ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبد المحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبتي الجمعة بعنوان :
عبودية الكائنات لله تعالى
والتي تحدَّث فيها عن عبودية الكائنات لرب الأرض والسماوات،
وأنه ما من مخلوقٍ من مخلوقات الله من حجرٍ أو شجرٍ أو حيوان أو نباتٍ أو طيرٍ
إلا وهو يعبُد الله ويسجد له ويُسبّحه.
فحريٌّ بالمؤمن أن يكون خيرًا من هذه الكائنات والمخلوقات.
وذكرَ في ثنايا خطبته أدلة ذلك من الكتاب والسنة.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،
من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى؛ فمن اتَّقى ربَّه ارتقَى درجات،
اتَّصفَ الله تعالى بصفات الكمال والجمال، وتنزَّه من كل عيبٍ ونقصٍ،
هو غنيٌّ عما سِواه من المخلوقات وهي مُفتقِرةٌ إليه، قال - سبحانه -:
{ إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ }
ذو الجلال والكبرياء، ذلَّ له كل شيءٍ وأسلمَ طوعًا وكرهًا،
استسلمَ له المؤمنُ بقلبِه وظاهره، والكافرُ مُستسلمٌ له كرهًا بالتسخير والقهر،
{ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ }
دانَ الجميعُ لله، فمن في السماوات والأرض والطير كلُّها تُصلِّي لله
وتعبُد بحسب حالِها اللائِق بها، قال - عز وجل -:
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ
كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ }
وتدخلُ الملائكةُ كل يومٍ البيتَ المعمور في السماء تُصلِّي فيه لله،
قال - عليه الصلاة والسلام - في حديث الإسراء:
( فرُفِع لي البيتُ المعمور، فسألتُ جبريلَ،
فقال: هذا البيتُ المعمورُ يُصلِّي فيه كل يومٍ سبعون ألف ملَك
إذا خرَجوا لم يعودوا إليه آخرَ ما عليهم )
وجميعُ الكائنات تسجُد خاضِعةً ذليلةً لله، قال - عز وجل -:
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ }
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -:
[ ولا يجبُ أن يكون سجود كل شيءٍ مثلَ سجود الإنسان ]
والدوابُّ والملائكةُ تسجُد خوفًا من الله، قال تعالى:
{ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ
يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }
والشمسُ تذهبُ كل يومٍ تحت العرش وتسجُد لله،
قال - عليه الصلاة والسلام - لأبي ذرٍّ حين غربَت الشمسُ:
قال: فإنها تذهبُ حتى تسجُد تحت العرش )