و أشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له إلهَ الأرض و السماء ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبد الله و رسوله
سيد المرسلين و خاتم الأنبياء، صلى الله سلم و بارك عليه ،
و على آله و أصحابه البرَرَة الأتقياء ،
و التابعين و من تبِعهم بإحسان إلى يوم القضاء .
أمــا بعــد أيها المؤمنون:
فهذهِ دروس و عِبَر ، فأتقوا الله يرحمكم الله ، و تعلَّقوا بربّكم ، و حاسبوا أنفسكم ،
و أعملوا و أجتهدوا و أخلِصوا و أبشروا و أمِّلوا ،
و أستدركوا و أنتم في مستقبَلِ عامِكم و في مستهلِّه ، أستدركوا أعمالَكم فرائضَ و نوافل ،
فأنتم في مقتَبَل هذا العامِ الجديد ، فأستعتِبوا و أستدركوا ، و هذا هو شهر الله المحرَّم ،
فأروا الله من أنفسِكم خيرًا .
أيها الإخوة في الله : لقد كان اليوم الذي نجى الله فيه موسى من فرعون
هو اليوم العاشر من هذا الشهر الكريم شهر الله المحرم ،
فقد روى البخاري و مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال :
قدم رسول الله المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء
فقال : (( ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ ))
قالوا: هذا يوم عظيم ، أنجى الله فيه موسى و قومه ،
و غرَّق فرعون و قومه ، فصامه موسى شكرًا ، فنحن نصومه ،
فقال رسول الله : (( فنحن أحق و أولى بموسى منكم )) ،
فصامه رسول الله و أمر بصيامه .
و قد كان صيام يوم عاشوراء واجبًا قبل أن يفرض صيام رمضان ،
فلما فرض صيام رمضان أصبح صيام عاشوراء سنة مؤكدة .
و بين النبي عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام أن صيام هذا اليوم
يكفر ذنوب سنة كاملة فقال :
(( صيام عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ))
رواه مسلم .
و إن وافق عاشوراء يوم الجمعة أو السبت فلا بأس بصيامه في أحدهما ؛
لأن النهي عن إفراد الجمعة أو السبت بالصيام
إنما هو لمن صام من أجل أنه الجمعة أو السبت ،
أما إذا كان للصيام في أحدهما سبب شرعي يقتضيه
كأن يوافق يوم عاشوراء أو يوم عرفة فلا حرج في الصيام حينئذ .
فأحتسبوا ـ أيها المؤمنون ـ و أرغبوا في صيام عاشوراء
رجاء أن تشملكم رحمة الله و مغفرته ،
و جددوا لله تعالى التوبة في كل حين . اللهم تب علينا و أعف عنا و تجاوز عن خطيئاتنا ،
اللهم أغفر لنا ذنبنا كله ، علانيته و سره ، أوله و أخره ، ما علمنا منه و ما لم نعلم .