عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-05-2013, 03:03 AM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

و قد كان السلَفُ يرحمهم الله إذا جاءَ رمَضان
ترَكوا الحديثَ و تفرَّغوا لقراءةِ القرآنِ ،
و سيرتُهم إلى وقتٍ قريب شاهدةٌ
لمن يختِم القرآن في رمضانَ كلَّ يوم أو كلَّ ثلاثةِ أيّام و نحو ذَلِك .
فالهَجوا يرعاكُم الله
بذِكرِ ربِّكم ، و رَطِّبوا ألسِنَتكم بتلاوةِ كِتابِه ،
فبهِ تزكو النّفوس و تنشرِح الصدور و تعظُم الأجور .
أيّها المسلِمون
الجودُ و الإنفاق مرتَبِط بالقرآن ،
فعن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما أنه قال :
[ كان النبيّ صلى الله عليه و سلم أجودَ الناس ،
و كان أجودَ ما يكون في رمضانَ حيث يلقاه جبريلُ فيدارسه القرآن ،
فلرسولُ الله عليه الصلاة و السلام حين يلقَاه جبريلُ
أجودُ بالخيرِ من الرّيح المرسلة ] .
رواه البخاري .
و ذلك أنَّ رمضانَ شهر يجودُ الله فيه على عبادِه بالرحمة و المغفِرة
و العِتق من النار و الرِّزق و الفضل ، فمن جادَ على عبادِ الله جاد الله عليه .
و اليومَ و قد جفِّفَت كثيرٌ مِن منابع العطاءِ فمَن للفقراءِ
و المساكين و اليتامى و الأيامى ؟!
من لشعوبٍ قهَرَتها الخُطوب و أوهَنَتها الحروبُ ،
إخوةٌ لكم في الدّين من لهم بعدَ الله إلاَّ أنتم ؟!
فهل نتَّخِذ من هذا الشهر الكريم تجديدًا للبِرِّ و الإحسان ؟!
فيا مَن أفاء الله عليه من الموسرينَ ، إنَّ الله هو الذي يعطِي و يمنَع و يخفِض و يرفَع ، و هو الذي استخلَفَكم فيما رزقَكم لينظرَ كيف تعملون ، و المؤمِنُ في ظِلِّ صدقته يومَ القيامة ،
{ وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }
[ سبأ : 39 ] ،
و لن يُعدَم الموسِر محتاجًا يعرِفه بنفسِه أو جهاتٍ موثوقَةٍ تعينُه .
أيّها المسلمين
الصومُ حِكَم و أسرار ، و منها أنّه حِرمان مشروع و تأدِيبٌ بالجوع و خُشوع لله و خضوع ،
يستثير الشَّفَقةَ و يحضُّ على الصّدقة، يكسِر الكِبر ، و يعلِّم الصبر ، و يسنُّ خِلالَ البرّ ،
حتى إذا جاعَ مَن ألِفَ الشِّبَع و حُرِم المترَف أسبابَ المُتَع
عرَف الحرمانَ كيف يقع و الجوعَ كيفَ ألمُه إذا لذع .
أيّها المؤمنون الصّائمون
رمَضان شهرُ الفُتوحات و الانتِصارات ،
و بقدر ما نستبشِر بحلوله بقدرِ ما نعقِد الآمالَ
أن يبدِّل الله حالَ الأمّة إلى عزٍّ و نصرٍ و تمكين ،
و أن يردَّها إليهِ ردًّا جميلاً و ها هو رمَضانَ يحلّ بِنا و الأمة مثخَنَة بالجراح مثقَلَة بالآلام .
يحلُّ رمضانُ و مسرَى رسولِ الله عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام
محتَلّ من حُثالةٍ نجِسة قد أصاب رجسُها أصقاعَ الأرض .
يحُلّ رمضان و المرابِطون في أكنافِ بيت المقدِس من المؤمنين
يقتَلون و يشرَّدون وتهدَم منازلهم و تجرَف أراضيهم وتبَادُ جماعتهم ،
فإلى الله المشتكى .
إنَّ أقلَّ حقٍّ لإخوانِكم و ليس بقليلٍ في هذا الشهرِ الكريم أن تذكروهم بدعاءٍ صادق ،
و أن تدعُوا الله لهم في سجودِكم و إخباتكم ،
و أن تشاطِروهم قضاياهم و تهتمّوا بأحوالهم ،
و من لم يهتمَّ بأمرِ المسلمين فليس منهم ،
{ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً }
[ النساء:84 ] .
إنّ رمضانَ موسمُ الإنابة و التّوبة ، ألم يأن للأمّة أن تحقِّق العبوديةَ الصادقة لخالقها ،
و أن تركنَ لباريها و تستنزِل النصرَ من السماء بأسبابه ،
و تتوجَّه إلى الله لا إلى سواه ؟!
إنّ الآمالَ كبيرة ، و الثّقةَ في اللهِ تعالى كامِلة ،
و هو المستعانُ و عليه البلاغ .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ
كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
[ البقرة : 183 - 185 ] .
بارَك الله لي و لَكم في القرآنِ العظيم ،
و نفعَنا الله و إيّاكم بما فيه من الآياتِ و الذكر الحكيم ، أقول قولي هذا ،
و أستغفِر الله تعالى لي و لكم و لسائرِ المسلمين من كلِّ ذنب و خطيئةٍ ،
فاستغفروه و توبوا إليه ، إنّه هو الغفور الرّحِيم .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمد لله جعل الصيام جنة ، و سببًا موصلاً إلى الجنة ،
أحمده سبحانه و أشكره ؛ هدى إلى خير طريق و أقوم سنة .
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدًا عبده و رسوله بعثه إلينا فضلا منه و منة ،
اللهم صل و سلم و بارك على عبدك و رسولك محمدٍ ،
و على آله و أصحابه و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أيّها المؤمِنون
حينَما يستقبِل المسلم موسمًا يرجو غنيمَتَه
فإنّه يجب عليه ابتداءً تفقُّد نفسِه و مراجعةُ عملِه حتى لا يتلبَّس بشيءٍ
من الحوائِلِ و الموانِعِ التي تحول بينَه و بين قبولِ العمَل أو تُلحِق النقصَ فيه ؛
إذ ما الفائِدة من تشميرٍ مهدورٍ أجرُه ، و عمَلٍ يرجَى ثوابه فيلحقُ وِزره ؟!
و مِن ذلك التّفقُّه في دينِ الله
و اجتنابُ الذنوبِ و المعاصي و محبِطات الأعمال و إعفافُ الجوارح ،
و لهذا قال النبيّ صلى الله عليه و سلم :
( من لم يدَع قولَ الزورِ و العملَ به و الجهلَ
فليس لله حاجةٌ أن يدَع طعامه و شرابَه )
رواه البخاري " .

رد مع اقتباس