و قد اختلف العلماء في معنى " الباءة " هنا على قولين :
فقال بعضهم : إنها القدرة على مؤن النكاح [ أي :تكاليفه و نفقاته ] .
و قال آخرون : إنها القدرة على الجماع .
و لا مــنــافــاة بــيــنــهــمـا
فيكون المعنى : من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤونته فليتزوج .
قال النووي يرحمه الله :
وَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُرَاد بِالْبَاءَةِ هُنَا عَلَى قَوْلَيْنِ يَرْجِعَانِ إِلَى مَعْنَى وَاحِد .
أَصَحّهمَا : أَنَّ الْمُرَاد مَعْنَاهَا اللُّغَوِيّ وَ هُوَ الْجِمَاع .
فَتَقْدِيره : مَنْ اِسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْجِمَاع لِقُدْرَتِهِ عَلَى مُؤَنه وَ هِيَ مُؤَن النِّكَاح فَلْيَتَزَوَّجْ ،
وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْجِمَاع لِعَجْزِهِ عَنْ مُؤَنه فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ لِيَدْفَع شَهْوَته ،
وَ يَقْطَع شَرّ مَنِيّه ، كَمَا يَقْطَعهُ الْوِجَاء .
" شرح مسلم " ( 9/173 )
*********
و قال ابن القيم يرحمه الله :
و قوله : " من استطاع منكم الباءة فليتزوج " :
فسرت الباءة بالوطء ، و فسرت بمؤن النكاح ،
و لا ينافي التفسير الأول إذ المعنى على هذا مؤن الباءة .
" روضة المحبين " (ص 219 )
*********
و قال شيخ الإسلام بن تيمية يرحمه الله :
وَ اسْتِطَاعَةُ النِّكَاحِ هُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمَئُونَةِ لَيْسَ هُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْوَطْءِ ،
فَإِنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا هُوَ خِطَابٌ لِلْقَادِرِ عَلَى فِعْلِ الْوَطْءِ ،
وَ لِهَذَا أُمِرَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصُومَ فَإِنَّهُ وِجَاءٌ .