عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-08-2013, 04:13 AM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

ترك الإنكار خشية وقوع مفسدة :
إذا كان المكلف قادراً على إنكار المنكر الذي رآه أو علمه،
لكنه غلب على ظنه أن تحدث نتيجة إنكاره مفسدة ويترتب عليه شر،
هو أكبر من المنكر الذي أنكره أو غيره ،
فإنه في هذه الحالة يسقط وجوب الإنكار، عملاً بالأصل الفقهي :
يُرَتَكَبُ أَخَفُّ الضررين تفادياً لأشدهما .
على أنه ينبغي أن يتنبه هنا إلى أن الذي يسقط وجوب الإنكار غالبية الظن ،
لا الوهم والاحتمال الذي قد يتذرع به الكثير من المسلمين،
ليبرروا لأنفسهم ترك هذا الواجب العظيم من شرع الله عز وجل .
ذهب العلماء إلى القول بوجوب الأمر والنهي حتى لمن علم أنه لا يقبل،
ليكون في هذا معذرة للمسلم الآمر الناهي، ولأن المطلوب منه
هو الإنكار لا القبول ، لأن الله تعالى يقول:
{ فذكِّرْ إنما أنتَ مذكر }
[ الغاشية: 21 ]
ويقول :
{ إنْ عليكَ إلا البلاغ }
[ الشورى: 48]
وفي ذلك رد صريح على أولئك الذين يجبنون عن الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، ويريدون أن يصدوا غَيرهم عن القيام بواجبه،
فيقولون: لا تُتْعِب نفسك، ودع الأمور، لا فائدة من الكلام،
وربما احتجوا خاطئين بقوله تعالى:
{ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ }
[ القصص: 56 ]
ويغيب عن ذهنهم أنها نزلت في شأن أبي طالب،
الذي مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام،
ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، حتى لَفَظَ الأنفاس الأخيرة
وهو على شركه، فنزلت الآية تواسي النبي صلى الله عليه وسلم
لحزنه على عمه الذي دافع عنه وناصره، مبينة له:
أنه لا يستطيع أن يجعل الهداية في قلب من أحب،
لا أنها تنهاه عن الأمر والنهي.
قول الحق دون خوف أو رهبة : على المسلم أن يأمر بالمعروف
وينهى عن المنكر دون أن يلتفت إلى شأن من يأمره أو ينهاه،
من منصب أو جاه أو غنى، ودون أن يلتفت إلى لوم الناس وعبثهم
و تخذيلهم ، ودون أن يأبه بما قد يناله من أذى مادي أو معنوي يقدر
على تحمله ويدخل في طاقته ، على أن يستعمل الحكمة في ذلك ،
ويخاطب كُلاًّ بما يناسبه ، و يعطي كل موقف ما يلائمه .
أخرج الترمذي وابن ماجه ،
من حديث أبي سعيد رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبة :
( ألا لا يَمْنَعَنَّ رجلاً هيبةُ الناس أن يقول الحق إذا علمه )
أمر الأمراء ونهيهم :
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الأمة ،
كما أنه حق لها . والأمة رئيس و مرؤوس ، فكما يجب على الأمراء
أن يأمروا و ينهَوا الرعية كذلك يجب على الأمة أن تأمر و تنهى أمراءها ،
قياماً بالواجب وأداءً للحق .
و رضي الله عن أبي بكر، إذ وقف عقب استخلافه ليضع المنهج السوي
الذي يستقيم عليه أمر الراعي والرعية ، فقال :
وُليِّت عليكم ولست بخيركم ، إن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني ،
أطيعوني ما أطعت الله فيكم ، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم .
يجب أن يكون تغيير المنكر بداية الدين . قال عليه الصلاة والسلام:
( الدين النصيحة ،
قلنا : لمن يا رسول الله ؟
قال: لله ولكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين وعامتهم )
رواه مسلم .
الغِلظة واللِّين في الأمر والنهي :
ينبغي أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحكمة ، كما قال تعالى :
{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ }
[ النحل: 125 ]
و تختلف الحكمة حسب حال المأمور والمنهي ، وما يؤمر به أو ينهى عنه ،
وما يكون أنفع وأبلغ في الزجر ، فتارة ينبغي استعمال اللين
في القول والمجاملة والمداراة ، وتارة لا تصلح إلا القسوة و الغلظة .
و لذلك كان من يأمر و ينهى لا بد فيه من صفات ، أهمها :
الرفق، و الحلم ، و العدل ، والعلم .
كرامة لا ذلة : ليس فيما ينال المسلم من أذى في سبيل أمره ونهيه ذلة
أو مهانة ، و إنما هي عزة و شرف و رفعة في الدنيا والآخرة ،
و شهادة في سبيل الله عز وجل ، بل أعظم شهادة .
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر )
رواه أبو داود والترمذي .
يجب على المسلم أن ينكر المنكر إذا كان ظاهراً وشاهَدَهُ ورآه،
دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :
( من رأى منكم منكراً )
فإذا داخله ريبة وشك في منكر خفي مستور عنه، فإنه لا يتعرض له
ولا يفتش عنه، لأن هذا النوع هو من التجسس المنهي عنه.
ويقوم مقام الرؤية علمه بالمنكر، وتحققه عن وقوعه ومعرفة موضعه ،
كما إذا أخبره ثقة بذلك، أو كانت هنالك قرائن تجعل الظن غالباً
بوجود المنكر، ففي هذه الحالة يجب عليه الإنكار بالطريقة المناسبة
التي تكفل القضاء على المنكر، واستئصال جذور الشر والفساد
من المجتمعات .

رد مع اقتباس