وقد تكلمنا على ذلك في التفسير بما فيه الكفاية من إيراد الأحاديث
المتعلقة بذلك والآثار المروية في ذلك والأحكام المستفادة منه ولله الحمد.
حدثنا أبو النضر، حدثنا المسعودي، حدثنا عمرو بن مرة
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال
وأما أحوال الصيام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فجعل
يصوم من كل شهر ثلاثة أيام
ثم أن الله فرض عليه الصيام
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ
كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ }
{ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ }
فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكيناً فأجزأ ذلك عنه.
ثم إن الله أنزل الآية الأخرى:
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ }
{ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }
فأثبت صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر
وأثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام فهذان حولان.
وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا.
ثم أن رجلاً من الأنصار يقال له: صرمة كان يعمل صائماً حتى أمسى فجاء
أهله فصلى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائماً،
فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جهد جهداً شديداً
فقال صلى الله عليه وسلم:
( مالي أراك قد جهدت جهداً شديداً؟ )
وكان عمر قد أصاب من النساء بعد ما نام
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له
{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ }
{ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ }
ورواه أبو داود في (سننه)، والحاكم في (مستدركه) من حديث المسعودي نحوه.
وفي (الصحيحين) من حديث الزهري، عن عروة،
عن أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها أنها قالت:
كان عاشوراء يصام، فلما نزل رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر.
وفي هذه السنة أمر الناس بزكاة الفطر، وقد قيل:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس قبل الفطر بيوم - أو يومين –
وأمرهم بذلك، قال: وفيها صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد
وخرج بالناس إلى المصلى فكان أول صلاة عيد صلاها وخرجوا بين يديه
بالحربة وكانت للزبير وهبها له النجاشي فكانت تحمل بين يدي
رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأعياد.
وفي هذه السنة فيما ذكره غير واحد من المتأخرين فرضت الزكاة
ذات النصب كما سيأتي تفصيل ذلك كله بعد وقعة بدر
إن شاء الله تعالى وبه الثقة وعليه التكلان
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
في الله اخوكم مصطفى الحمد