عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-20-2011, 12:32 AM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي 78 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( ولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام )



78 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان :
( ولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام )
ألقاها الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى


أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع المجموعات الإسلامية الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب
================================================== ================================


78 - خطبتى الجمعة بعنوان

( ولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام )





الحمد لله شرع الشرائع و أحكم الأحكام ،

أحمده سبحانه و أشكره فهو ولي كل إنعام ،

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الملك القدوس السلام ،

و أشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده و رسوله سيد الأنام ،

أوضح المحجة ، و أظهر معالم الشريعة ، و بين الحلال و الحرام ،

صلى الله و سلم و بارك عليه ، و على آله و صحبه البررة الكرام ،

و التابعين و من تبعهم بإحسان ما تعاقبت الليالي و الأيام .

أمــا بــعــد :

فأوصيكم أيها الناس و نفسي بتقوى الله عز و جل فعليكم بتقوى الله فالزموها ،

و بادروا بالأعمال الصالحة و التزموها ، الزمان يطوي مديد الأعمار ، و كل من عليها راحل عن هذه الدار ، التسويف لا يورث إلا حسرة و ندماً ، و طول العمر لا يُعقِبُ إلا هرماً و سقماً ،

فواعجبًا لنفوس طال على الدنيا إقبالها و غلُظ عن الآخرة إعراضها و إهمالها

{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءانَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }

[محمد:24].

معاشرَ المسلِمين ، في هذه الأيّام تتوافَدُ وفودُ الرّحمن و ضيوفه إلى حرم الله ،

و إلى مسجدِ رسولِه صلّى الله عليه و آله و سلّم ،

حيث تلتهبُ الأشواق إلى مهبطِ الوحي و إلى طيبة الطيبة ،

إلى هذه البِقاع الطاهرةِ و المشاعر المُعظَّمة ، بقاعٍ و مشاعِر قدَّسها الله و عظَّمَها ،

و خصَّها برسالته و متنزَّل وحيه و مولد نبيّه و مرباه و مَبعثه و مُهاجَره .


تتوافَد هذه الحشودُ المسلمة من كلّ بقاع الدنيا ، من مشارق الأرض و مغاربها ،

يحملها البَرّ و البحر و الجوّ إلى مكة المكرمة بيت الله ،

و المدينة المصطفويّة المنورة مدينةِ رَسول الله صلّى الله عليه و آله وسلّم ،

فهنيئًا لهم الوفادَة ، و هنيئًا لهم الكرامَة ، و بُشراهم القبول بإذن الله .

معاشر المسلمين : جعل الله البيت الحرام مثابة للناس و أمناً ،

و جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس .

إرتباط المسلم ببيت الله و بالقبلة ليس مقصورًا على أشهرٍ معلومات و لا محصورًا في أيام معدودات ،

و لكنه ارتباط دائم و وشائج لا تنقطع . المسلم يبدأ يومه و يستفتح عمله كما يختم نشاطه

بالتوجه إلى البيت الحرام حين يقف بين يدي ربه قائماً يؤدي الصلوات الخمس موزعةً بانتظام

في يومه و ليلته ، ينتظم مع إخوانه المسلمين حيثما كانت مواقعهم و أينما كانت ديارهم ،

ناهيكم بالنوافل و الأدعية و الأذكار التي يُشرع فيها استقبال البيت الحرام ، فهذه صور و هيئات

لا حصر لها يتفاوت فيها المسلمون و يتنافس فيها الصالحون ،

بيت الله المحرم هو الوجهة الدائمة التي ترافق العبد المؤمن في كل حياته ،

ليس مرتبطاً بموسم و لا محصوراً في فريضة ، بل حتى حين يوّسد في قبره دفيناً

فإنه يوجّه إلى البيت الحرام فهي قبلتكم أحياءً و أمواتاً .

تأملوا حفظكم الله هذه الآيات الثلاث :

قول الله عز و جل :

{ قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَاء فَلَنُوَلّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا

فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ

وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّهِمْ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }

[البقرة:144].

وتأملوا قوله سبحانه :

{ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ

وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبّكَ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

[البقرة:149].

