كيف نحقق الاستجابة لله و رسوله ( 03 - 03 )
فلا تجد في حياة الصحابة النجوم شغل عن تكاليف العقيدة بل يسارعون
ويتنافسون ويبادرون لأمر الله ورسوله ولا يبحثون عن الأعذار للتخلف
وتأمل قول الله تعالى في وصف هؤلاء الفقراء من الصحابة
الذين لا يجدون ما يحملهم كيف كان ردة فعلهم :
{ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ
تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ }
الاستجابة لله وللرسول فيها الحياة:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }
وعلى قدر الاستجابة تكون الحياة فهي مراتب كلما زاد العبد
في الاستجابة لله وطاعة أوامره كلما زاده الله هداية وتوفيقاً.
وقد شبه الله المستجيب لنداء الله ورسوله بالحي والذي
{ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى
يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ }
والحياة هنا حياة إنسانية كاملة وليست حياة بهيمية لا تدرك من حقيقة
وجودها في هذا الكون شهواتها وملذاتها فلا تعيش إلا لجسدها وإن
سمعوا قول الحق فهم لا يستفيدون من سماعه ذلك فهم صم بكم عن كل
ما يعارض شهواتهم وملذاتهم
{ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ }
فهم في سكرة الشهوة والهوى تحول بينهم
عن إدراك قول الله وقول رسوله
{ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ
وَهُمْ يَلْعَبُونَ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ }
فحياتهم ناقصة غير كاملة قد غابت عن سمائهم حياة القلوب وحياة
الأرواح فلا تسمى حياتهم وإن دبوا على الأرض حياة لأنها فقدت
إنسانيتها وصارت أقرب إلى الحياة الحيوانية
{ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا
وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }
الاستجابة سبب من أسباب إجابة الدعاء:
فهي طريق لرضا الله تعالى فتحقيق الإيمان وامتثال أوامر الله تعالى جعلها
الله تعالى من شروط إجابة الدعاء
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ
إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي }
بفعل أوامره واجتناب نواهيه عندها تكون إجابة دعوة الداع أرجى.
وفي باب استجابة الدعاء هناك نصوص أخرى تبين أنه قد تتخلف الإجابة
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ
إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ
وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ
مِثْلَهَا قَالُوا إِذًا نُكْثِرُ قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ )
وهذا مبحث آخر ولكن ليعلم هنا أن الاستجابة من أسباب إجابة الدعاء.
فالناس على قسمين:مستجيب لربه وجزاؤه الحسنى وغير مستجيب
{ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ
لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ
أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ }
الاستجابة فيها كمال العقل :
{ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
فيهم من الآية أن المستجيب يجعل هواه وشهواته تتحكم فيه وتوجه
بل هو متبع للحق محكماً عقله في ذلك.ولذلك هؤلاء الذين لا يسيطرون
على أهواءهم ورغباتهم سرعان ما يضلهم الشيطان
{ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ
فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ }
فالرشد والهداية هي في الاستجابة لله تعالى:
{ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }