وفي الحديث الصحيح عند أحمد ومسلم :
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
( لا يدخلُ النارَ من كان في قلبِه مثقالُ حبَّةٍ من إيمان ،
ولا يدخلُ الجنةَ من كان في قلبِه ذرَّةٌ من كِبْر
فقال رجلٌ: يا رسول الله ! إنه يُعجِبُني أن يكون ثوبي غسيلاً، ورأسي دهينًا،
وشِراكَ نعلي جديدًا - وذكرَ أشياء حتى ذكرَ عُلاقة السوط –
فمِن الكِبْر هذا يا رسول الله ؟!
قال: لا، ذاك الجمال، إن الله - عز وجل - جميلٌ يحبُّ الجمال،
ولكن الكِبر من سفِهَ الحقَّ وازدرَى الناس )
الله أكبر ما أجزلَ للصائمين الثوابَ، والله أكبر ما ألبَسَهم جميلَ الثياب.
وقد امتثلَ الصحابةُ - رضوان الله عليهم - ثم السلفُ الصالح من بعدهم
نهجَ نبيِّهم - عليه الصلاة والسلام - وتوجيهاته وحُسن التأسِّي به؛
فهذا عُمر - رضي الله عنه - يقول:
[ مروءةُ الرجل نقاءُ ثوبه ]
وكان ابن مسعود يُعجِبُه إذا قام إلى الصلاة الرِّيحُ الطيبة والثيابُ النقيَّة.
وحينما ذهب ابن عباس - رضي الله عنه - لمُجادلة الخوارِج لبِسَ أحسن ما يكونُ
فقالوا: مرحبًا بك يا ابن عباس، ما هذه الحُلَّة ؟
لقد رأيتُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسنَ ما يكونُ من حُلَل
وقال الميموني - من أصحاب الإمام أحمد -:
[ ما رأيتُ أحدًا أنظفَ ثوبًا، ولا أشدَّ تعاهُدًا لنفسِه في شاربِه ورأسه وشعر بدنِه
ولا أنقَى ثوبًا وأشدَّ بياضًا من أحمد بن حنبل ]
[ المروءةُ الظاهرة في الثياب الطاهرة ]
[ ويُستحبُّ ألا يُخلِيَ نفسَه حضرًا وسفرًا من سبعة أشياء بعد تقوى الله والثِّقَة به:
التنظُّف، والتزيُّن، والمُكحُلة، والمُشط، والسواك، والمقصّ، والمِدراة،
[ كان المُسلِمون إذا تزاوَروا تجمَّلوا ]
[ ليس من الذَّوق واللَّبَاقَة مُخالطة الناس بثيابِ المهنة
لما يعلَقُ بها في الغالبِ من الدَّرَن والروائِح ]
فإن الجمال نعمةٌ من أتمِّ النِّعَم، وهو زينٌ كلُّه إذا رآه المرءُ في الناس والأشياء
اطمأنَّت نفسُه ودخل عليه السرورُ والبهجة، ولا يرى الجمالَ إلا الجميل.
فكُن جميلاً ترى الوجود كلَّه جميلاً، كُن جميلاً ترى أنسامَ الجمال تهُبُّ رقراقَةً
حيث تشاء، شهدًا في عروقِك وأنفاسِك، وعذوبةً في اللِّسان كمنطقِك،
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا
إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ
قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }
[ الأعراف: 31، 32 ]
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسُنَّة نبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم -،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بُكرةً وأصيلاً،
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه وسلَّم تسليمًا كثيرًا،
واستغفِروه يغفِر لكم.