08-13-2013, 11:13 PM
|
Moderator
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
|
|
مفسدات القلب
الإبنة / هيفاء الياس
مفسدات القلب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد :
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إلا وإن في الجسد مضغة , إذا صلحت صلح الجسد كله ،
وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب )
[ رواه البخاري ومسلم ]
وإذا كان ربنا تبارك وتعالى قد علق نجاة العبد يوم القيامة على سلامة القلب
كما قال :
{ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ {88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }
[ الشعراء : 88 – 89 ]
فحري بالعبد أن يجتنب كل ما من شأنه أن يفسد عليه قلبه ،
ولهذا ننقل لكم من كلام الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ما يبين أعظم
وأهم أسباب فساد القلب : قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :
وأما مفسدات القلب الخمسة فهي التي أشار إليها من كثرة الخلطة ،
والتمني ، والتعلق بغير الله ، والشبع ، والمنام .
فهذه الخمسة من أكبر مفسدات القلب :
المفسد الأول : كثرة المخالطة : فأما ما تؤثره كثرة الخلطة :
فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتى يسود ،
ويوجب له تشتتا وتفرقا وهما وغما ، وضعفا ،
وحملا لما يعجز عن حمله من مؤنة قرناء السوء ، وإضاعة مصالحه ،
والاشتغال عنها بهم وبأمورهم ، وتقسم فكره في أودية مطالبهم وإراداتهم .
فماذا يبقى منه لله والدار الآخرة؟
هذا ، وكم جلبت خلطة الناس من نقمة، ودفعت من نعمة، وأنزلت من محنة،
وعطلت من منحة ، وأحلت من رزية ، وأوقعت في بلية .
وهل آفة الناس إلا الناس؟
وهذه الخلطة التي تكون على نوع مودة في الدنيا ،
وقضاء وطر بعضهم من بعض ، تنقلب إذا حقت الحقائق عداوة ،
ويعض المخلط عليها يديه ندما ،
كما قال تعالى :
{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً {27}
يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً {28}لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي }
[ الفرقان : 27 – 29 ]
وقال تعالى :
{ الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ }
[ الزخرف : 67 ]
وقال خليله إبراهيم لقومه :
{إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً
وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ }
[ العنكبوت : 25 ]
وهذا شأن كل مشتركين في غرض
يتوادون ما داموا متساعدين على حصوله ، فإذا انقطع ذلك الغرض ،
أعقب ندامة وحزناً وألماً وانقلبت تلك المودة بغضاً ولعنة ،
وذماً من بعضهم لبعض .
والضابط النافع في أمر الخلطة :
أن يخالط الناس في الخير كالجمعة والجماعة ، والأعياد والحج ،
وتعلم العلم ، والجهاد ، والنصيحة ، ويعتزلهم في الشر وفضول المباحات .
فإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في الشر، ولم يمكنه اعتزالهم :
فالحذر الحذر أن يوافقهم ، وليصبر على أذاهم ،
فإنهم لابد أن يؤذوه إن لم يكن له قوة ولا ناصر .
ولكن أذى يعقبه عز ومحبة له ، وتعظيم وثناء عليه منهم ، ومن المؤمنين ،
ومن رب العالمين ، وموافقتهم يعقبها ذل وبغض له ، ومقت ، وذم منهم ،
ومن المؤمنين ، ومن رب العالمين . فالصبر على أذاهم خير وأحسن عاقبة ،
وأحمد مآلا . وان دعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحات ،
فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة لله إن أمكنه .
|