عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-27-2013, 11:55 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

هؤلاء حجَّة على من سِواهم، يمكن أن تكون ملكًا، ويمكنُ أن ترقى
إلى الجنَّة، الجنَّة لا تغلقُ أمام أحد، ولو كان ملكًا-.
ثمَّ قال:
( يا دُكَين، إنّي والله ما رزأْتُ - أخذْتُ - المسلمين في أموالهم درهمًا ولا
دينارًا منذ وُليتُ هذا الأمر وإنِّي لا أملكُ إلا ألف درهمٍ فَخُذْ نصفها واتْرُك
ليَ نصْفها فأخذْتُ المال الذي أعْطانيه فو الله ما رأيْتُ أعظمَ منه بركة ً)
هذه أوَّل صورة، شاعر أعْطاه يوم كان أميرًا خمس عشرة ناقة، فلمَّا صار خليفة
أعطاه خمسمئة دينار من ماله الشَّخصي، وهو يُقسمُ أنَّه ما أخذ دينارًا واحدًا
من مسلمٍ من رعِيَّتِهِ .
سيّدنا عمر بن الخطّاب قال هذا، قال:
( أيّها الناس، لكم عليّ خمسُ خِصال, خُذوني بهنّ؛ لكم عليّ أن لا آخذ
من أموالكم شيئًا إلا بِحَقِّها، ولكم عليّ أن لا أنفقَ هذا المال إلا بِحَقِّه
وإذا غِبْتُ في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا ولكم عليَّ أن أزيد
عطاياكم إن شاء الله تعالى، ولكم عليَّ أن لا أُجمِّركم في البعوث )
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
2- ما رواه قاضي الموصل يحيى بن يحيى الغساني :
الصورة الثانيَة:
يرْويها قاضي الموصِل يحيى بن يحيى الغسَّاني
يقول:
( بينما عمر يطوف ذات يومٍ في أسواق حمص, يتفقَّد الباعة، ولِيَتَعَرَّف على الأسعار
إذْ قام إليه رجلٌ عليه برْدان أحمران قطريَّان وقال: يا أمير المؤمنين
لقد سمعتُ أنَّك أمرْت من كان مظلومًا أن يأتِيَك
فقال:
( نعم )
وها أنا قد أتَيْتُكَ، وها قد أتاك رجل مظلومٌ بعيد الدار
فقال عمر:
( وأين أهلك؟ )
فقال:في عَدَن
فقال عمر:
(إنَّ مكانك من مكان عمر لبعيدٌ)
ثمَّ نزل عن دابَّتِهِ, ووقفَ أمامه, وقال:
(وما ظلامتُكَ؟ )
فقال: ضَيْعَةٌ لي - بستان - وثَبَ عليها رجل مِمَّن يلوذون بك، وانْتَزَعَها
مِنِّي، فكتَبَ عمر كتبًا إلى عروة بن محمَّد واليه على عَدَن, يقول فيه:
( أما بعد، فإذا جاءك كتابي هذا, فاسْمَع بيِّنَة حامِلِه, فإن ثبتَ له حقّ
فادْفَعْ له حقَّه )
ثمَّ ختَمَ الكتاب، وناولَهُ الرجل، فلمَّا همَّ الرَّجل بالانصراف, قال له عمر:
( على رِسْلِك، إنَّك قد أتَيْتنا من بلدٍ بعيد، ولا ريْبَ في أنَّك اسْتنفذْتَ في
رحلتك هذه زادًا كثيرًا، وأخلقْتَ ثيابًا جديدة، ولعلَّه نفقَت لك الدابة )
ثمَّ حسب ذلك كلَّه, فبلغَ ذلك أحدَ عشر دينارًا, فدَفَعَها إليه
وقال:
( أَشِعْ هذا في الناس، قلْ للناس: إنّ عمر أعطاني نفقة السَّفَر
حتى لا يتثاقلَ مظلومٌ عن رفْعِ ظُلامتِهِ بعد اليوم, مهما كان بعيد الدار)
3- ما رواه زياد بن ميسرة المخزومي :
وأما الصورة الثالثة:
هذه الصـورة يرويها العابد الزاهد زِياد بن ميْسَرَة المخزومي بِالولاء
فيقول: (أرسلني موْلاي عبد الله بن عياش من المدينة إلى دمشق للِقاء
أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز في حوائج له، وكانت بيني وبين عمر
صِلَةٌ قديمة, ترجعُ إلى عهْد ولايتِهِ على المدينة، فدخلْت عليه, فإذا عندهُ
كاتبٌ يكتب له، فلمَّا صرْتُ في عتبة الحجرة, قلْتُ: السلام عليكم
فقال:
( وعليكــم السلام ورحمة الله يا زِياد )
ثمَّ مضَيْتُ نحْوهُ خَجِلاً، لأنّي لم أُسلِّمْ عليه بإمرة المؤمنين، فلمَّا انْتَهيْتُ
إليه قلتُ: السَّلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله تعالى وبركاته، عدَّلَ, فقال:
( يا زِياد إنَّني لمْ أُنْكرْ عليك السَّلام الأوّل فما الحاجة إلى الثاني؟ )
-المؤمن يتعلَّق بالحقائق، وبِجَوْهر الحياة .
