عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-03-2013, 03:59 AM
هيفولا هيفولا غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 7,422
افتراضي الخشوع وحلاوة الإيمان

الخشوع وحلاوة الإيمان

1- قيام الليل

سلوى المغربي


دنى الرحيل وشارف الشهر على الانتهاء ,
ما أصعب تلك اللحظات التي يشعر فيها المرء بقرب رحيل من أحب ,

بل من كان بابا للخير عليه وسببا – إن أحسن استغلاله - في دخوله الجنة والعتق من النار ,
قرب الرحيل وإذ بالقلوب تنفطر حزنا على ضياع أي فرصة لم تستغلها
لتقربنا من الجنة وتباعدنا عن النار ,

فمازالت الجوارح بعد تستعد لتنقية النفوس من المعاصي والآثام التي صبغتها بالران .

ولكن مازالت الفرصة سانحة لنيل النفحات في العشر الأهم من رمضان

التي يمنحها الله عز وجل للعبد المؤمن المحب لربه
والذي يخشى عقابه من تتابع الذنب تلو الذنب .

فمازالت الدعوة متاحة للجميع فعلينا أن نسعى جاهدين
في تلك الأيام إلى الوصول لدرجة الإيمان العالية ,

ولنستعين في ذلك بعد الله بالصحبة الصالحة التي تشد من أزرنا وتزيد من همتنا
وتسمو بأخلاقنا وتصل بقلبنا إلى التمتع بلذة العبادة ,
وياله من شعور لا يضاهيه أي شعور آخر من ملذات الدنيا .

إنه شعور ممزوج براحة النّفس، مع سعادة القلب وانشراح الصدر
وشدة الارتياح أثناء العبادة ,

والتمنى بأن يقبض الله روح العبد الخاضع المتذلل له وحده
وهو على هذه الحالة الإيمانية الرائعة التي لا يشعر بها باستمرار ,

ويسعى جاهدا لنيلها دائما.

فتكرار – هذه الحالة - والشعور بها يتفاوت من شخص لآخر ,
بل في الشخص نفسه من حالة إلى حالة نظرا لقوة الإيمان وضعفه .




نصارع الذنوب في الحياة الدنيا كما يصارع الغريق الأمواج الهالكة التي تودي بحياته ,
فالذنوب في القلب تضعفه وتهلكه ,
فلا يزال عليلا مضطربا إلى أن يجد ضالته المنشودة التي تنقذه من عثرته ,

وتخرجه من ظلمة المعاصي إلى نور الطاعة وحياة القلوب العامرة بذكر الله ,
قال تعالى : " أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس
كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها "
الأنعام:122


وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
هلك من لم يكن له قلب يعرف به المعروف والمنكر .

فالقلب الصحيح كما جاء في شرح العقيدة الطحاوية :
" يؤثر النافع على الضار المؤذي ,
والقلب المريض: ضد ذلك , وأنفع الأغذية غذاء الإيمان ,
وأنفع الأدوية دواء القرآن،

وكل منهما فيه الغذاء والدواء ,
ومن علامات القلب الحي: أنه يشتاق إلى الذكر كما يشتاق إلى الطعام والشراب,

وأنه إذا دخل في الصلاة ذهب عنه غمه وهمه ،
واشتد عليه الخروج منها ,

وأن يكون همه واحدا، وأن يكون في الله ,
ويكون أشح بوقته أن يضيع,

ومن علاماته أيضا : أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل ،
فيحرص على الإخلاص والنصيحة والمتابعة والإحسان ،
هذه المشاهد لا يشهدها إلا القلب السليم ".

سئل بلال رضي الله عنه عن سبب صبره على الإيمان مع شدة تعذيبه
وطرحه في رمضاء مكة الحارة فقال قولته المشهورة :
مزجت مرارة العذاب بحلاوة الإيمان فطغت حلاوة الإيمان .


مواطن يمتلأ فيها القلب بحلاوة الإيمان :


قيام الليل :

-من أراد تذوق حلاوة الإيمان عليه أن يجاهد نفسه
ويصبر على الطاعة والمداومة على العبادة ,

فمن ذاق عرف , فتلمسها في ركعات في جوف الليل وحيدا
بعيدا عن الدنيا وهموها ومشاغلها ومتاعها الزائل الفاني ,

ويجدها في سجدة بين يدي الله يتضرع فيها إلى مولاه داعيا
راجيا أن يغفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر , سره وعلانيته ,

قال تعالى :" أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه "
يكابد الليل والشيطان الذي يسعى دائما أن ينتزع من روحه الهمم
والمداومة للوصول إلى شرف المؤمن وعزه في الدنيا والآخرة ,

ففيه دواء القلوب والأبدان , وتلبية لأمر الرحمن ,
وشرف للمؤمن , ورفعة للدرجات , وتكفيرا للسيئات ,
كما أنه يورث في القلب الذل لله والتواضع .


روى الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" أتاني جبريل فقال : يا محمد ، عش ما شئت فإنك ميت ،
وأحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ،
واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزه استغناؤه عن الناس ) .

رواه الطبراني وصححه الألباني




http://up.hawahome.com/uploads/13752637952.jpg

http://up.hawahome.com/uploads/13752637953.gif




نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



حال السلف الصالح مع قيام الليل :

وصف العلامة ابن عبد الهادي قيام شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وكان في ليله منفرداً عن الناس كلهم خالياً بربه ،

ضارعاً مواظباً على تلاوة القرآن ،
مكرراً لأنواع التعبدات الليلية والنهارية ،

وكان إذا دخل في الصلاة ترتعد فرائصه وأعضاؤه حتى يميل يمنة ويسرة " .

يقول ثابت البناني : كابدت الصلاة عشرين سنة واستمتعت بها عشرين سنة ,

وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله
" لأهل الطاعة بليلهم ألذ من أهل اللهو بلهوهم
ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا " ,

وقال الأوزاعي رحمه الله :
" من أطال قيام الليل هوّن الله عليه وقوف يوم القيامة "

في ظلمة الليل أناس نائمون ** ضموا الغطاء وهم بدفء ينعمون
في أجمل الأحلام هم يتلذذون ** ظنوا بهــذا أنهم يستمتعون
لكنهم هم يحرمون يحرمون ** من لذة الركعات في جوف السكون

عن خلوة قدسية هم نائمون ** عن موكب العبّاد هم يتخلفون


جربتها وعرفتها من ذاقها ** عرف السعادة ما تكون

فسر في طريق الرضوان والسعي لنيل أسباب السعادة في الدارين
فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده المخلصين .



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقلته لروعته

هيفولا


التعديل الأخير تم بواسطة هيفولا ; 08-03-2013 الساعة 04:01 AM
رد مع اقتباس