لله الواحد القهار
قال تعالى
( وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ )
الحجر23
أى هوالباقى بعد ذهاب غيره جل ثناؤه
لأنه يبقى بعد ذهاب الملاك الذين أمتعهم فى هذه الدنيا بما أتاهم
لأن وجودهم و وجود الأملاك كان به ، و وجوده ليس بغيره
و يجب ان تعلم أن مالك جميع الممكنات هو الله سبحانه و تعالى
و لكنه بفضله جعل بعض الأشياء ملكا لبعض عباده
فالعباد إنما ماتوا و بقى الحق سبحانه و تعالى فالمراد بكونه وارثا هو هذا
و أعلم اخى المسلم
أن الكثيرين يظنون لأنفسهم ملكا فينكشف لهم فى ذلك اليوم حقيقة الحال
و أما أرباب البصائر
فانهم أبداً مشاهدون لمعنى هذا النداء سامعون له من غير صوت و لا حرف
يوقنون بأن الملك لله الواحد القهار فى كل يوم و فى كل ساعة و فى كل لحظة
و لذلك كان أزلاً و أبدياً
و هذا إنما يدركه من أدرك حقيقة التوحيد فى الفعل
و علم أن المتفرد بالفعل فى الملك و الملكوت واحد
أخى المسلم
و مادام الأمر كذلك فلماذا يتطلع المرء إلى ما قد يرثه من مورثه
و هو ظل زائل و عارية مستردة
و متاع قليل فى عمر مهما طال فأيامه قصيره
و لا يخفى ماوراء هذا الميراث لو تحقق له
من تبعات لا يدرى هل يستطيع التخلص منها أم لا
ثم أنه لا يدرى هل سيظل حتى يحرز ما يؤمله أم لا
و هل أخذ عند الله عهداً أن يموت مورثه قبله
كل ذلك فى علم الله
و إذا عقد المؤمن موازنة بين ميراث الدنيا و ميراث الاخرة
و جد أن ميراث الدنيا قد يكون فتنة له و وبالاً عليه و قد يكون خيراً له
و لكن هل يغنيه هذا الميراث مهما كثر رفده وعظمت منفعته
عن عشر معشار ساعة يقضيها فى ذكر الله
ينال به رضاه و يفوز به فوزا عظيماً فى جنة عرضها السماوات و الأرض
و الذين اتقوا ربهم هم الذين جعلوا لأنفسهم وقاية من عذاب الله تعالى
بإتباع أوامره و إجتناب نواهيه و الزهد فى الدنيا و الرغبة فى الأخرة
و هؤلاء يساقون إلى الجنه سوقاً حميداً ،
تحفهم ملائكة الرحمن من كل جانب فى موكب فريد مهيب ،
يتقدم كل أمةً رسولها و تدخل عليهم الملائكة من كل باب ........... يقولون
سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار
أنهم وفود الرحمن ، يتجلى عليهم ربهم بجلاله و جماله ،
فينسون عند رؤيته نعيم الجنة
قال رجل من كبار العارفين لله
عجبت لقوم خرجوا من الدنيا و لم يستمتعوا بنعيمها
قالوا
أو فى الدنيا نعيم يا رجل
قال نعم
إن فيها نعيماً يعدل نعيم الجنة
قالوا
و ما هو
قال
ذكر الله و من ذاق عرف
قال أبو العباس المرسى
=============
العباد ثلاثه
عبد عبادة == و عبد عبودية == وعبد عبودة
اما عبد العبادة
فهو الذى يرجو الثواب على كل عمل صالح يقدمه لنفسه
و أما عبد العبودية
فهو منسوب إلى العبودية لكنه لم يصل إليها بعد
و من صفاته أنه يقوم بوظائف العبودية دون مكاشفة لحقائقها
و أما عبد العبودة
فهو الذى عرف فلزم و ألتزم
فكان عبداً ربانياً لا يعنيه إلا أن يكون فى رضا خالقه و مولاه و لو أدخله النار
و لكل عبد مقام أقامه الله فيه
أخى المسلم
يجب أن تعلم ان الله وحده هو الوارث بالحقيقة لكل شئ
و أنه هو الذى يورث من يشاء فى الدنيا و الأخرة
قال تعالى
( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )
105 الانبياء
( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا )
137 الاعراف
( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا )
فاطر32
( وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )
43 الاعراف
صدق الله العلى العظيم
و قد روى النسائى و البخارى عن عبد الله قال
قال رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
( أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله )
قالوا يارسول الله
ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه
قال رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
( ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله
مالك ما قدمت و مال وارثك ما أخرت )
صدق رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
أخى المسلم
يجب أن تجتهد فتكون عبداً وارثاً للجنة بالأعمال الصالحة
إذ لابد أن يكون موروثا فيقدم ماله بين يديه
ليجده أحوج ما يكون إليه و لايدعه لغيره يتصرف فيه بغير أمره