عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-23-2013, 08:23 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي { مثل الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ }

الأخت / الملــــكة نور


{ مثل الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ }
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
بقلم الأستاذ محمد إسماعيل عتوك
باحث لغوي في الإعجاز البياني للقرآن الكريم ومدرس للغة العربية
قال الله تعالى :
{ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ
لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ }
[ إبراهيم : 18 ]
ضرب الله تعالى هذه الآية الكريمة مثلاً،
شبَّه فيه الأعمال التي تكون لغير الله تعالى برماد ،
اشتدت به الريح في يوم عاصف، فطيرته، وفرقت أجزاءه في جهات هبوبها،
ولم تبق له على أثر، ولا خبر. كذلك تعصف رياح الكفر،
والأهواء الفاسدة بالأعمال، التي تبنى على أساس غير صحيح، فتفسدها ،
وتجعلها مع أصحابها طعمة للنار .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها أن الله تعالى،
لمَّا ذكر أنواع عذاب الكافرين في الآية المتقدمة،
بين في هذه الآية أن الأعمال،
التي لا يقصد بها وجه لله تعالى هي أعمال باطلة،
لا ينتفع أصحابها بشيء منها في الآخرة .
وعند هذا يظهر كمال خسرانهم؛ لأنهم لا يجدون إلا العقاب الشديد،
وكل ما عملوه في الدنيا يجدونه ضائعًا باطلاً ، وذلك هو الخسران المبين .
ولفظ { مَثَلٍ } عند الزمخشري وغيره مستعار للصفة، التي فيها غرابة.
وارتفاعه في مذهب الجمهور على الابتداء، خبره محذوف،
تقديره عند سيبويه والأخفش : فيما يتلى عليكم، أو يقصُّ عليكم.
وجملة { أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ } مستأنفة على تقدير سؤال؛
كأنه قيل: كيف مثلهم؟فقيل: أعمالهم كرماد.
وعليه يكون تقدير الكلام:
{ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ }
[ إبراهيم : 18 ]
كقولك : صفة زيد، عِرْضُه مَصُونٌ، ومالُه مَبذولٌ .
ومذهب الفراء : أن{ مَثَلٍ } مبتدأ، خبره{ كَرَمَادٍ }.
والتقدير عنده : مثل أعمال الذين كفروا كرماد.
وفي تفسير ذلك والتعليل له قال الفرَّاء وقوله :
{ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ }
[ إبراهيم : 18 ]
أضاف المَثَل إليهم،
ثم قال :
{ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ }
[ إبراهيم : 18 ]
والمَثَل للأعمال .
وحكي ابن عطية عن ألكسائي والفراء أن المعنى على إلغاء لفظ { مَثَلٍ } ،
وأن أصل الكلام:
{ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ }،
[ إبراهيم : 18 ]
بإسقاط لفظ { مَثَلٍ }
فيكون كقوله تعالى :
{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ }
[ النور : 39 ]
ولكن ظاهر قوله تعالى:
{ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ }
[ إبراهيم : 18 ]
يقتضي أن يكون للَّذِينَ كَفَرُوا بربهم مَثلٌ.
ومَثَلُهم هو المماثلُ لهم في تمام أحواهم وصفاتهم.
أي: المطابق، أو المساوي. وهو كقولنا: مَثَلُ زيد، عملُه قبيحٌ.
فالعمل القبيح- هنا- لا يعود على زيد؛ وإنما يعود على مَثلِ زيد.
وهذا يعني أن لزيد مثلاً يماثله في تمام أحواله وصفاته.
وهذا المَثَلُ قد يكون عمروًا، أو بكرًا، أو غيرهما.
وكذلك قوله تعالى:
{ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ }
[ إبراهيم : 18 ]
يقتضي أن يكون للَّذِينَ كَفَرُوا بربهم مَثلٌ،
يماثلهم في تمام أحواهم وصفاتهم . وعليه تكون الأعمال المشبهة بالرماد
في قوله تعالى:
{ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ }
[ إبراهيم : 18 ]
هي أعمال مَثَلِ الذين كفروا بربهم، لا أعمالهم هم، خلافًا للأعمال،
التي في قوله تعالى:
{ أَعْمَـالُهُمْ كَسَرَابٍ }
[ النور : 39 ]
ويمكن ملاحظة الفرق بين الآيتين من خلال المقارنة بينهما:
{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ }
[ النور: 39 ]
{ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ }
[ إبراهيم : 18 ]

رد مع اقتباس