مَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ .
وَ الطَّرِيقُ الثَّانِي مَا رَوَاهُأَحْمَدُفِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَعَنِالزُّهْرِيِّ
عَنْسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِعَنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِقَالَ :
لَمَّا أَجْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَنْ يُضْرَبَ بِالنَّاقُوسِ يَجْمَعُ لِلصَّلَاةِ النَّاسَ . . . الْحَدِيثَ ،
وَ فِيهِ : ثُمَّ تَقُولُ إِذَا أَقَمْتَ الصَّلَاةَ اللَّهُ : أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ،
أَشْهَدُ أَنَّمُحَمَّدًارَسُولُ اللَّهِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ،
قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ ،
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ .
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ بَعْدَمَا ذَكَرَ الطَّرِيقَ الْأَوَّلَ : وَ رَوَاهُأَحْمَدُوَ الْحَاكِمُمِنْ وَجْهٍ
آخَرَ عَنْسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِعَنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ،
وَ قَالَ : هَذَا أَمْثَلُ الرِّوَايَاتِ فِي قِصَّةِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ؛ لِأَنَّسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ
قَدْ سَمِعَ مِنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَ رَوَاهُيُونُسُوَ مَعْمَرٌوَ شُعَيْبٌوَ ابْنُ إِسْحَاقَعَنِالزُّهْرِيِّ . انْتَهَى
مَا فِي التَّلْخِيصِ ، وَ قَالَ فِي عَوْنِ الْمَعْبُودِ نَقْلًا عَنْ غَايَةِ الْمَقْصُودِ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الطَّرِيقِ
مِنْ مُسْنَدِأَحْمَدَ : وَ أَخْرَجَهُالْحَاكِمُمِنْ هَذَا الطَّرِيقِ وَ قَالَ هَذِهِ أَمْثَلُ الرِّوَايَاتِ
فِي قِصَّةِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ؛لِأَنَّسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِقَدْ سَمِعَ مِنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ
وَ رَوَاهُيُونُسُوَ مَعْمَرٌوَ شُعَيْبٌوَ ابْنُ إِسْحَاقَعَنِالزُّهْرِيِّ ،
وَ مُتَابَعَةُ هَؤُلَاءِلِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَعَنِالزُّهْرِيِّتَرْفَعُ احْتِمَالَ التَّدْلِيسِ الَّذِي يَحْتَمِلُهُ عَنْ
عَنَةُابْنِ إِسْحَاقَ . انْتَهَى مَا فِي الْعَوْنِ .
وَ فِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْأَبِي مَحْذُورَةَرَوَاهُالْبُخَارِيُّفِي تَارِيخِهِوَ الدَّارَقُطْنِيُّ
وَ ابْنُ خُزَيْمَةَبِلَفْظِ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ،
قَالَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ ، وَ قَالَ فِي الْفَتْحِ : وَ رَوَىالدَّارَقُطْنِيُّوَ حَسَّنَهُ فِي حَدِيثٍ
لِأَبِي مَحْذُورَةَ وَ أَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ وَاحِدَةً ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُأَنَسٍحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ .
قَوْلُهُ : ( وَ بِهِ يَقُولُمَالِكٌوَ الشَّافِعِيُّوَ أَحْمَدُوَ إِسْحَاقُ )
إِلَّا أَنَّمَالِكًايَقُولُ إِنَّ الْإِقَامَةَ عَشْرُ كَلِمَاتٍ بِتَوْحِيدِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ ، وَ أَمَّاالشَّافِعِيُّ
وَ أَحْمَدُوَ إِسْحَاقُفَعِنْدَهُمْ إِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِتَثْنِيَةِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ ،
وَ اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِابْنِ عُمَرَالَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ ،
وَ بِحَدِيثِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍذَكَرْنَاهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ ،
وَ أَمَّامَالِكٌفَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِأَنَسٍالْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ ،
وَ قَوْلُالشَّافِعِيِّوَ مَنْ تَبِعَهُ هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ ، قَالَالْحَازِمِيُّفِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ :
رَأَى أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْإِقَامَةَ فُرَادَى وَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ
وَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِوَ الزُّهْرِيُّوَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍوَ أَهْلُ الْحِجَازِوَ الشَّافِعِيُّوَ أَصْحَابُهُ ،
وَ إِلَيْهِ ذَهَبَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِوَ مَكْحُولٌوَ الْأَوْزَاعِيُّ وَ أَهْلُ الشَّامِ ،
وَ إِلَيْهِ ذَهَبَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّوَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَوَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍوَ مَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ ،
وَ إِلَيْهِ ذَهَبَ يَحْيَىبْنُ يَحْيَىوَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّوَ مَنْ تَبِعَهُمَا مِنَ الْخُرَاسَانِيِّينَ
وَ ذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِيثِأَنَسٍ . انْتَهَى كَلَامُالْحَازِمِيِّ .
