ماذا يعني الطعن في الصحابة
فؤاد بن عبد العزيز الشلهوب
ماذا يعني الطعن في الصحابة :
لا زالت مسامعنا وأعيننا تتألم مما تراه وتسمع من كلمات تطعن في خير
القرون. وهذا الطعن إما صريحا لا مواربة فيه، أو مستترا بعبارات مجملة
تروج على العوام، وتدمي قلب أهل العلم والإيمان. فالطاعن في الصحابة
الكرام متهم في دينه، ساقط المروءة، وهو إلى الزندقة أقرب. ولو كان لي
من الأمر شيء لجعلت الحسام ينال منه. وكفى بهذا الطاعن أنه يرد ما
دلت عليه النصوص القرآنية والنبوية، من الثناء عليهم وبيان فضلهم
على من بعدهم، فماذا بعد تعديل الله لهم؟ وماذا بعد ثناء رسول الله
صلى الله عليه وسلم عليهم؟!.
هم فوقنا في كل علم وعقل ودين وفضل، وكل سبب ينال به علم
أو يدرك به هدى، ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا[1]
إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، والقرآن
حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون
أن يجرحوا شهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
فإن القدح في خير القرون الذين صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم
قدح في الرسول عليه السلام، كما قال مالك وغيره من أئمة العلم:
هؤلاء طعنوا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما طعنوا
في أصحابه ليقول القائل: رجل سوء كان له أصحاب سوء، ولو كان رجلا
صالحا لكان أصحابه صالحين. وأيضا فهؤلاء الذين نقلوا القرآن ،
والإسلام، وشرائع النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الذين نقلوا فضائل
علي وغيره، فالقدح فيهم يوجب أن لا يوثق بما نقلوه من الدين...
والقرآن قد أثنى على الصحابة في غير موضع
{ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار
ِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ }
{ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ
أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا
وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى }
{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ
تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ
فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ
فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ
يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }
{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ
فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا }
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة )
، وفي الصحيحين عن أبي سعيد
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم
أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه )
وقد ثبت عنه في الصحيح من غير وجه أنه قال:
( خير القرون القرن الذي بعثت فيهم
ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )
وهذه الأحاديث مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة، والثناء عليهم،
وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون، فالقدح فيهم قدح
[2] - كتاب الردود لبكر أبو زيد ص 400.