عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 08-18-2013, 01:14 AM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

بماذا شهد رسول الله لزيد في خلقه وبماذا وصفه ؟
فعُرِف بعد ذلك بزيد الخير، يقولون كتاب السيرة:
ثم مضى به النبيّ عليه الصلاة والسلام إلى منزله، والنبي علمنا هذا الأدب،
فالقادم عليك أول مرة لا بد أنْ تعرفه، وعليك أنْ تدعوَه إلى بيتك،
وأنْ تحترمه، وهذه من حكمة المؤمن.
مضى به النبي عليه الصلاة والسلام إلى منزله، ومعه عمر بن الخطَّاب،
ولفيفٌ من الصحابة،
فلما بلغوا البيت طرح النبي عليه الصلاة والسلام لزيدٍ متَّكأً .
أيها الأخوة : أكثر ما أدهشني في هذه القصة هذا الموقف،
كم مضى على إسلامه ؟ نصف ساعة، أو ربع ساعة،
والنبيّ إكراماً له طرح له مُتكأً،
وسادة- فعظُم عليه أن يتكئ في حضرة النبيّ عليه الصلاة والسلام،
وقال : واللهِ يا رسول الله، ما كنتُ لأتكئ في حضرتك, -هذا هو الأدب،
لكنْ متى تعلمه ؟ لم يمضِ على إسلامه ربعُ ساعة، المسلم كلُّه أدب .
أحد العلماء قال لأحد تلاميذه :
يا بنيّ نحن إلى أدبك، أحوجُ منا إلى علمك، علامة رُقي الإنسان أدبه-
وردّ المُتَّكأ وما زال يُعيده إلى النبيّ، وهو يرُدّه، ولما استقر بهم المجلس،
قال عليه الصلاة والسلام لزيد الخير :
يا زيد ما وصِف لي رجلٌ قط، ثم رأيته، إلا كان دون ما وصف، إلا أنت .
يقول لك أحدهم : لقد أقمنا في مكان لا مثيل له،
هل لكَ أنْ ترافقنا إليه فنرتع ونسعد؟
يقول لك : فلان قمَّة، تلتقي معه فلا تجد شيئًا مِنَ القمة،
فهو أقل دون ما وُصِف بكثير، والإنسان دائماً يبالغ، وهذه طبيعة بشرية،
فإذا عاينتَ ما وُصِفَ لك رأيته صغيراً- قال له: يا زيد، إنّ فيك خصلتين،
يحبهما الله ورسوله، قال : وما هما يا رسول الله ؟ قال : الأناة والحلم .
هذه صفاتٌ يحبها الله :
أمّا هذا الطائش، والعجول، والغليظ، والمتكبِّر،
فلا يرتاح إليه الناسُ ، بل مَن كان فيه أناة وحلم فهو المقبول عندهم-
فقال زيد الخير وكله أدب :
الحمد لله الـذي جعلنـي على ما يُحب الله ورسولـه،
ثم التفت إلى النبي عليه الصلاة والسلام،
قال : يا رسول الله، أعطني ثلاثمائة فارس، وأنا كفيلٌ لك،
بأن أُغير بهم على بلاد الروم، وأنال منهم,
فأكبر النبيّ عليه الصلاة والسلام، همته هذه، وقال له : لله درُك يا زيد ،
أيّ رجُلٍ أنت ؟!
شيء عظيم جدا : أن يحبك رسول الله، وأن يُعجب بك،
ولمّا همّ زيدٌ بالرجوع إلى بلاده في نجد ودَّعه النبيّ عليه الصلاة والسلام-
وقال بعد أن ودَّعه : أيّ رجُلٍ هذا ؟
كم سيكون له من الشأن، لو سلم من وباء المدينة ؟
هل أصاب زيد الخير من المرض الذي كان منتشر في المدينة
وأين جاءته المنية وماذا كان همه ؟
أيها الأخوة : كان في المدينة أوبئة، وكانت المدينة المُنورة موبوءةً بالحمى،
فما إن برحها زيد الخير حتى أصابته، فقال لمن معه : جنِّبوني بلاد قيس،
فقد كانت بيننا وبينهم حماقاتٌ من حماقات الجاهلية،
ولا واللهِ لا أُقاتل مسلماً حتى ألقى الله عز وجل،
وتابع زيد الخير سيره نحو ديار أهله في نجد،
على الرغم من أن وطأة الحمَّى كانت تشتد عليه ساعةً بعد أُخرى،
فقد كان يتمنَّى أن يلقى قومه، وأن يكتب اللهُ لهم الإسلامَ على يديه،
وطفِق يسابق المنية، والمنية تُسابقه، لكنها ما لبِثت أن سبقته،
فلفَظَ أنفاسه الأخيرة في بعض الطريق، ولم يكن بين إسلامه وموته مُتسعٌ.
عن معاذ بن جبل أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم
حين بعثه إلى اليمن: أوصني ، قال :
( أَخْلِصْ دِينَكَ يَكْفِكَ الْقَلِيلُ مِنَ الْعَمَلِ )
[ أخرجه الحاكم في المستدرك عن معاذ بن جبل ]
هذا سيدنا زيد : لقد كان مُخلصًا، وما عاش بعد إسلامه طويلاً،
قد مات في الطريق إلى أهله، فالإنسان عليه أن يُخلص،
والمُخلٍص في أعلى مقام عند الله عزَّ وجل،
ونرجو الله سبحانه وتعالى أن نكون مُخلصين،
وأن يبعدنا عن الرياء والنفاق .
والحمد لله رب العالمين
لفضيلة الشيخ : محمد النابلسي
جزاه الله عنا كل خير
في الله أخوكم / مصطفى الحمد

رد مع اقتباس