قُلْتُ : وَ أَجَابَ عَنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ كَالْحَنَفِيَّةِ بِأَجْوِبَةٍ كُلُّهَا مَخْدُوشَةٌ
لَا يَطْمَئِنُّ بِوَاحِدٍ مِنْهَا الْقَلْبُ السَّلِيمُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ إِفْرَادَ الْإِقَامَةِ كَانَ أَوَّلًا ،
ثُمَّ نُسِخَ بِحَدِيثِأَبِي مَحْذُورَةَالَّذِي رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ ، وَ فِيهِ تَثْنِيَةُ الْإِقَامَةِ
وَ هُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَدِيثِأَنَسٍفَيَكُونُ نَاسِخًا .
وَعُورِضَ بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِأَبِي مَحْذُورَةَالْمُحَسَّنَةِ التَّرْبِيعَ وَ التَّرْجِيعَ
فَكَانَ يَلْزَمُهُمُ الْقَوْلُ بِهِ .
وَ قَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُأَحْمَدُعَلَى مَنِ ادَّعَى النَّسْخَ بِحَدِيثِأَبِي مَحْذُورَةَ
وَ احْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ رَجَعَ بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَىالْمَدِينَةِ
وَ أَقَرَّبِلَالًاعَلَى إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ وَ عَلَّمَهُسَعْدَ الْقَرَظِفَأَذَّنَ بِهِ بَعْدَهُ كَمَا رَوَاهُالدَّارَقُطْنِيُّوَ الْحَاكِمُ .
وَ قَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ إِفْرَادَ الْإِقَامَةِ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ :
" إِنَّبِلَالًاكَانَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِيمُ مَثْنَى مَثْنَى "
وَ رُدَّ هَذَا بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عَنْبِلَالٍبِسَنَدٍ صَحِيحٍ ، وَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَهُوَ ضَعِيفٌ
كَمَا سَتَعْرِفُ وَ لَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ صَحِيحٌ فَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى النَّسْخِ لِاحْتِمَالِ أَنَّبِلَالًاكَانَ
مَذْهَبُهُ الْإِبَاحَةَ وَ التَّخْيِيرَ ، وَ أَجَابَالْعَيْنِيُّفِي الْبِنَايَةِ بِأَنَّ مَا رَوَاهُالشَّافِعِيُّمَحْمُولٌ
عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ فِي الْإِقَامَةِ وَ التَّفْرِيقِ فِي الْأَذَانِ وَ عَلَى الْإِتْيَانِ قَوْلًا بِحَيْثُ
لَا يَنْقَطِعُ الصَّوْتُ ، وَ رُدَّ بِأَنَّ هَذَا تَأْوِيلٌ بَاطِلٌ يُبْطِلُهُ حَدِيثُعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍالْمَذْكُورُ بِلَفْظِ : "
ثُمَّ تَقُولُ إِذَا أَقَمْتَ الصَّلَاةَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّمُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ،
حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ ،
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ "
وَ كَذَا يُبْطِلُهُ حَدِيثُأَنَسٍالْمَذْكُورُ ، فَتَأْوِيلُالْعَيْنِيِّهَذَا مَرْدُودٌ عَلَيْهِ .
وَ الْحَقُّ أَنَّ أَحَادِيثَ إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ صَحِيحَةٌ ثَابِتَةٌ مُحْكَمَةٌ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ وَ لَا بِمُؤَوَّلَةٍ ،
نَعَمْ قَدْ ثَبَتَ أَحَادِيثُ تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِأَيْضًا وَ هِيَ أَيْضًا مُحْكَمَةٌ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ وَ لَا بِمُؤَوَّلَةٍ ،
وَ عِنْدِي الْإِفْرَادُ وَ التَّثْنِيَةُ كِلَاهُمَا جَائِزَانِ ، وَ اَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : قَالَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّذَهَبَأَحْمَدُوَ إِسْحَاقُوَ دَاوُدُوَ ابْنُ حِبَّانَ
وَ ابْنُ جَرِيرٍإِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ فَإِنْ رَبَّعَ التَّكْبِيرَ الْأَوَّلَ فِيالْأَذَانِ
أَوْ ثَنَّاهُ أَوْ رَجَّعَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ لَمْ يُرَجِّعْ أَوْ ثَنَّى الْإِقَامَةَ أَوْ أَفْرَدَهَا كُلَّهَا أَوْ إِلَّا قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ
فَالْجَمِيعُ جَائِزٌ ، وَ عَنِابْنِ خُزَيْمَةَ : إِنْ رَبَّعَ الْأَذَانَ وَ رَجَّعَ فِيهِ ثَنَّى الْإِقَامَةَ وَ إِلَّا أَفْرَدَهَا ،
قِيلَ وَ لَمْ يَقُلْ بِهَذَا التَّفْصِيلِ أَحَدٌ قَبْلَهُ . انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ .
وَ اللَّهُ تَعَالَى أعلى و أَعْلَمُ. و أجل