<IMG style="WIDTH: 272px; HEIGHT: 138px" alt=القيوم.jpg width=272 height=135><IMG alt=الرشيد.jpg width=275 height=138>
أخى المسلم أولاً الرشيد
<IMG alt=الرشيد.jpg width=275 height=138>
يجب أن تعلم أن الرشيد هو الذى تساق إليه الأمور فيحسن تدبيراتها إلى غايتها
على سنن واحدة من غير إشارة مشير و لا إرشاد مرشد
و ليس ذلك إلا الله تعالى
و هو الذى أرشد الخلائق إلى هدايته فى تدبيراته إلى الصواب أو غيره فى دينهم
و الرشد غاية لا تدرك إلا بمجاهدة النفس و مخالفة الهوى
و إتباع سبيل من أناب إلى الله و أخلص له النية فى القول و العمل
فهو الرشيد المرشد إلى ذلك بحكمته العلية و بتدبيره المحكم
فهو جل جلاله رشيد أى بالغ الرشد فى جميع أفعاله
و ذلك وفق علمه المحيط و حكمته البالغة و إرادته النافذة و قدرته التامة
و عدله الذى قامت به السماوات و الأرض
و رحمته الواسعة و فضله العظيم
و هو عز شأنه مرشد للخلق جميعا بما أودع فيهم من الفهم و الإلهام
أما الجن و الإنس
فقد أرشدهم بالفطرة إلى تدبير معاشهم بقدر طاقاتهم
و هو معهم بعلمه و توفيقه
و أرشدهم إلى وظيفتهم التى خلقوا لها
و هى إفراده بالعبادة عن طريق الأنبياء و الرسل
و زودهم بالعقل ليميزوا به الخبيث من الطيب
و أمدهم بالعلم الضرورى الذى يحفظون به أنفسهم و أموالهم من الهلاك و التلف
و سخر لهم ما فى السموات و ما فى الارض
و أسبغ عليهم نعمه ظاهرة و باطنة
و دلهم على مواطن الخير ليسلكوها و مواطن الشر ليتنحوا عنها
و أما الحيوان و الحشرات و غيرهما
فقد ألهمهما رشدهما فهم تؤدى وظائفها بطرق تناسبها
و هى طرق غاية فى العجب مثل النحل و النمل
و هكذا الشأن فى كل مايدب على الأرض فإنه لا يتحرك شئ حركة إلا بأمره و إلهامه
أخى المسلم
الرشد هو الإستقامه و ضد الغى
و هو الرشيد الراشد الذى له الرشد
فهو حكيم فى أفعاله ليس فيها عبث و لا باطل
و هو الذى أسعد من شاء بإرشاده
و أشقى من شاء بإبعاده
و هو الذى لا يوجد سهو فى تدبيره و لا لهو فى تقديره
و هو سبحانه الذى تنساق تدبيراته إلى غاياتها عن سنن السداد من غير إشارة مشير
و تسديد مسدد و إرشاد مرشد و هو الله تعالى
و رشد كل عبد بقدر هدايته فى تدبيراته إلى إصابة مشاكله الصواب من مقاصده فى دينه و دنياه
و قد سمى الله نفسه الرشيد ليستمد الخلق منه الرشد لا من سواه
إذ من طلب الرشد من سواه وقع لا محالة فى الغواية و الضلالة
و قد بين الله للناس طرق الهدى ، و وضع الفروق الدقيقة بين الرشد و الغى
و حد حدودا يعرف بها الحلال من الحرام
و أعطاهم العقل و الإرادة و الإختيار
و المؤمنون يطلبون الرشد من الله دائما
و لا يعتمدون فى تحقيقه على أنفسهم لعلمهم أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا و لا ضرا
فيضرعون إليه بخشوع و خضوع و تمسكن و تواضع أن يلهمهم الرشد
فى أقوالهم و أفعالهم و أحوالهم كلها
و نحن نعلم أن الرشد كل الرشد فى الإيمان بالله و الخضوع إليه بالدعاء و العمل الصالح
قال الحليمى
الرشيد معناه الدال على المصالح و الداعى لها فإن مهيئ الرشد مرشد
فكان دليلا على أن من هداه فهو وليه و مرشده
قال جل من قائل سبحانه و تعالى
{ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً
وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً }
الكهف 10
{ وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ
وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ
ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ
وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً }
الكهف 17
قال أبن الحصار
