عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-13-2013, 10:30 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي له في كل شيء عِبرة

الأخت / بنت الحرمين الشريفين


له في كل شيء عِبرة
من علامات القلب السليم
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ {
[ الحجر : 75 ]
والمتوسِّمون هم المتفكرون المعتبرون الذين يتوسمون في الأشياء
ويتفكرون فيها ويعتبرون ، ويدققون نظرهم حتى يعرفوا حقيقة الشيء بسمته.
قال العلماء :
التوسُّم من الوسم وهي العلامة التي يُستدل بها ؛ يُقال : توسمت فيه
الخير إذا رأيت ملامح ذلك فيه ،
ومنه قول عبد الله بن رواحة للنبي صلى الله عليه وسلم:
( إني تفرست فيك الخير أعرفه)
واتسم الرجل إذا جعل لنفسه علامة يُعرف بها
والواسم:
الناظر إليك من فرقك إلى قدمك ، وأصل التوسم التثبت والتفكر مأخوذ
من الوسم ، وهو التأثير بحديدة في جلد البعير وغيره.
والإشارة ﴿ فِي ذَلِكَ ﴾ إلى جميع ما تضمنته القصة التي بدأت
بقوله تعالى
} وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ {
ففيها من الآيات الكثير : آية نزول الملائكة في بيت إبراهيم عليه السلام
كرامة له ، وبشارته بغلام عليم ، وإعلام الله إياه بما سيحل بقوم لوط ،
ونصر الله لوطا بالملائكة ، وإنجائه عليه السلام وآله ، وإهلاك قومه
وامرأته لمناصرتها إياهم ، وآية عمى أهل الضلالة عن أنوار الهداية ،
وآية غضب الله على المُصِرِّين على عصيان الرسل ، وهو إهانة للذين
لم تردعهم العبر بأنهم دون مرتبة النظر ، وتعريض بمشركي مكة الذين
لم يتعظوا ؛ بأن يحل بهم ما حلَّ بالأمم من قبلهم التي عرفوا أخبارها
ورأوا آثارها ، وتعريض كذلك بمن سلك نفس الطريق من العصاة والغافلين.
للفراسة رجالها
ولا تكون الفراسة إلا بتفريغ القلب من هَمّ الدنيا ، وتطهيره من أدناس
المعاصي وكدورة الأخلاق وفضول المباحات ، وعندها يجري على مرآة
القلب كل حق لا خيال ، لأنه تقلب بين آيات الحق وأنوار الطاعات فانهالت
عليه الفيوضات والإشراقات
ومثل ذلك قول ابن عباس رضي الله عنه :
ما سألني أحد عن شيء إلا عرفت أفقيه هو أو غير فقيه.
وما رُوِي عن الشافعي ومحمد بن الحسن
أنهما كانا بفناء الكعبة ورجل على باب المسجد فقال أحدهما : أراه نجارا
، وقال الآخر : بل حدادا ، فتبادر من حضر إلى الرجل فسأله
فقال : كنت نجارا وأنا اليوم حداد!!
ورُوي عن جندب بن عبد الله البجلي
أنه أتى على رجل يقرأ القرآن فوقف فقال : من سمَّع سمَّع الله به
ومن راءى راءى الله به ،فقلنا له : كأنك عرَّضت بهذا الرجل
فقال:إن هذا يقرأ عليك القرآن اليوم ويخرج غدا حروريا
فكان رأس الحرورية واسمه مرداس.
ورُوِي عن الحسن البصري
أنه دخل عليه عمرو بن عبيد فقال:
هذا سيد فتيان البصرة إن لم يُحدِث ، فكان من أمره من القدَر
ما كان حتى هجره عامة إخوانه.
وقال لأيوب : هذا سيد فتيان أهل البصرة ولم يستثن.
ورُوِى عن الشعبي
أنه قال لداود الأزدي وهو يماريه : إنك لا تموت حتى تُكوى
ي رأسك وكان كذلك.
ورُوي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
دخل عليه قوم من مذحج فيهم الأشتر فصعَّد فيه النظر وصوَّبه وقال :
أيهم هذا؟ قالوا : مالك بن الحارث فقال : ما له قاتله الله! إني لأرى
للمسلمين منه يوما عصيبا ، فكان منه في الفتنة ما كان.
ورُوِي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه :
أن أنس بن مالك دخل عليه وكان قد مر بالسوق ، فنظر إلى امرأة فلما
نظر إليه قال عثمان : يدخل أحدكم علي وفي عينيه أثر الزني!
فقال له أنس : أوحيا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقال : لا !
ولكن برهان وفراسة ، وصدق ، ومثله كثير من الصحابة والتابعين
رضي الله عنهم أجمعين .
من ألوان الفراسة
التفاعل مع الأحداث اليومية:
صاحب القلب الحي إذا رأى ظلمة حسبها ظلمة القبر ، وإذا وجد لذة ذكر
نعيم الجنة ، وإذا صرخ من ألم خاف عذاب النار ، وإذا شمَّ شواء ذكر
جهنم ، وإذا رأى ضاحكا على معصية رقَّ لحاله في الآخرة ،
وإذا رأى مطيعا على فاقة استبشر بنعيمه في الجنة.
كان عمر بن عبد العزيز من أرباب القلوب الحية وكان واقفا مع
سليمان بن عبد الملك ، فسمع سليمان صوت الرعد فجزع ووضع صدره
على مقدمة الرحل ، فقال عمر وهو المعتبر المتدبر بكل ما حوله :
هذا صوت رحمته فكيف إذا سمعت صوت عذابه؟!

رد مع اقتباس