وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا أَنَّابْنَ التُّرْكُمَانِيِّشَيْخَ الْحَافِظِالزَّيْلَعِيِّذَكَرَ فِي الْجَوْهَرِ النَّقِيِّ لِتَأْيِيدِ
مَذْهَبِهِ حَدِيثَيْنِ ضَعِيفَيْنِ حَيْثُ قَالَ :
قَالَابْنُ حَزْمٍ : وَرَوَيْنَا عَنْأَبِي هُرَيْرَةَقَالَ : وَضَعَ الْكَفَّ عَلَى الْكَفِّ فِي الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ،
وَعَنْأَنَسٍقَالَ : ثَلَاثٌ مِنْ أَخْلَاقِ النُّبُوَّةِ : تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ ، وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ ،
وَوَضْعُ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ، انْتَهَى .
وَنَقَلَ قَبْلَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَثَرَأَبِي مِجْلَزٍعَنْ مُصَنَّفِابْنِ أَبِي شَيْبَةَحَيْثُ قَالَ :
قَالَابْنُ أَبِي شَيْبَةَفِي مُصَنَّفِهِ : ثَنَايَزِيدُ بْنُ هَارُونَأناالْحَجَّاجُ بْنُ حَسَّانَ،
سَمِعْتُأَبَا مِجْلَزٍ، أَوْ سَأَلْتُهُ قُلْتُ : كَيْفَ أَضَعُ ؟ قَالَ : يَضَعُ بَاطِنَ كَفِّ يَمِينِهِ
عَلَى ظَاهِرِ كَفِّ شِمَالِهِ وَيَجْعَلُهُمَا أَسْفَلَ مِنَ السُّرَّةِ ، انْتَهَى .
وَلَمْ يَنْقُلِابْنُ التُّرْكُمَانِيِّعَنْ مُصَنَّفِابْنِ أَبِي شَيْبَةَغَيْرَ هَذَا الْأَثَرِ ،
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِوَائِلٍالَّذِي أَخْرَجَهُابْنُ أَبِي شَيْبَةَزِيَادَةُ تَحْتَ السُّرَّةِ ،
فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ مَعَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لَنَقَلَهُابْنُ التُّرْكُمَانِيِّ،
إِذْ بَعِيدٌ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يَذْكُرَابْنُ التُّرْكُمَانِيِّ لِتَأْيِيدِ مَذْهَبِهِ حَدِيثَيْنِ ضَعِيفَيْنِ ،
وَيَنْقُلَ عَنْ مُصَنَّفِابْنِ أَبِي شَيْبَةَأَثَرَأَبِي مِجْلَزٍالتَّابِعِيِّ ، وَلَا يَنْقُلَ عَنْهُ حَدِيثَوَائِلٍالْمَرْفُوعَ
مَعَ وُجُودِهِ فِيهِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَمَعَ صِحَّةِ إِسْنَادِهِ .
وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا قَالَ الشَّيْخُمُحَمَّد حَيَاة السِّنْدِيُّفِي رِسَالَتِهِ فَتْحِ الْغَفُورِ
مِنْ أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمْ يَذْكُرْ تَحْتَ السُّرَّةِ ،
بَلْ مَا رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ - ص 77 - الْعِلْمِ ،
ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ إِلَّاالْقَاسِمَ . هَذَاابْنُ عَبْدِ الْبَرِّحَافِظُ دَهْرِهِ
قَالَ فِي التَّمْهِيدِ : وَقَالَالثَّوْرِيُّوَأَبُو حَنِيفَةَ : أَسْفَلَ السُّرَّةِ . وَرَوَى ذَلِكَ عَنْعَلِيٍّ
وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّوَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ عَنْهُمْ ، فَلَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ
فِي مُصَنَّفِابْنِ أَبِي شَيْبَةَلَذَكَرَهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ أَكْثَرَ فِي هَذَا الْبَابِ
وَغَيْرِهِ الرِّوَايَةَ عَنِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ .
وَهَذَاابْنُ حَجَرٍحَافِظُ عَصْرِهِ يَقُولُ فِي فَتْحِهِ : وَقَدْ رَوَىابْنُ خُزَيْمَةَمِنْ حَدِيثِوَائِلٍ
أَنَّهُ وَضَعَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ ،وَلِلْبَزَّارِعِنْدَ صَدْرِهِ ، وَعِنْدَأَحْمَدَفِي حَدِيثِهُلْبٍنَحْوَهُ .
