قَوْلُهُ : ( وَ يُرْوَى عَنْرَافِعٍأَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
فِي تَأْخِيرِ الْعَصْرِ وَلَا يَصِحُّ )
أَخْرَجَهُالدَّارَقُطْنِيُّفِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍقَالَ :
دَخَلْتُ مَسْجِدَالْمَدِينَةِفَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بِالْعَصْرِ وَ شَيْخٌ جَالِسٌ فَلَامَهُ
وَ قَالَ إِنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ ،
فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقَالُوا هَذَاعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ . وَ رَوَاهُالْبَيْهَقِيُّفِي سُنَنِهِ
وَ قَالَ : قَالَالدَّارَقُطْنِيُّفِيمَا أَخْبَرَنَاأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ ،
وَ الصَّحِيحُ عَنْرَافِعٍضِدُّ هَذَاوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ
غَيْرُ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَ لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْرَافِعٍوَ لَا عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ ،
وَ قَالَابْنُ حِبَّانَ : عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ نَافِعٍ يَرْوِي عَنْأَهْلِ الْحِجَازِالْمَقْلُوبَاتِ
وَ عَنْأَهْلِ الشَّامِالْمَوْضُوعَاتِ لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكِتَابِ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَدْحِ فِيهِ . انْتَهَى ،
وَ رَوَاهُالْبُخَارِيُّفِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ فِي تَرْجَمَةِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ
حَدَّثَنَاأَبُو عَاصِمٍعَنْعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍبِهِ وَ قَالَ : لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ ،
يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَافِعٍوَ الصَّحِيحُ عَنْرَافِعٍغَيْرُهُ ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْرَافِعٍقَالَ
: " كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ ثُمَّ تُنْحَرُ الْجَزُورُ " ،
الْحَدِيثَ ، كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ .
قَوْلُهُ : ( وَ بِهِ يَقُولُعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِوَ الشَّافِعِيُّوَ أَحْمَدُوَ إِسْحَاقُ)
وَ بِهِ يَقُولُاللَّيْثُوَ الْأَوْزَاعِيُّوَ أَهْلُ الْمَدِينَةِوَ غَيْرُهُمْ يَقُولُونَ :
إِنَّ تَعْجِيلَ الْعَصْرِ أَفْضَلُ ، وَ هُوَ الْحَقُّ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ الْبَابِ .
وَ قَالَمُحَمَّدٌفِي الْمُوَطَّأِ : تَأْخِيرُ الْعَصْرِ أَفْضَلُ عِنْدَنَا مِنْ تَعْجِيلِهَا إِذَا صَلَّيْتَهَا وَالشَّمْسُ
بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ لَمْ تَدْخُلْهَا صُفْرَةٌ وَ بِذَلِكَ جَاءَ عَامَّةُ الْآثَارِ ، وَ هُوَ قَوْلُأَبِي حَنِيفَةَ ،انْتَهَى .
وَ عَلَّلَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَ غَيْرُهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ فِي تَأْخِيرِهَا تَكْثِيرَ النَّوَافِلِ ،
وَ قَدْ رَدَّهُ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ ، وَ هُوَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ فِي مُقَابَلَةِ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ التَّعْجِيلِ وَ هِيَ كَثِيرَةٌ مَرْوِيَّةٌ فِي الصِّحَاحِ السِّتَّةِ وَغَيْرِهَا ،
انْتَهَى .
وَقَدِ اسْتَدَلَّالْعَيْنِيُّفِي الْبِنَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ التَّأْخِيرِ بِأَحَادِيثَ :
الْأَوَّلُ : مَا أَخْرَجَهُأَبُو دَاوُدَعَنْعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَعَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ
: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ
فَكَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً .
وَ الثَّانِي : حَدِيثُرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍالَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِالتِّرْمِذِيُّ .
وَ الثَّالِثُ : حَدِيثُأُمِّ سَلَمَةَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَشَدَّ تَعْجِيلًا لِلظُّهْرِ
مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ أَشَدُّ تَعْجِيلًا لِلْعَصْرِ مِنْهُ . أَخْرَجَهُالتِّرْمِذِيُّفِي بَابِ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ الْآتِي .
وَ الرَّابِعُ : حَدِيثُأَنَسٍ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَ الشَّمْسُ بَيْضَاءُ .
وَ أَجَابَ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ فَقَالَ :
وَ لَا يَخْفَى عَلَى الْمَاهِرِ مَا فِي الِاسْتِنَادِ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ
فَلَا يَدُلُّ إِلَّا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ مَا دَامَ كَوْنُ الشَّمْسِ بَيْضَاءَ ،
وَ هَذَا أَمْرٌ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِعَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ وَ الْكَلَامُ ،
إِنَّمَا هُوَ فِي فَضِيلَةِ التَّأْخِيرِ ، وَ هُوَ لَيْسَ بِثَابِتٍ مِنْهُ ، لَا يُقَالُ هَذَا الْحَدِيثُ
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّأْخِيرَ كَانَ عَادَتَهُ يَشْهَدُ بِهِ لَفْظُ " كَانَ " لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ
لَعَارَضَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقَوِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ عَادَتَهُ كَانَتِ التَّعْجِيلَ ،
فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُحْمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى الدَّوَامِ دَفْعًا لِلْمُعَارَضَةِ
وَ اعْتِبَارًا لِتَقْدِيمِ الْأَحَادِيثِ الْقَوِيَّةِ ، انْتَهَى .
قُلْتُ : حَدِيثُعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَضَعِيفٌ ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ
يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَوَ هُوَ مَجْهُولٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ
فِي التَّقْرِيبِ وَ الْخُلَاصَةِ وَ الْمِيزَانِ ،
فَهَذَا الْحَدِيثُ الضَّعِيفُ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ . قَالَ :
وَ أَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَقَدْ رَوَاهُالدَّارَقُطْنِيُّعَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍ ،