه الدنيا :
(( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ
فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى *
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ))
[ طه : 123 ، 124 ] ،
و قال عن أبي البَشَر الثاني نوحٍ عليه السلام :
(( قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ ))
[ هود : 48 ] .
الإيمانُ و التَّقوى و اتّباعُ الهدَى هو الطريق إلى بركاتِ السماء و الأرض
و استدرارِ الأرزاق و الخيرات ، وعدٌ من الله حق ، و من أوفى بعهده من الله ؟!
عبادَ الله ، بالصّلاح و الهدَى يفتح الله بركاتِ السّماء و الأرض ،
و يأكل الناس من فوقِهم و من تحت أرجلهم ، في فَيضٍ غامِر و مَدَد لا ينقطع .
إنَّ المؤمنَ بالله و اليوم الآخرِ لا يخاطر بدنياه ليربَح آخرتَه ، كلا ،
إنّه بإيمانه يربَح الحياتين و يفوز بالحُسنَيَينِ ،
(( مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ))
[ النساء : 134 ] ،
(( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ
وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ))
[النحل:30]،
(( قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))
[ الأعراف : 32 ] .
حريٌّ بالمؤمنِ أن ينظرَ و يتأمَّل في الآثار المباركةِ للدين و الطاعات في حياةِ المسلم ،
بل في حياة الإنسانيّة كلِّها . العبادات و الطاعاتُ و حُسن الخلق و التعامُل
وسائلُ تزكيةٍ لنفس المؤمن و ترقية لروحِه و تهذيب سلوكِه ، تثمِر الخيرَ و البركة ،
و تورِث الطمأنينةَ و السّكينة.
تأمَّلوا هذا الحديثَ العظيم في شأن المتبايِعَين ،
يقول عليه الصلاة و السلام :
(( البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا ، فإن صدَقا و بيَّنا بورِك لهما في بيعِهما ،
و إن كذبا و كتمَا محِقَت بركةُ بيعِهما ))
حديث صحيح رواه الإمام مسلم من حديث حكيمٍ بن حزام رضي الله عنه .
يصدُق البائع في سِلعته و صفاتِ المبيع و مِقدار الثمن ،
و يصدق المشتري في الوفاءِ و سَلامة الثّمن ،
ويدلُّ الحديث على أن الدنيا لا يتِمّ حصولها إلاّ بالعمل الصالح ،
و شُؤمُ المعاصي يذهَب بخيرَيِ الدنيا و الآخرة .
و يظهَر ذلك و يتأكَّد ـ أيها المسلمون ـ في الحديث الصحيح الآخر
في قولِه (ص) :
(( الحلِف منفقةٌ للسلعة ممحقَة للكَسب ))
أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
و قارِنوا ذلك ـ رحمكم الله ـ و اربطوه بما يمحَق الله من الربا و يزيد في الصدقات
كما قال سبحانه :
(( وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ
وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ ))
[ الروم : 39 ] ،
و في قولهِ سبحانه :
(( يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ))
[ البقرة : 276 ] ،
قال مقاتل : " ما كان من رِبا و إن زاد حتى يغبَط صاحبه فإنَّ الله يمحَقه" ،
و في حديثٍ حسَن مرفوع :
(( إنَّ الربا و إن كثُر فإنَّ عاقبتَه إلى قِلّ )) .
إنَّ كلَّ هذه المخالفات و المعاصِي تمحَق البركة في المعاملاتِ
و إن بدَت في عدَدِها و كمّيّتها زائدةً متكاثرة ،
فمَحقُ البركة يفضي إلى اضمِحلال العدَد و قِلَّة النّفع و تلاشي الفائدة ،
ناهيكم ثم ناهيكم باضمحلال الأجرِ في الآخرة .
عباد الله ، إنَّ معيشةَ التّقى و الصلاح و الطاعةِ و العبادة تورِث الصّحّةَ البدنيّة و النفسيّة ،
و تثمر الراحة المادية و البدنيّة ، و تنتِج البركة و الطمأنينةَ ،
و تحفَظ لصاحبها في عاجلِ أمرِه و آجله ذخائرَ من الخير لا تكون لغيره ،
مَن كانتِ الدنيا همَّه فرَّق الله عليه شمله ، و جعل فقرَه بين عينيه ،
و لم يأتِه من الدّنيا إلا ما كتِب له ،
و من كانت الآخرة همَّه جمع الله عليه أمرَه ، و جعل غِناه في قلبه ،
و أتَته الدنيا و هي راغمة .
إنَّ الشواهد متكاثِرةٌ على ما للإيمانِ و الصلاحِ من آثارٍ و بركات في النّفس و في الحياة ،
في الزمان و المكان ، في الأهلِ و الدّار .
