الأخت / بنت الحرمين الشريفين
الإستئذان أدب رفيع، يدل على حياء صاحبه وشهامته، وتربيته وعفته،
وتزاهة نفسه وتكريمها عن رؤية ما لا يحب أن يراه عليه الناس،
أو سمعا حديث لا يحل له أن يسترقه دون معرفة المتحادثين،
أو الدخول على قوم وإيقاعهم بالمفاجأة والإحراج.
والإستئذان هو طلب الأذن، ويكون لدخول بيت، أو الانضمام الى مجلس،
أو الخروج منه، أو التصرف في متاع غيره، أو ابداء رأي في مجتمعات الناس،
أخرج ابن جرير عن عدي بن ثابت قال:
( جاءت امرأة من الأنصار فقالت يا رسول الله إني أكون في بيتي
على حال لا أحب أن يراني عليها أحد،
وإنه لا يزال يدخل عليّ رجل من أهلي وانا على تلك الحال،
فنزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ
حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا )
ولا يخفى ما في هذه الآية من معنى الإستئناس،
الذي هو أبلغ من الاستئذان، إذ هو بالإضافة الى ما فيه معنى طلب الإذن،
فيه معرفة أنس أهل البيت، واستعدادهم لاستقباله،
ومع تقدم الحضارة، وصناعة البيوت المغلقة، والأبواب المحكمة،
فما زال هناك من يدخل بيته دون سلام، أو يغشى غرفة غيره،
أو يقتحم مجلسه دون إعلام أو إستئذان.
وإذا ما تعود الغلام منذ نعومة أظافره أن يستأذن على والديه كما أمر الله تعالى،
نشأ على هذه العادة الحميدة، وهي ملكة في نفسه وطبع كريم،
يقدره عليه الناس ويحبونه، ويثقون في أمانته وكرامته.
وهذه طائفة من آداب الإستئذان التي جاء بها ديننا الحنيف
قبل أن يعرف الناس، أصول الأعراف وفن المعاملات،
وحسن التصرف واللباقة في البيوت والمجتمعات..
1- يجب الإستئذان لدخول بيت الناس، والإستئناس لمعرفة
أنس أهل البيت بالدخول عليهم، فيأنس الداخل الى إذنهم،
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ
حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا }
2- يجب قرن الإستئذان بالسلام، بل تقديمه عليه،
عن كلدة بن الحنبل رضى الله عنه وارضاه قال:
( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلت عليه ولم أسلم،
فقال صلى الله عليه وسلم: ارجع فقل السلام عليكم أأدخل )
وعن ابن عباس رضى الله عنهما
( أن عمر رضى الله عنه إستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: السلام على رسول الله، السلام عليكم، أيدخل عمر )
وعن أبي هريرة رضى الله عنه وارضاه
( أنه سئل فيمن يستأذن قبل أن يسلم قال: لا يؤذن له حتى يسلم )
3- ينبغي على من قرع الباب مستأذنا أن يقف بجانب الباب
الذي لا يظهر منه البيت عند فتحه، وظهره للباب،
وعليه أن يغض بصره ما استطاع.
عن سهل بن سعد رضى الله عنه وارضاه قال:
( اطّلع رجل في حجر من حجر النبي صلى الله عليه وسلم
ومع النبي مدرى ـ آلة رفيعة من الحديد ـ يحك بها رأسه،
لو أعلم أنك تنظر لطعنت بها في عينيك،
إنما جعل الاستئذان من أجل النظر )
4- يشمل الأمر بالإستئذان النساء كما يشمل الرجال،
لأنه شرع لئلا يطلع أحد على أحد على ما يطو الناس في بيوتهم
مما لا يحبون أن يطلع عليه أحد،
إلى جانب عدم النظر الى ما لا يحل له أن ينظر إليه.
"كنت في أربع نسوة نستأذن على عائشة رضى الله عنها
فقالت واحدة:السلام عليكم أندخل؟