و قوله سبحانه :

{ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ

شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِى

وَلاِتِمَّ نِعْمَتِى عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

[البقرة:150].

يا ترى، ما هو السرُّ في التكرار لمعظم هذه الكلمات في هذه الآيات ؟

أُمر النبي صلى الله عليه و سلم باستقبال البيت في هذه الآيات ثلاث مرات ،

و أُمر المسلمون مرتين ، و تكرر قوله سبحانه :

{ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبّكَ }

مرتين ، و تكرر تعميم الجهات ثلاث مرات .

ما ذلك كله إلا لتأكيد عِظم هذا التوجه و التنويه بشأن استقبال الكعبة المعظمة و التحذير

من التساهل في ذلك تقريرًا للحق في نفوس المسلمين

{ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ }

[البقرة:147].

أيها المسلمون : إن أبعادًا كثيرةً لهذا التوجه قد غابت عن حياة كثير من المسلمين اليوم

فأصبح الأمر عندهم أقربَ للعادةِ منه للعبادة .

إن تولية الوجوه نحو البيت تقتضي الحضور الدائم لمعاني الولاء و الموالاة

و معاني الصلاة والحج و أسرارهما ، و كلِ عبادةٍ مرتبطةٍ باستقبالِ هذا البيت المعظم .

يُولّي المسلم وجهه شطر المسجد الحرام ليسير مع التاريخ بماضيه ، و يستصحبه في حاضره ،

ليتذكر تاريخ البيت و بناء البيت على التوحيد الخالص و الملة الإبراهيمية الحنيفية .

يُولّي وجهه شطر البيت ليرى كيف هدَّ الإسلام بنيان الجاهلية و قواعدها .

يُولّي وجهه شطر الكعبة المشرفة ليتذكر ألوان العذاب التي لقيها المسلمون المستضعفون

في ظلها و على جنباتها ،

و النبي صلى اله عليه و سلم يقول لهم مطمئناً و مثبتاً و مؤكداً :

( والله ليتمّن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت

لا يخاف إلا الله و الذئب على غنمه ، و لكنكم تستعجلون )

إنه النصر الذي لا بد أن يتم بإذن الله من خلال صحيح الإيمان و عزمات البشر ،

و الخضوع للسنن الإلهية في النصر و الهزيمة و لكنّ قومًا يستعجلون .

الجالس قبال بيت الله يدرك حكمة الدعوة و تربية الناس في مثل

قوله صلى الله عليه و سلم :

( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، و إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه )

[مخرج في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضى الله تعالى عنه].

و في مثل قوله صلى الله عليه و سلم :

( لولا أن قومكِ حدثاء بالكفر لنقضت البيت ثم بنيته على قواعد إبراهيم )

[أخرجه البخاري و غيره].

كل هذه الاستحضارات و التأملات من أجل أن لا يُكذّب الله و رسوله ،

و من أجل أن تُسلك مسالك الحكمة في الدعوة و الفقه و التعليم و التربية .

أيها المسلمون : و حكمة أخرى تتجلى حين التأمل في التوجه نحو بيت الله المحرم و استقباله .

ذلكم أن المقصود بالعبادات كلها تمام الخضوع لله

{ فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ }

[الماعون:3].

و بمقدار استحضار المعبود و عظمته و جلاله يقرب العبد من مرتبة الإحسان ، فالإحسان هو :

( أن تعبد الله كأنك تراه )

فكان التوجه إلى المسجد الحرام و إلى القبلة مساعدة على هذا الاستحضار العظيم .

العبادات و الشعائر لا تؤدى بالنية المجردة و لا بالتوجه القلبي و الروحي وحدِهما ،

و لكنّ هذه العبادات لها صفاتها و هيئاتها من القيام و القعود و الركوع و السجود و الأقوال

و الأفعال و الاتجاه نحو القبلة ، و كذلك الإحرام و الطواف و الحركة و السعي و الدعاء

و التلبية و النحر و الرمي و الحلق و التقصير و هكذا : في كل عبادة حركة و في كل حركة عبادة ،

رد مع اقتباس