الحمد لله ذي العز و السلطان ، أنزل القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان ،
أحمده سبحانه على عظيم الإحسان ،
و أشهد أن لا إله إلا الله عظيم الشأن ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله ،
بعثه الله إلى الإنس و الجان ،
اللهم صل و سلم و بارك على عبدك و رسولك محمد ،
و على آله و صحبه أولو الفضل و الإيمان .
و بَعــــدُ :
فيا أيّها النَّاس ، إنَّ القصصَ القرآنيَّ لم يكن يومًا ما حديثًا يُفتَرَى و لا فُتونًا يتردَّد ،
و إنما هو عَرضٌ لوقائِعَ موصِلةٍ إلى غاياتٍ عظمَى
يمكن إدراكُها بالتفكُّر و التأمّل و العِظة ، كما قالَ تعالى :
{ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }
[ الأعراف: 176] .
و إنّه ليمكن لنا أن نجمِل بإيجاز بعضَ تلكم الغايات العظيمة ،
و منها الاستدلالُ بالقصص على وحدانيّة الله تعالى كما في قصَصِ
إبراهيم و نوح و موسَى و عيسى و غيرِهم من الأنبياء و الرسلِ عليهم الصلاة و السلام .
و من ذلكم أيضًا تثبيتُ الرسول صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
و المؤمنين على الدِّين الذي يدعونَ إليه في خضَمِّ ما يلاقونَه من أعدائهم
من شِدّةٍ و عناد و صدٍّ عن سبيل الله و استهزاءٍ به و بشِرعتِه و ثوابته ؛
كما قال تعالى :
{ وَكُلاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ
وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}
[ هود:120 ] ،
و كَمَا قَالَ تَعالى :
{ وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ
مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون }
[ الأنبياء:41 ] .
و لَيس أَنبَل و لا أسلَى من قصّةٍ تثبِّت فؤاد داعيةٍ إلى الله جلّ و علا على بَصيرة ،
و تكون عِظَة و ذكرَى للمؤمنين المستضعفين ، تبعَث في نفوسهم الأملَ و اليقين
بأنَّ الله غالبٌ على الأمر ، و أنّ الفرجَ يعقب الشدَّةَ ، و أنَّ مع العسر يسرًا ،
{ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا
فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ *
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ }
[ يوسف:110، 111 ] .
و مِن ذلكم ـ عبادَ الله ـ أنَّ القصص القرآنيَّ و ما فيهِ مِن دقَّةٍ و إتقان
لهو البرهانُ القاطع على صِدق رسالةِ
محمّد صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم و صِدق ما جاء به ،
و أنّه أتى بالدِّين الكامل الذي لا نقصَ فيه بوجهٍ من الوجوه ،
لا سيَّما و قد كانَ النبيّ صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
أمّيًّا لا يقرأ و لا يكتب ، و قد قال الله جلَّ و علا :
{ ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ
أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ }
[ آل عِمران:44 ] ،
و يَقول أيضًا سبحانه جل من قائل :
{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ
وَإِنْ كُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الْغَافِلِينَ }
[ يوسف:3 ] .
و مِن ذَلكم ـ عبادَ الله ـ العِظةُ و الاعتِبار بالأمم السابِقة و مواقِفِهم مع دِينِ الله و أنبيائِه و رُسُله ،
{ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ *
فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ *
وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ }
[ النمل:51-53 ] .
هذا وَ صَلّوا ـ رَحمكم الله ـ على خَيرِ البريّة و أزكَى البَشريّة
محَمّد بن عبدِ الله صَاحِبِ الحوضِ و الشّفاعة ،
فقد أمركم الله بأمر بدَأ فيه بنفسِه ، و ثَنَّى بملائكتِه المسبِّحةِ بقدسِه ،
و أيّه بكم أيّها المؤمنون ،
فقال جلّ و عَلاَ :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
[ الأحزاب:56 ] .
اللّهمّ صلِّ و سلِّم و بارك على عبدِك و رسولك محمّد الأمين ،
و آله الطيِّبين الطاهِرين ، و أزواجِه أمُهاتنا أمَّهات المؤمنين ،
و أرضَ اللَّهمَّ عن الخلفاء الأربعةِ الراشدين ؛ أبي بكر و عمَرَ و عثمان و عليّ ،
و عن الصحابةِ أجمعين ، و التابعين و مَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،
و عنَّا معهم بعفوِك و جودِك و كرمك و إحسانك يا أكرمَ الأكرمين .
اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ،
و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أنصر عبادَك المؤمنين...
و تفضلوا بزيارة موقعنا
فبه الخطب السابقة و به من خير الله الكثير
اللّهمّ صلِّ و سلِّم و بارك على عبدِك و رسولك محمّد الأمين ،
و آله الطيِّبين الطاهِرين ، و أزواجِه أمُهاتنا أمَّهات المؤمنين ،
و أرضَ اللَّهمَّ عن الخلفاء الأربعةِ الراشدين ؛ أبي بكر و عمَرَ و عثمان و عليّ ،
و عن الصحابةِ أجمعين ، و التابعين و مَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،
و عنَّا معهم بعفوِك و جودِك و كرمك و إحسانك يا أكرمَ الأكرمين .
اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ،
و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أنصر عبادَك المؤمنين...
أنتهت