و هذا كعب بن مالك عندما صدق في تخلفه عن غزوة تبوك
و كان من الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت و ضاقت عليهم أنفسهم ،
قال له رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) :
(( أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك )) .
قلت أمن عندك ، أم من عند الله ؟ قال : (( من عند الله ))
قلت : يا رسول الله إنما نجاني الله بالصدق ، و إن من توبتي ألا أحدث إلا صدقا ما بقيت ،
فوالله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) إلى يومي هذا ،
و إني لأرجو الله أن يحفظني فيما بقي .
أيها المسلمون ، إنكم ترون بأعينكم ، كيف تأخر بنا الشوط ، و سلب منا المجد ،
مع كثرتنا العددية على سطح الكرة الأرضية ،
و ما ذاك إلا من تهورنا ، و قلة صدقنا ، و فشوا جهلنا .
فما أجدرنا أن يكون الصدق رائدا لنا في جميع أعمالنا و أقوالنا !
و ليس ذلك على همة المسلم المخلص ببعيد .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
(( فَلَوْ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ))
[محمد:21] .
بارك الله لي و لكم في القرآن العظيم و نفعني و إياكم بما فيه من الآيات و الذكر الحكيم .
أقول ما سمعتم و أستغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين من كل ذنب
فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله ، وعد الصادقين بالمغفرة و الأجر الكريم ،
أحمده سبحانه و أشكره ، و أتوب إليه و أستغفره ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الملك الحق المبين ،
و أشهد أن سيدنا محمدا عبده و رسوله الصادق الأمين ،
اللهم صلِّ و سلم على عبدك و رسولك محمد و على آله و صحبه أجمعين .
أمـــا بعـــــــد :
فاتقوا الله عباد الله ، و أعلموا أن خير الحديث كلام الله ،
و خير الهدي هدي محمد ( صلى الله عليه و سلم ) ،
و إياكم و محدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ،
و عليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله على الجماعة ، و من شذ عنهم شذ في النار .
عباد الله ، إلى جانب الفضائل و المحامد التي يغرسها الإسلام في النفوس ،
كوسيلة للصلاح و الإصلاح ، إلى جانبها نقائص و رذائل حاربها الإسلام ،
لأنها مزلة للأقدام و عوامل لهبوط النفس الخلقي ، و في طليعتها الكذب ،
فهو من أقبح النقائص ، و أردى الرذائل ،
قال ـ تعالى ـ منفرا منه :
(( إِنَّمَا يَفْتَرِى ٱلْكَذِبَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ ))
[النحل: 105] .
و قرن الله ـ تعالى ـ الكذب بعبادة الأوثان ، فقال ـ تعالى ـ:
(( فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرّجْسَ مِنَ ٱلاْوْثَـٰنِ وَٱجْتَنِبُواْ قَوْلَ ٱلزُّورِ))
[الحج:30] .
فهل بعد ذلك سبيل ، إلى أن يتخذ المؤمن الكذب مطية لسلوكه ،
أو منهجا لحياته و رغباته، أو حبلا يتسلق به إلى مآربه ؟
لذلك نرى الإسلام قد حارب الكذب بكل صنوفه و أشكاله ، حربا شعواء لا هوادة فيها .
قيل للنبي ( صلى الله عليه و سلم ) :
أيكون المؤمن جبانا قال : (( نعم )) ،
قيل له : أيكون بخيلا ؟ قال: (( نعم )) ،
قيل له: أيكون المؤمن كذابا ؟ قال : (( لا ))
[رواه مالك في الموطأ] .
فما أجدر من اعتاد الكذب ، بأن ينبذ من المجتمع و يهجر ، و يقاطع فلا يعامل ،
و لا يصاحب و لا يجاور ! لقد كذب الشيطان حين قال :
(( قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ))
[الأعراف:12] .
فقال له ربه :
(( قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ *وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدّينِ ))
[الحجر:34، 35] .
و كذب اليهود و النصارى في قولهم :
(( نَحْنُ أَبْنَاء ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ))
[المائدة:18] ،
فأخزاهم الله و رد عليهم
(( بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ))
[المائدة: 18] .
فأتقوا الله رحمكم الله ، و اصدقوا و تحروا الصدق حتى تكتبوا عند ربكم من الصديقين ،
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
(( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَاء بِٱلْقِسْطِ
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ))
[المائدة:8] .
هذا و صلوا و سلموا على نبيكم محمد ( صلى الله عليه و سلم ) ، فقد قال :
((من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا)) ،
فصلوا و سلموا على الرحمة المهداة و النعمة المسداة
نبيكم محمد رسول الله ، فقد أمركم بذلك ربكم فى عُلاه
فقال في محكم تنزيله و هو الصادق في قيله :
( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً )
[ الأحزاب : 56 ] .
اللهم صلَّ و سلم و بارك على عبدك و رسولك سيدنا و نبينا محمد ،
و على آله الطيبين الطاهرين ، و على أزواجه أمهاتنا أمهات المؤمنين ،
و أرض اللهم على الخلفاء الأربعة الراشدين أبى بكر و عمر و عثمان و على
و العشرة المبشرين و على سائر الصحابة و التابعين
و من سار على دربهم إلى يوم الدين
و عنا معهم بعطفك و جودك و كرمك يا أرحم الراحمين
اللهم أعز الإسلام و المسلمين و ............ ثم باقى الدعاء
اللهم أستجب لنا إنك أنت السميع العليم و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم
اللهم أميـــــن
أنتهت