عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-04-2013, 11:22 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

قال ابن إسحاق‏:

وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عوف بن الحارث - وهو ابن عفراء-

قال‏:‏ يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده‏؟‏

فنزع درعاً كانت عليه فقذفها، ثم أخذ سيفه فقاتل حتى قتل رضي الله عنه‏.‏

قال ابن إسحاق‏:‏

ثم عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ورجع إلى العريش

فدخله ومعه أبو بكر ليس معه فيه غيره‏.‏

وقال ابن إسحاق‏:‏

وغيره وكان سعد بن معاذ رضي الله عنه واقفاً على باب العريش متقلداً بالسيف

ومعه رجال من الأنصار يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفاً

عليه من أن يدهمه العدو من المشركين والجنائب النجائب

مهيأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن احتاج إليها ركبها

ورجع إلى المدينة كما أشار به سعد بن معاذ‏.‏

وقد روى البزار في ‏(‏مسنده‏)‏ من حديث محمد بن عقيل عن علي أنه خطبهم‏.‏

فقال‏:‏ يا أيها الناس من أشجع الناس‏؟‏

فقالوا‏:‏ أنت يا أمير المؤمنين‏.‏

فقال‏:‏ أما إني ما بارزني أحد إلا انتصفت منه، ولكن هو أبو بكر،

إنا جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشاً فقلنا من يكون

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يهوي إليه أحد من المشركين،

فوالله ما دنا أحد إلا أبو بكر شاهراً بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم

لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه فهذا أشجع الناس‏.‏

قال‏:‏ ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش

فهذا يحاده، وهذا يتلتله ويقولون‏:‏ أنت جعلت الآلهة إلهاً واحداً،

فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر يضرب ويجاهد ويتلتل هذا

، وهو يقول‏:‏ ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 3 /332‏)‏

ثم رفع علي بردة كانت عليه فبكى حتى أخضلت لحيته‏.‏

ثم قال‏:‏ أنشدكم الله أمؤمن آل فرعون خير أم هو‏؟‏

فسكت القوم،

فقال علي‏:‏ فوالله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض

من مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه‏.‏

ثم قال البزار‏:‏

لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه‏.‏

فهذه خصوصية للصديق حيث هو مع الرسول في العريش

كما كان معه في الغار رضي الله عنه وأرضاه‏.‏

ورسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الابتهال والتضرع والدعاء

ويقول فيما يدعو به‏:‏

( نظرَ نبيُّ اللهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إلى المشرِكينَ وَهم ألفٌ ،
وأصحابُهُ ثلاثُمائةٍ وبضعةُ عشرَ رجلًا
فاستقبَلَ نبيُّ اللهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ القبلةَ ثمَّ مدَّ يدَيهِ وجعلَ يَهتِفُ بربِّهِ
اللَّهمَّ أنجِز لي ما وعدتَني اللَّهمَّ إنَّكَ إن تُهلِك هذهِ العصابةَ مِن أهلِ الإسلامِ
لا تُعبدُ في الأرضِ فما زالَ يَهتِفُ بربِّهِ مادًّا يدَيهِ مُستقبِلَ القِبلةِ
حتَّى سقطَ رداؤُهُ عن مَنكِبَيهِ فأتاهُ أبو بكرٍ فأخذَ رداءَهُ
فألقاهُ علَى مَنكبَيهِ ثمَّ التزمَهُ مِن ورائِهِ وقالَ :
يا نبيَّ اللهِ كفاكَ مناشدتَكَ ربَّكَ فإنَّهُ سَينجِزُ لَكَ ما وعدَكَ
فأنزلَ اللَّهُ تبارَك وتعالى :
{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أنِّي مُمِدُّكُمْ بِألْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ }
فأمدَّهُم اللَّهُ بالملائكةِ )
هذا وقد تواجه الفئتان وتقابل الفريقان، وحضر الخصمان بين يدي الرحمن واستغاث بربه سيد الأنبياء، وضج الصحابة بصنوف الدعاء إلى

رب الأرض والسماء سامع الدعاء وكاشف البلاء، فكان أول من قتل

من المشركين الأسود بن عبد الأسد المخزومي‏.‏

قال ابن إسحاق‏:

‏ وكان رجلاً شرساً سيء الخلق فقال‏:‏ أعاهد الله لأشربن من حوضهم

أو لأهدمنه أو لأموتن دونه‏.‏

فلما خرج خرج إليه حمزة بن عبد المطلب، فلما التقيا ضربه حمزة فاطن

قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض فوقع على ظهره تشخب رجله دماً

نحو أصحابه، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه يريد - زعم –

أن تبر يمينه واتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض‏.‏

قال الأموي‏:‏

فحمى عند ذلك عتبة بن ربيعة وأراد أن يظهر شجاعته، فبرز بين أخيه

شيبة وابنه الوليد، فلما توسطوا بين الصفين دعوا إلى البراز

فخرج إليهم فتية من الأنصار ثلاثة هم‏:‏

عوف ومعاذ ابنا الحارث،

وأمهما عفراء،

والثالث عبد الله بن رواحة - فيما قيل -‏.‏

فقالوا‏:‏ من أنتم‏؟‏

قالوا‏:‏ رهط من الأنصار‏.

‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 3/333‏)‏

فقالوا‏:‏ ما لنا بكم من حاجة‏.‏

وفي رواية فقالوا‏:‏ أكفاء كرام ولكن أخرجوا إلينا من بني عمنا،

ونادى مناديهم‏:‏ يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا‏.‏

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

( قم يا حمزةُ قم يا عليُّ قم يا عبيدةَ بنَ الحارثِ )
وعند الأموي أن النفر من الأنصار لما خرجوا كره ذلك

رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أول موقف واجه فيه

رسول الله صلى الله عليه وسلم أعداءه فأحب أن يكون أولئك

من عشيرته فأمرهم بالرجوع وأمر أولئك الثلاثة بالخروج‏.‏

قال ابن إسحاق‏:

‏ فلما دنوا منهم‏.‏

قالوا‏:‏ من أنتم‏؟‏ - وفي هذا دليل أنهم كانوا ملبسين لا يعرفون من السلاح

فقال عبيدة‏:‏ عبيدة‏.‏

وقال حمزة‏:‏ حمزة‏.‏

وقال علي‏:‏ علي‏.‏

قالوا‏:‏ نعم ‏!‏‏!‏ أكفاء كرام‏.‏

فبارز عبيدة وكان أسن القوم، عتبة، وبارز حمزة شيبة،

وبارز علي الوليد بن عتبة‏.‏

فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله،

واختلف عبيدة وعتبة بينهما بضربتين كلاهما أثبت صاحبه،

وكرَّ حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فذففا عليه

، واحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابهما رضي الله عنه‏.‏

وقد ثبت في ‏(‏الصحيحين‏)‏‏:‏ من حديث أبي مجلز، عن قيس بن عباد،

عن أبي ذر‏:‏ أنه كان يقسم قسماً أن هذه الآية‏:

‏ ‏{ ‏هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ‏ }‏

‏[‏الحج‏:‏ 19‏]‏

نزلت في حمزة وصاحبه، وعتبة وصاحبه يوم برزوا في بدر‏.‏ هذا لفظ البخاري في تفسيرها‏.‏

رد مع اقتباس