الحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بكرة و أصيلاً ،
أحمده سبحانه و أشكره ، و أتوب إليه و أستغفره ، و أكبِّره تكبيرا ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله ،
بعثه بالحق بشيراً و نذيراً ، و داعياً إلى الله بإذنه و سراجاً منيراً ،
صلى الله عليه و على آله و أصحابه و التابعين ،
و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، و سلَّم تسليماً كثيراً .
أمــا بـعـــد :
أيها الإخوة ، إنَّ من أدب الإسلام في التعارف و حسن العشرة
أن يكون التواصل في وضوح و بيِّنة ،
حيث لا مانع أن يذكرَ الأخ لأخيه ما يكنُّه له من محبّة و تقدير ،
و في الحديث الشريف :
(( إذا أحبّ أحدكم أخاه فليخبره أنه يحبُّه ))
أخرجه أحمد و الترمذي و إسناده حسن ،
وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال :
كان رجل عند النبي صلى الله عليه و سلم ، فمرّ رجل فقال :
يا رسول الله ، إني أحبّ هذا ، قال :
(( أعلَمْتَه ؟ ))
قال : لا ، قال :
(( فأعلِمْه )) ،
فلحقه فقال : إني أحبك في الله ،
فقال : أحبَّك الذي أحببتَني له .
أخرجه أحمد و ابن حبان و الحاكم و صححه و أقره الذهبي .
و من سنن الصداقة التزاورُ الخالي من الأغراض ،
ففي الخبر عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم :
(( إن رجلاً زار أخاً له في قرية ، فأرسل الله على مدرجته ملكاً ،
فلما أتى عليه قال : أين تريد ؟ قال : أريد أخاً لي في هذه القرية ،
قال : هل لك عليه من نعمة تربُّها ؟! قال : لا ، غيرَ أني أحبّه في الله تعالى ،
قال : فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبَّك كما أحببتَه فيه ))
أخرجه مسلم،
و في خبر آخر :
(( من عاد مريضاً أو زار أخا له في الله نادى منادٍ :
طِبتَ و طاب ممشاك ، وتبوّأتَ من الجنة منزلاً ))
أخرجه الترمذي و قال : " حديث حسن " .
فاتقوا الله رحمكم الله ، و أصلحوا ذاتَ بينكم ، و احفظوا حقوقَ إخوانكم ،
واحرصوا على الجماعة و الألفَة ، و لا تتجشَّموا التكلّف ، و أخلصوا في الودّ ،
و احفظوا العهد ، فلقد قال الفضيل رحمه الله : " إنما تقاطَع الناس بالتكلّف ،
يزور أحدهم أخاه فيتكلّف له ، فيقطعه ذلك عنه " ،
و احفظوا كلمةَ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حين قال :
( لا تظنَّ بكلمة خرجت من مسلم شراً و أنت تجدُ لها في الخير محملا ) .
أيها الإحبة في الله : وددت تنبيهكم إلى انتشار بعض اللصوص في المساجد ،
و وجود بعض ضعاف النفوس الذين يتسللون بين صفوف المصلين
و من ثم يقومون بسرقة الحقائب الشخصية ، و الهواتف المحمولة
و غيرها مما خف وزنه و غلا ثمنه ،
و قد تعرض لذلك غير واحد من المصلين في هذا المسجد وغيره من المساجد
وبخاصة في يوم الجمعة بعد الصلاة، فعليكم بأخذ الحيطة و الحذر منهم ،
حتى لا تتعرضوا للأذى . و إننا إذ ننبه لهذا الأمر ،
فإننا نحذر هؤلاء اللصوص من عقوبة الله و مقته في الدنيا و الآخرة ،
نسأل الله الهداية للجميع ، إنه قريب مجيب .
هذا وصلوا و سلموا على خير البرية نبيكم محمد رسول الله
فقد أمركم بذلك ربكم فقال عز من قائل سبحانه :
{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً }
[الأحزاب:56] .