هذا الأسم يقارب معناه الحكيم
لأن الحكيم هو الذى يضع الأمور مواضعها
و كذلك الرشيد
و هو المصيب فى أفعاله المستقيم التدبير
إلا أن الرشد مؤذن بتوفير حظ النفس و البداية بها قبل الغير
و بهذا يفارق معنى الحكيم
لأن الحكمة تشعر بذلك من حيث اللفظ
قال الحق سبحانه و تعالى تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
{ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ
فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ
لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
البقرة 256
{ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً
وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً }
الكهف 10
{ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً{23}
إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ
وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً }
الكهف 23-24
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي
وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }
البقرة186
صدق الله العظيم
لقد قص الله تعالى علينا
قصة أهل الكهف فهم فتيه أمنوا بربهم فزادهم الله إيمانا و هدى
و هم يخرجون من أرض الفتن فرارا بدينهم
و قد أمر الله نبيه عليه الصلاة و السلام
إلا يقطع أمرا و لا يعد بشئ إلا إذا أسند ذلك إلى مشيئة ربه و أن يستعين به فى تحقيق ذلك
و يجب أن تعلم أخى المسلم
أن الله عز و جل جعل العقل رائدا لصاحبه
يقوده دائما إلى الهدى أن طلبه من ربه عز و جل
فهو وسيلة من وسائل تحصيله
إلا أنه أحيانا قد يخطئ الهدف و يضل الطريق
و يبتعد بذلك عن ساحة الرحمن عز و جل
فلا يكون موفقا الى ما ينفعه فى دينه و دنياه
و لا يستطيع أن يميز بين الهدى و الرشاد
بل ربما يظن الغى رشادا والرشاد غيا
و ذلك لأنه اتخذ إلهه هواه
أخى المسلم
و نحن فى ظل هذا الأسم المقدس
نسعى إلى الرشد جادين مجدين
فنطلبه أولاً و أخراَ من الرشيد جل جلاله
مستعينين فى طلبه بالدعاء و فى تحقيقه بالعمل الصالح
فان الدعاء لا يرفع إلا بالعمل المتمثل فى الإيمان و الطاعة
و الإستجابة لله تعالى إنما تكون بالكف عن المعاصى وبالتوبة النصوح
و الإيمان به ينبغى أن يتجدد دائما بكثرة الذكر و الفكر
و مراقبة النفس و كبح جماحها عن الشهوات الفانية و النزوات الطائشة
فإن التوفيق من أعظم النعم لا تتأتى إلا بذلك
و يجب أن تعلم أن الله سبحانه و تعالى هو المرشد الراشد على الاطلاق فى جميع ماذرأ
و إنه أرشد الخلق إلى طريق الحق و إلى المصالح التى ينتظم بها وجودهم
فهو أرشد الملائكة و الانبياء و الأولياء و المؤمنين إلى معرفته بما وهبهم من اليقين
و هو أرشد الخلق إلى طلب قوام بنيتهم
و ليس ذلك مخصوصا بالأنسان
فسبحان من أرشد الصغار من الأطفال و البهائم إلى المنافع
كألتقام الثدى و مص الضرع و العنكبوت لنسج تلك البيوت والنحل لصنعه ذلك الشكل
و أعظم الرشاد إرشاد عباده المؤمنين إلى دينه و دين ملائكته و رسله و ماحوته كتبه
ذلك الدين القيم فعليه أن يحسن معاملة مولاه بما أمره به ،
و عن ما نهاه عنه و هذا غاية الرشد
و القرآن الكريم هو الكتاب الذى يخرج الناس من ظلمات الجهل و الكفر
إلى نور العلم و الإيمان و يدعو إلى الرشد
و يزيل من طريقه كل ما يعوق الطالب له عن تحقيقه
و نختتم شرح هذا الأسم الجليل
بما قاله رسول الله صلى الله عليه و سلم
فى خطيبة خطبته
من يطع الله و رسوله فقد رشد
و من يعص الله و رسوله فلا يلومن إلا نفسه
و لا يضر الله شيئا
صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم
ثانياً : أسم الله الأعظم