من: الأخت/ غرام الغرام
الرضا (3)
من علامة الإيمان :
أحياناً الإنسان يستحيي بإسلامِهِ، هل يرى أنَّ إسلامهُ ناقص؟
في أشياء صعب تطبيقُها, مُحرِجة, لا تُصافح, ماذا أقول لها: أنا موظف؟
لمّا أنتَ تستحي بأوامر ربنا عزّ وجل ، عندما تستحيّ بالنواهي
وتستحي بالتشريع, لا تراهُ كامِلاً، لا تراهُ تامّاً، لا تراهُ يتناسبُ معَ هذا العصر,
معنى هذا أنكَ لم ترض بالإسلامِ ديناً,
يجبُ أن ترضى باللهِ ربّاً, وبالإسلامِ ديناً, وبمحمدٍ
-صلى الله عليه وسلم- نبيّاً ورسولاً، يعني هل رضيتَ بسُنتِهِ؟
هل تعتزُّ بسُنتِهِ؟ يعني أمَرَكَ أن تفعلَ كذا, وتفعلَ كذا, وأن تجتنبَ كذا, وأن تجتنبَ
كذا, هل أنتَ في مستوى سُنتِهِ؟.
إذاً: أحدُ علاماتِ إيمانِك: أن ترضى باللهِ ربّاً, وبالإسلامِ ديناً, وبمحمدٍ
-صلى الله عليه وسلم- رسولاً.
سؤال :
لي عِندكم سؤال: تذوقُ طعمَ الإيمانِ, فترضى باللهِ ربّاً, وبالإسلامِ ديناً,
وبمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم- رسولاً, أم ماذا؟ أيُهُما أول؟.
انظر:
( ذاقَ طعمَ الإيمانِ: من رضي باللهِ ربّاً, وبالإسلامِ ديناً,
وبمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم- رسولا )
يوجد حديثان: حَدَث الرِضا وحَدَث ذوق طعم الإيمان؛ أيُهُما أول؟
إذا رضيتَ باللهِ رباً, وبالإسلامِ ديناً, وبمحمدٍ -صلى اللهُ عليه وسلم-
نبيّاً ورسولاً, عندئذٍ تذوقُ طعمَ الإيمان، صار معنى الحديث:
أنهُ من رضي باللهِ ربّاً, وبالإسلامِ ديناً, وبمحمدٍ نبياً ورسولاً, ذاقَ
طعمَ الإيمان، فجاءَ النبي بصيغةٍ فيها تقديم وتأخير, وطبعاً التقديم
والتأخير في العربيّة وارد, وهوَ من البلاغة التقديم والتأخير.
وقالَ عليهِ الصلاةُ والسلام في حديثٍ رواهُ مُسلم:
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ, عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ:
( مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ,
وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا,
وَبِالإِسْلامِ دِينًا, غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ )
الحقيقة: عندما يرضى بالله رباً يستقيمُ على أمرِهِ، وبالإسلامِ ديناً
يتبّعُ أحكامَهُ، وبمحمدٍ نبيّاً يقتدي بِسُنتِهِ، إذاً: ليست لهُ ذنوب,
عندئذٍ تُمحى ذنوبُهُ وتُقبَلُ التوبة.
من رضي عن ربه فقد عرفه ومن عرف ربه رضي به:
في نقطة دقيقة في الموضوع:
الرِضا كسبيّ كما قُلت قبلَ قليل, يعني أنتَ إذا عرفتَ اللهَ رضيتَ عنه.
يعني إذا كان طفل صغير, رأى صديقَهُ يتلقّى ضرباتٍ من والِدهِ,
يقول هذا الطفل الصغير: هذا الأب ظالم، أمّا إذا كُنتَ أباً, وتعرِفُ
مشاعِرَ الأب تجاهَ ابنِهِ, وحِرصَهُ على أخلاق ابنِهِ, وحِرصَهُ على مستقبل ابنهِ,
ورأى ابنَهُ منحرِفاً قليلاً فأدّبَهُ, فالأب يُفسّر التأديب لا على أنهُ ظُلم,
ُفسّرُهُ على أنهُ رحمة وحِكمة وعدل وحُب وتربية، فكُلما ارتقى مستواكَ
الإيمانيّ ارتقى مع مستواكَ الإيمانيّ رِضاكَ عن الله عزّ وجل.
لذلك قالوا: من رضي عن ربِهِ فقد عَرَفَهُ, ومن عَرَفَ ربَهُ رضي عن ربِهِ.
يعني الرضا عن الله علامة معرِفة, ومعرِفةُ الله عزّ وجل تُثمِرُ الرِضا,
علاقة تقابِل.
قف هنا :
في نقطة دقيقة: هوَ أنَّ اللهَ سبحانهُ وتعالى حينما خلقَ العِباد خلقَهم
ليُسعِدَهُم, إذاً: هوَ أحبَّهُم, لكن حينما هُم يستقيمونَ على أمرِهِ, ويعبدونَهُ
حقَّ العِبادة, ويُحبونَهُ يُحِبهُم محبةً أُخرى ، واحد كرّمَ ابنَه دليل محبته,
أمّا حينما يكونُ هذا الابنُ بارّاً بأبيه, يأتي حُبٌ آخر حُبُ البِرّ,
هُناكَ حُبُ النبوة وهُناكَ حُبُ البِرّ.
لذلك:
أنتَ حينما ترضى عن اللهِ عزّ وجل, يرضى اللهُ عنك, لأنكَ رضيتَ عنه،
يعني أجمل موقف أنهُ عبد مؤمن, تأتيهِ مُصيبة,
فيُخاطِبُ اللهَ عزّ وجل, يقول: يارب إني راضٍ عنك.