أيها الأخوة الكرام
المؤمن إذا أحْكم اتِّصالهُ بالله عز وجل يسْتغني عن ثناء الناس
وعن تعظيمهم، وعن تبْجيلهم، وعن توْقيرهم، لا يتعلَّق بهذا
إلا من أقصى قلبه من الاتّصال بالله عز وجل، وأساسًا أكبر نقطة ضَعْف
في الإنسان اسْتِجداء المديح، طبْعًا فقْرُهُ الداخلي يحملُهُ على اسْتِجداء
المديح لو أنَّه وصلَ إلى شيءٍ من الله عز وجل إلى السكينة التي أخبر
الله عنها، إلى الصَّلوات التي ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم
قال تعالى:
}وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ{
[ سورة التوبة الآية: 103 ]
لو أنَّ الإنسان أشْرقَت نفسهُ بِنُور الله عز وجل, لا يهتمّ بهذه الشَّكْليَّات
ولا بهذه العبارات، فهي عندهُ لا تقدِّم ولا تؤخِّر- .
فقال:
( يا زِياد, إنَّني لمْ أُنْكرْ عليك السَّلام الأوّل، فما الحاجة إلى الثاني؟)
فكان كاتبُهُ إذْ ذاك يقرأُ عليه مظالمَ جاءتْهُ من البصرة مع البريد،
فقال لي:
( اِجْلسْ يا زياد حتَّى نفْرغَ لك،)
فجلسْتُ على خشبة الباب .
-بالمناسبة الإنسان العظيم طبيعي، والإنسان الصغير إذا عظُمَ فجأةً يتكلَّف
فلو جلسْت مع النبي صلى الله عليه وسلَّم، دخل عليه أحدهم, فأصابتْه رعدة
فقال صلى الله عليه وسلم :
( إنما أنا ابن امرأة, كانت تأكل القديد بمكة )
كلَّما الْتقيْت مع العظماء رأيتهم قريبين منك حتى إنَّه قيل:
ما من أحدٍ خالَطَ النبي صلى الله عليه وسلَّم إلا ظنَّ أنَّهُ أقربُ الناس إليه
وهذه من عظمة النبي عليه الصلاة والسلام وقيل عنه:
ما رآهُ أحدٌ بديهةً إلا هابهُ، وما خالطهُ إلا أحبَّه، لكنَّك إذا خالطتَهُ
ترى نفسكَ قريبةً منه جدًّا، وتراه قريبًا منك، فالتَّكَلُّف ليس من صفات المؤمنين
لا تتكلَّف التَّصنّع والكهنوت هذا ليس من صفات المؤمنين ويتناقض
مع الفطرة السليمة، فأنت عظيمٌ جدًّا, إذا كنت طبيعيًّا- .
فقال لي:
( اِجْلسْ يا زياد حتَّى نفْرغَ لك، فجلسْتُ على خشبة الباب )
والكاتب يقرأ عليه وعمر يتنفَّس الصُّعداء من الهمّ فلمَّا فرغَ كاتبهُ
من قراءة الرِّقاع التي معه وانطلقَ إلى شأنه قام عمر من مجلسِهِ
ومشى إليه حتى جلسَ بين يديّ عند الباب ووضعَ يديْه على ركبتي،
ثمَّ يقوم سيّدنا عمر بن عبد العزيز بنفسه عند هذا المولى الذي جاءهُ
من المدينة وقد أرجأهُ قليلاً لِيَحلّ قضايا المظالم يبدو أنَّه غفل
فقال لِزِياد:
( هنيئًا لك يا زياد لقد اسْتدفأْتَ بِمَدْرعتِكَ واسْترحْتَ مِمَّا نحن فيه
الخلافة كانتْ عبئًا )

رد مع اقتباس