و لا ريبَ أنَّ مسلَكَ التّقى يفتح على الإنسان أبوابَ الرّضا و القناعة و البركةِ و السعادة ،
فالقاعِدةُ المقرَّرة التي لا تتخلَّف : إنَّ الدينَ الحقّ و الإيمان الصحيح و العمل الصالح
سَببٌ لسعادة الدنيا و بركاتها ،
و أهلُ الإيمان حين يفتَح الله عليهم من بركاتِه و نِعَمه يكون أثرُه فيهم من الشّكرِ لله و الرّضَا عنه
و الاغتِباط بفضله و صَرف النعم في سبيلِه و رضاه و في طريقِ الخير لا في الشرّ
و في الصلاح لا في الفساد ، و يكون جزاؤُهم زيادةَ النّعم و بركاتها ،
أمانٌ في النفوس و طمأنينةٌ في القلوب و نفعٌ في الممتلَكات و حسنُ ثوابِ الآخرة ،
(( فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ))
[ البقرة : 38 ] .
و مِن سنَنِ الله في عباده أنَّ الأمانَ جزاء الإيمان ، وأنَّ الخوفَ جزاءُ الكفران ،
(( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ))
[ الأنعام : 82 ] .
و بعد: فلا ريبَ أنَّ حياة الإيمان و الفضيلةِ هي البركةُ و الاستقرار و السّكينة .
الإيمانُ الراسخ يشرِق على القلوبِ سناه ، و يخُطُّ في أعماقِ النفوس مجراه ،
إيمانٌ عميق و عقيدَة راسخة تتَّسِع
للروح والمادّةِ و الحقِّ و العِزَّة و العِلم و الدين و الدّنيا و الآخرة .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،
(( وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ *
يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ *
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا
إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ))
[ الروم : 6-8 ] .
============

نفعني الله و إياكم بالقرآن العظيم و بهدي محمّد ( صلى الله عليه و سلم ) ،
أقول قولي هذا ، و أستغفر الله لي و لكم و لسائِر المسلمين من كلّ ذنب و خطيئة،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الخطبة الثانيــة
الحمدُ لله ، خلَق آدمَ بيده و سوّاه ، ثم تاب عليه و اجتباه و هداه ،
سبحانه و بحمده ، لا هاديَ لمن أضلّ ، و لا مضلّ لمن هداه ،
و أشكره على سوابغ نِعَمه و جزيلِ عطاه ،
و أشهد أن لا إله إلاّ الله ، و لا نعبدُ إلا إياه ،
و أشهد أن سيّدنا و نبيّنا محمّدًا عبد الله و رسوله و مصطفاه ،
صلى الله و سلَّم و بارك عليه ، وعلى آله و أصحابه و من ولاه ،
و سلَّم تسليمًا كثيرًا لا حدَّ لمنتهاه .
أما بعد :
أيّها المسلِمون ، و مِن مِواقفِ التأمّل و التدبُّر في هذا العصر
ما يحدث كل حين من ظهور الأمراض الفتاكة و وقوع الزلازل المهلكة ،
التي يخوف الله بها عباده لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا .
معاشر المسلمين ،
إن هذه الأحداث ، آيات من آيات الله تعالى ، يخوف الله بها العباد ،
إنها ليست بالأمر الهين الذي يتلقاه الناس بالدعة و الراحة ، إنها أحداثٌ و آيات ،
ينذر الله تعالى بها المخالفين ، و يخوف بها العاصين الذين ضربوا في المعاصي و الآثام ،
و أعرضوا عن طاعة الله و ذكره .
و إن استقبالها على أنها ظواهر كونية و أعراض طبيعية ،
لهو من الغفلة عن أيات الله و نذره ،
إنما تستقبل بالتوبة إلى الله عز و جل و الإقلاع عما قد يوجب غضبه و عقابه ،
(( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا
لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ ))
[ الأعراف : 23 ] .
ثم صلوا و سلموا على البشير النذير و السراح المنير ، الرحمة المهداة للعالمين أجمعين
نبيكم سيدنا محمد سيد المرسلين ،
فقد أمركم بذلك ربكم فقال في محكم تنزيله و هو الصادق في قيله قولاً كريماً :
(( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً ))
[الأحزاب:56].
اللهم صلِّ و سلم و بارك على عبدك و رسولك نبينا محمد
محمد بن عبد الله بن عبد المطّلب صاحبِ الحوض و الشّفاعة ،
صاحب الوجه الأنور و الجبين الأزهر ، و الخلق الأكمل ، و على آله الطيبين الطاهرين
اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم
وعلى آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد ،
و بارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم
وعلى آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد .
و أرض اللهم عن أصحابه الكرام الغر المحجلين
أبو بكر و عمر و عثمان و على
و العشرة المبشرين
و على سائر الصحابة و التابعين و من سار على نهجهم إلى يوم الدين
اللهمّ أعزّ الإسلام والمسلمين...
ثم باقى الدعاء
اللهم أستجب لنا اللهم أميـــــن
أنتهت

رد مع اقتباس