وَيَقُولُ فِي تَخْرِيجِ الْهِدَايَةِ : وَإِسْنَادُ أَثَرِعَلِيٍّضَعِيفٌ ، وَيُعَارِضُهُ حَدِيثُوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ،
قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ : وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِالرَّافِعِيِّ، فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مَوْجُودَةً
فِي الْمُصَنَّفِ لَذَكَرَهَا ، وَكُتُبُهُ مَمْلُوءَةٌ مِنْ أَحَادِيثِهِ وَآثَارِهِ .
وَقَدِ اخْتَصَرَهُ كَمَا قَالَالسُّيُوطِيُّفِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّالزَّيْلَعِيَّالَّذِي شَمَّرَ ذَيْلَهُ
بِجَمْعِ أَدِلَّةِ الْمَذْهَبِ لَمْ يَظْفَرْ بِهَا وَإِلَّا لَذَكَرَهَا وَهُوَ مِنْ أَوْسَعِ النَّاسِ اطِّلَاعًا .
وَهَذَاالسُّيُوطِيُّالَّذِي هُوَ حَافِظُ وَقْتِهِ يَقُولُ فِي وَظَائِفِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ :
وَكَانَ يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى ثُمَّ يَشُدُّهُمَا عَلَى صَدْرِهِ ،
وَقَدْ ذَكَرَ فِي جَامِعِهِ الْكَبِيرِ فِي مُسْنَدِوَائِلٍنَحْوَ تِسْعَةَ أَحَادِيثَ عَنِ الْمُصَنَّفِ ،
وَلَفْظُ بَعْضِهَا : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ فِي الصَّلَاةِ
وَهَذَا اللَّفْظُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ نَقْدِ الصُّرَّةِ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ لَفْظَ " تَحْتَ السُّرَّةِ "
فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مَوْجُودَةً فِي الْمُصَنَّفِ لَذَكَرَهَاالسُّيُوطِيُّ .
وَهَذَاالْعَيْنِيُّالَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ الْغَثِّ وَالسَّمِينِ فِي تَصَانِيفِهِ يَقُولُ فِي شَرْحِهِ عَلَىالْبُخَارِيِّ :
احْتَجَّالشَّافِعِيُّبِحَدِيثِوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، أَخْرَجَهُابْنُ خُزَيْمَةَفِي صَحِيحِهِ ،
قَالَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ . وَيَسْتَدِلُّ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ بِدَلَائِلَ غَيْرِ وَثِيقَةٍ ، فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مَوْجُودَةً
فِي الْمُصَنَّفِ لَذَكَرَهَا ، وَقَدْ مَلَأَ تَصَانِيفَهُ بِالنَّقْلِ عَنْهُ .
وَهَذَاابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّالَّذِي بَلَغَ شَيْخَهُابْنَ الْهُمَامِفِي التَّحْقِيقِ وَسَعَةِ الِاطِّلَاعِ
يَقُولُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ : إِنَّ الثَّابِتَ مِنَ السُّنَّةِ وَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ - في الصلاة - ،
وَلَمْ يَثْبُتْ حَدِيثٌ يُوجِبُ تَعْيِينَ الْمَحَلِّ الَّذِي يَكُونُ الْوَضْعُ فِيهِ مِنَ الْبَدَنِ إِلَّا حَدِيثَوَائِلٍالْمَذْكُورُ ،
وَهَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ الرَّائِقِ ، فَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ فِي الْمُصَنَّفِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ ،
لَذَكَرَهُابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّمَعَ أَنَّ شَرْحَهُ مَحْشُوٌّ مِنَ النَّقْلِ عَنْهُ ، فَهَذِهِ أُمُورٌ قَادِحَةٌ
فِي صِحَّةِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِمُحَمَّدٍ حَيَاةٍ السِّنْدِيِّ .
قُلْتُ : فَحَدِيثُوَائِلِ بْنِ حُجْرٍالْمَذْكُورُ وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُهُ جَيِّدًا لَكِنْ فِي ثُبُوتِ زِيَادَةِ "
تَحْتَ - ص 78 - السُّرَّةِ " فِيهِ نَظَرًا قَوِيًّا كَمَا عَرَفْتَ ، فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ
بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وَضْعِ الْيَدَيْنِ تَحْتَ السُّرَّةِ . . ؟