عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-17-2013, 08:55 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي

وينتهي وقتُ ذبح الأضحية بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق،

لقوله - صلى الله عليه وسلم -:


( وكلُّ أيام التشريق ذبح )

أخرجه الإمام أحمد وغيره.

ولا يجوز التضحيةُ بالمَعِيبة عيوبًا بيِّنة،

لحديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:


( أربعٌ لا تُجزِئُ في الأضاحي: العَوْراءُ البيِّن عوَرُها، والمريضةُ البيِّن مرضُها،

والعَرجاءُ البيِّن ظلَعها، والكبيرة التي لا تُنقي )

أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن.


ويُعتبرُ في سن الهدي والأضحية السنُّ المُعتبر شرعًا،

وهو: خمسُ سنوات في الإبل، وسنتان في البقر، وسنةٌ في المعز،

ونصفُ سنةٍ في الضأن.


وتُجزئُ الشاةُ الواحدةُ عن الرَّجُل وأهل بيته، كما في حديث أبي أيوب - رضي الله عنه -.


ومن سُنن الأضحية: أن يتولَّى المُضحِّي الذَّبحَ بنفسه؛

لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نَحَر ثلاثًا وستين بدَنَة بيده الشريفة،

ثم أعطى عليًّا - رضي الله عنه - فنَحَر ما غبَر،

كما جاء في صحيح الخبَر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد ضحَّى - عليه الصلاة والسلام - بكبشَيْن أملَحَيْن أقرنَيْن، ذبحَهما بيده، وسمَّى وكبَّر.


الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


ومن السنة - يا عباد الله -:

ألا يُعطَى جازِرُها أُجرته منها.


ومن السنة:

أن يأكل منها ثُلُثًا، ويُهدِي ثُلُثًا، ويتصدَّق بثُلث، لقوله تعالى:


{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

[ الحج: 36 ].


الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمدُ لله كثيرًا، وسُبحان الله بُكرةً وأصيلاً.


أمة الإسلام، أيها الحُجَّاج الكِرام:


ها أنتم أُولاء تنعَمون في أشرفِ الأزمِنة وأطهَر البِقاع والأمكِنة،

تنعَمون بأفيَاء التوحيد والإيمان، والأمن والأمان، وإفراد الواحِد الديَّان،

فاشكرُوا الله على هذه المنَّة الجليلة، والنِّعمة الجَزيلة.


وقد كانت أرجاءُ المعمورة قبل نُور الإسلام في ضلالاتٍ ووثنيَّة، وشركٍ وجاهليَّة،

إلى أن أشرقَت البِعثةُ المُحمديَّة - على صاحبِها أفضلُ الصلاة وأزكَى التحيَّة -،

فأنقَذَت العالمَ - بفضل الله - إلى مِهاد الحقِّ والتوحيد،

وحياة المُعتقَد الصحيح وإبطالِ التَّنديد.


وتلك الدعوةُ الربَّانيَّة قامَت على إفراد الله وحدَه بالعبادة دون سِواه تحقيقًا

وإذعانًا وتصديقًا


{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)

لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }

[ الأنعام: 162، 163 ]


{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }

[ الذاريات: 56 ].


ولهذا المقصد الذي عمَّت فضائلُه وكثُرَت دلائلُه أُرسِلَت الرُّسل، وأُنزِلَت الكتب،


{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }

[ الأنبياء: 25 ].


ويُحذِّرُ المولَى - سبحانه - خاتمَ رُسُله وأنبيائِه من معرَّة الشركِ ومغبَّاته،

وآفاته وويلاتِه،


{ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ

لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

[ الزمر: 65 ].


فالتوحيدُ - يا حُجَّاج بيت الله الحرام - أعظمُ نعمةٍ كمُلَت فضائِلُها وتمَّت،

وكثُرت بركاتُها وجمَّت، وأذهبَت الغياهِبَ عن الدنيا وجلَّت،


{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ }

[ محمد: 19 ].

فنعمةُ التوحيدِ الخالِصِ من الشوائِبِ لا تُقدَّرُ بثمنٍ، وكلُّنا في حبِّها والدعوةِ لها مُرتهَن،

وما يُبدِئُ المُحبُّ ويُعيد في قضيَّة العقيدة والتوحيد إلا لأن التوحيدَ حقُّ الله على العَبيد،

وما كان حقًّا لله - جل وعلا - طابَ تردادُه في الأفواه وحلا،


{ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ

فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ }

[ الحج: 31 ].


وتجلُّ المسؤوليَّةُ المُناطَةُ بأهل العقيدة، السائرين على المنهَج الربَّانيِّ الوضَّاح،

وكذا القادةُ والسَّاسة، والعلماءُ والدعاةُ ذوُو الكِياسَة،

أن ينتشِلُوا المُجتمعات والأجيال من أوهاقِ الافتِئات على العقيدة،

والمُزايَدة على مرامِيها العَتيدة، وأن يتَّخِذوا من التوحيد أطيبَ سقيٍ وغِراس،

وخيرَ مِنهاجٍ ونِبراس، لإصلاح أحوال الأمة وتوثيقِ اتِّحادِها،

ودَحر الأرزاءِ عنها وتحقيقِ أجلِّ مُرادِها.


أفـاضَ إلـيـك الـمُـسـلـمــون مـواكِـبًــا تـعُـجُّ بـهــا شـتَّــى الـفِـجــاج وتـجــأرُ

وقـد مـلأَ الـتـوحـيـدُ مـنـهـا شِـغـافَـهـا وحــلَّــقَـــت الأرواحُ وهـــــي تُــكــبِّـــرُ


الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها الحَجيج الأخيار، أحبَّة الحبيب المُصطفى المُختار –

عليه صلاةُ ربِّي وسلامُه ما تعاقَبَ الليلُ والنهار -:


ومن القضايا المهمَّة الأكيدة، الراسِخة الوَطيدة بعد عظمة العقيدة،

والتي أوجبَت التوارُد عليها تمسُّكًا واستِباقًا، اقتِداءًا واستِحقاقًا:

اتِّباعُ هديِ خيرِ البريَّة - عليه الصلاة والسلام -، والتمسُّك بسُنَّته السنيَّة؛

لأن اتِّباع المُصطفى هو الحقُّ والاجتِبا، والنورُ والاصطِفا.

فهو منهجٌ شرعيٌّ مدَى الحياة، ومُعتقَدٌ ربَّانيٌّ حتى الوفاة،

وثباتٌ على هديِه - عليه الصلاة والسلام - من غير تبديل، ووفاءٌ لسُنَّته من غير تأويل.


وسنُلقَّى النتيجة البَهيجة، والحَصيلة الأرِيجَة إذا تجاوَزَت الأمةُ حيِّزَ الأقوالِ

والانفِعال إلى التحقُّق والنُّصرة والفِعال، امتِثالاً لقوله - سبحانه -:


{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }

[ الأحزاب: 21 ].


وقوله - عليه الصلاة والسلام -:


( عليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدِي )

أخرَّجه أهلُ السُّنن من حديثِ العِرباضِ بن سارِيَة - رضي الله عنه -.


يقولُ القاضِي عِياضٌ - رحمه الله -:


[ ومن محبَّته - صلى الله عليه وسلم - نُصرةُ سُنَّته والذبُّ عن شريعتِه ]


مــن جــاء بـالـديــنِ الـحـنـيــفِ مُـخـلَّـصًــا فــلَـــنـــا بـــقَـــفْـــوِ ســبــيـــلِـــه إنــــجــــاحُ

هـذا الـكـتـابُ الـمُـسـتـبـيـنُ ومـثـلُـه سُـنـنٌ حِـــــســــــانٌ تُــــحــــتَــــذَى وصِـــــحــــــاحُ


الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


معاشر المسلمين :


وفي هذا العصر الذي طوَت فيه الإنسانَ فتنُ الماديَّات والنظريَّات،

واختلَجَتْه عِللُ الأفكار والشُّبُهات، ظهرَت قضيَّةٌ مُستأنِفةً رواجَها، ماجَّةً مِلحَها وأُجاجَها،

ألا وهي: تحكيمُ العقل بين يدَي صحيحِ النَّقلِ.


وهذه القضيَّةُ التي تشبَّع بها كثيرٌ من المشارِب،

وانساقَ خلفَها فِئامٌ فأُركِسُوا في حمأَة الغياهِب،

قد جلاَّها أيَّما تجلية أساطينُ الإسلام وأفذاذُه الأعلام؛ بل قد حسَمَها الإسلام:


{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }

[ الحجرات: 1 ]


{ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ

ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

[ النساء: 65 ].

فعلى الأمة جمعَاء شدُّ رِكابِها صوبَ هذه الفاقِرة - فاقِرة التعقلُن –

حِيالَ النصوص الشرعيَّة، لصدِّ زخَّارِها وأتيِّها، ودحرِ عتيِّها وأبيِّها،

نُصرةً لدين الله، وحِفظًا لشرعهِ.


يـا لـيـتَ شِـعـريَ أيُّ عـقـلٍ يُــوزَنُ بــه الـكـتــابُ والـهُــدى والـسُّــنــنُ

فـكـلُّ مُـؤثِـرٍ عـلـى الـنـقـلِ الـهـوَى حــلَّ عـلـيــه غـضــبٌ فـقَــد هــوَى


الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

رد مع اقتباس