رفع السماء بغير عماد ، و قدّر فيها أرزاق العباد ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ما من ذرة إلا إليه خلقها ،
و ما من دابة إلا عليه رزقها ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبده و رسوله ،
حفظه و كفاه فهو به كفيل ، و هو حسبه و نعم الوكيل .
صلى الله و سلم وبارك عليه ، و على آله و صحبه المهتدين إلى سواء السبيل ،
و التابعين و من تبعهم إلى يوم الدين .
أمــا بعـــد :
فاتقوا الله عباد الله ، و اعلموا أن الإيمان بالقضاء و القدر ،
دعامة من دعامات هذا الدين ، فهو الركن السادس من أركان الإيمان ،
ضل فيه من ضل ، ممن حرم هداية الله ، و لم يوفق للتوحيد ،
الذي هو حق الله على العبيد ، و المخالفون في القدر ، بين الغالي فيه ،
و الجافي عنه ، و القول الحق هو الوسط ؛ قول أهل السنة و الجماعة ،
و أهل السنة و الجماعة يقولون :
إن على العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه ،
فقدر ذلك تقديرا محكما مبرما ، ليس فيه ناقض و لا معقب ، و لا مزيل ،
و لا مغير ، و لا زائد و لا ناقص من خلقه ، في سماواته و أرضه ،
و أن ما شاء كان و ما لم يشأ لم يكن ،
و أن للعبد مشيئة وإرادة تحت مشيئة الله و إرادته
وَمَا تَشَاءونَ إِلاَّ أَن يَشَاء ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ
[التكوير:29] .
و قال تعالى :
وَكُلَّ شىْء أَحْصَيْنَـٰهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ
[يس:12] .
و قال تعالى :
إِنَّا كُلَّ شَىْء خَلَقْنَـٰهُ بِقَدَرٍ
[القمر:49] .
و قال :
(( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات و الأرض بخمسين ألف سنة ))
رواه مسلم .
و الفرقة الناجية أهل السنة و الجماعة ، تؤمن بالقدر خيره و شره ،
و يقولون : إن أصل القدر سر الله في خلقه ، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ،
و لا نبي مرسل . و التعمق و النظر في ذلك ، ذريعة الخذلان ، و سلم الحرمان ،
فالحذر كل الحذر من ذلك ، نظرا و فكرا و وسوسة ،
فإن الله تعالى طوى علم القدر على أنامه و نهاهم عن مرامه
كما قال تعالى في كتابه :
لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـئَلُونَ
[الأنبياء:23] ،
فمن سأل : لم فعل ؟ فقد رد حكم الكتاب ،
و من رد حكم الكتاب كان من الكافرين .