وَالْحَدِيثُ الثَّانِي : حَدِيثُعَلِيٍّرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . رَوَىأَبُو دَاوُدَوَأَحْمَدُوَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ
وَالدَّارَقُطْنِيُّوَالْبَيْهَقِيُّعَنْأَبِي جُحَيْفَةَأَنَّعَلِيًّاقَالَ : السُّنَّةُ وَضْعُ الْكَفِّ عَلَى الْكَفِّ تَحْتَ السُّرَّةِ .
قُلْتُ : فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيُّ، وَعَلَيْهِ مَدَارُ هَذَا الْحَدِيثِ ،
وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ قَالَ الْحَافِظُالزَّيْلَعِيُّفِي نَصْبِ الرَّايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ :
قَالَابْنُ الْقَطَّانِ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ ابْنُ الْحَرْبِ أَبُو شَيْبَةَ الْوَاسِطِيُّ ،
قَالَ فِيهِابْنُ حَنْبَلٍوَأَبُو حَاتِمٍ : مُنْكَرُ الْحَدِيثِ ، وَقَالَابْنُ مَعِينٍ : لَيْسَ بِشَيْءٍ .
وَقَالَالْبُخَارِيُّ : فِيهِ نَظَرٌ . وَقَالَالْبَيْهَقِيُّفِي الْمَعْرِفَةِ : لَا يَثْبُتُ إِسْنَادُهُ .
تَفَرَّدَ بِهِعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيُّوَهُوَ مَتْرُوكٌ .
وَقَالَالنَّوَوِيُّفِي الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِمُسْلِمٍ : هُوَ حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ ،
فَإِنَّعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ إِسْحَاقَضَعِيفٌ بِالِاتِّفَاقِ ، انْتَهَى مَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ .
وَقَالَ الشَّيْخُابْنُ الْهُمَامِفِي التَّحْرِيرِ إِذَا قَالَالْبُخَارِيُّلِلرَّجُلِ فِيهِ نَظَرٌ ،
فَحَدِيثُهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا يُسْتَشْهَدُ بِهِ ، وَلَا يَصْلُحُ لِلِاعْتِبَارِ ، انْتَهَى .
فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا كُلَّهُ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ حَدِيثَعَلِيٍّهَذَا لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ وَلَا لِلِاسْتِشْهَادِ وَلَا لِلِاعْتِبَارِ .
ثُمَّ حَدِيثُعَلِيٍّهَذَا يُخَالِفُ لِتَفْسِيرِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَانْحَرْ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى وَسَطِ سَاعِدِهِ الْيُسْرَى
ثُمَّ وَضَعَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ فِي الصَّلَاةِ . رَوَاهُالْبَيْهَقِيُّوَابْنُ أَبِي شَيْبَةَوَابْنُ الْمُنْذِرِ
وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍوَالدَّارَقُطْنِيُّوَأَبُو الشَّيْخِوَالْحَاكِمُوَابْنُ مَرْدَوَيْهِ . كَذَا فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ .
قَالَ الْفَاضِلُ مُلَّا الْهَدَّادُ فِي حَاشِيَةِ الْهِدَايَةِ : إِذَا كَانَ حَدِيثُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ تَحْتَ السُّرَّةِ
ضَعِيفًا وَمُعَارَضًا بِأَثَرِعَلِيٍّبِأَنَّهُ فَسَّرَ قَوْلَهُ تَعَالَى وَانْحَرْ بِوَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ
عَلَى الصَّدْرِ يَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ بِحَدِيثِوَائِلٍالَّذِي ذَكَرَهُالنَّوَوِيُّ .
ثُمَّ حَدِيثُ عَلِيٍّ هَذَا مَنْسُوخٌ عَلَى طَرِيقِ الْحَنَفِيَّةِ ، قَالَ صَاحِبُ الدُّرَّةِ فِي إِظْهَارِ غِشِّ
نَقْدِ الصُّرَّةِ وَهُوَ حَنَفِيُّ الْمَذْهَبِ : رَوَىأَبُو دَاوُدَعَنْ جَرِيرٍ الضَّبِّيِّ أَنَّهُ قَالَ :
رَأَيْتُعَلِيًّايُمْسِكُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ عَلَى الرُّسْغِ فَوْقَ السُّرَّةِ ،
وَأَصْلُ عُلَمَائِنَا إِذَا خَالَفَ الصَّحَابِيُّ فِي مَرْوِيِّهِ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ ،
وَهَذَا الْفِعْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ ، انْتَهَى .
قُلْتُ : إِسْنَادُ أَثَرِعَلِيٍّهَذَا أَعْنِي الَّذِي رَوَاهُأَبُو دَاوُدَعَنْ جَرِيرٍ الضَّبِّيِّ صَحِيحٌ كَمَا سَتَعْرِفُ .
وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُأَبِي هُرَيْرَةَرَوَاهُأَبُو دَاوُدَفِي سُنَنِهِ عَنْأَبِي وَائِلٍ،
قَالَ : قَالَأَبُو هُرَيْرَةَ : أَخْذُ الْأَكُفِّ عَلَى الْأَكُفِّ فِي الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ .
قُلْتُ : فِي إِسْنَادِ حَدِيثِأَبِي هُرَيْرَةَأَيْضًاعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيُّ،
فَهَذَا الْحَدِيثُ - ص 79 - أَيْضًا لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ وَلَا لِلِاسْتِشْهَادِ
وَلَا لِلِاعْتِبَارِ كَمَا عَرَفْتَ آنِفًا .
وَالْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُأَنَسٍذَكَرَهُابْنُ حَزْمٍفِي الْمُحَلَّى تَعْلِيقًا بِلَفْظِ
: "ثَلَاثٌ مِنْ أَخْلَاقِ النُّبُوَّةِ : تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ
وَوَضْعُ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى الْيَدِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ" .
قُلْتُ : لَمْ أَقِفْ عَلَى سَنَدِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَالْعُلَمَاءُ الْحَنَفِيَّةُ يَذْكُرُونَهُ فِي كُتُبِهِمْ
وَيَحْتَجُّونَ بِهِ وَلَكِنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَ إِسْنَادَهُ ، فَمَا لَمْ يُعْلَمْ إِسْنَادُهُ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ
وَلَا لِلِاسْتِشْهَادِ وَلَا لِلِاعْتِبَارِ .
قَالَ صَاحِبُ الدُّرَّةِ : وَأَمَّا حَدِيثُأَنَسٍ " مِنْ أَخْلَاقِ النُّبُوَّةِ وَضْعُ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ
تَحْتَ السُّرَّةِ الَّذِي قَالَ فِيهِالْعَيْنِيُّإِنَّهُ رَوَاهُابْنُ حَزْمٍ، فَسَنَدُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِيُنْظَرَ فِيهِ
هَلْ رِجَالُهُ مَقْبُولُونَ أَمْ لَا ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ
مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ " تَحْتَ السُّرَّةِ " وَالزِّيَادَةُ إِنَّمَا تُقْبَلُ مِنَ الثِّقَةِ الْمَعْلُومِ ،
انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الدُّرَّةِ ، وَقَالَ الشَّيْخُ هَاشِمٌ السِّنْدِيُّ فِي رِسَالَتِهِ دَرَاهِمِ الصُّرَّةِ :
وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُالزَّاهِدِيُّفِي شَرْحِالْقُدُورِيِّ، وَابْنُأَمِيرِ الْحَاجِّوَابْنُ نُجَيْمٍفِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ :
أَنَّهُ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ ،
وَتَأْخِيرُ السَّحُورُ ، وَوَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ تَحْتَ السُّرَّةِ فِي الصَّلَاةِ "
قَالَ : لَمْ أَقِفْ عَلَى سَنَدِ هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ أَنَّالزَّاهِدِيَّزَادَ أَنَّهُ رَوَاهُعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَكِنْ قَالَابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّوَابْنُ نُجَيْمٍ
: إِنَّ الْمُخَرِّجِينَ لَمْ يَعْرِفُوا فِيهِ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا لَفْظُ ( تَحْتَ السُّرَّةِ ) ،
انْتَهَى كَلَامُ هَاشِمٍ السِّنْدِيِّ . فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ هِيَ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى وَضْعِ الْيَدَيْنِ
تَحْتَ السُّرَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ وَاحِدٌ مِنْهَا لِلِاسْتِدْلَالِ .
" الْفَصْلُ الثَّانِي " فِي ذِكْرِ مَا تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى وَضْعِ الْيَدَيْنِ فَوْقَ السُّرَّةِ .
لَمْ أَقِفْ عَلَى حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ ، نَعَمْ أَثَرُعَلِيٍّرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا ،
رَوَىأَبُو دَاوُدَفِي سُنَنِهِ عَنْ جَرِيرٍ الضَّبِّيِّ ، قَالَ : رَأَيْتُعَلِيًّايُمْسِكُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ
عَلَى الرُّسْغِ فَوْقَ السُّرَّةِ . قُلْتُ : إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ لَكِنَّهُ فِعْلُعَلِيٍّرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فَوْقَ السُّرَّةِ عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ مِنَ السُّرَّةِ
أَيْ عَلَى الصَّدْرِ أَوْ عِنْدَ الصَّدْرِ ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ. وَفِي حَدِيثِهُلْبٍ الطَّائِيِّ
وَمُرْسَلِطَاوُسٍوَسَتَأْتِي هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الثَّلَاثَةُ وَيُؤَيِّدُهُ تَفْسِيرُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
( وَانْحَرْ ) بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ .
الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي ذِكْرِ مُتَمَسِّكَاتِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ .