السؤال ممن لا يملّ العطاء :
من كمال التوحيد ترك سؤال الناس ، و أن يطلب المسلم من الله
وحده في كل شأن من الشؤون ، لأنه سبحانه هو الذي الحَّ على
عباده أن يسألوه ، قال تعالى :
} و اسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ }
وروى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( سَلُوا الله من فضله ، فإن الله يُحبُّ أن يُسأل )
و هو سبحانه الذي لا يمل سؤالاً و لا طلباً ، لأن خزائنه ملأى
{ مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ }
سؤال غير الله ذلة و مهانة :
فإما أن يعطوا و إما أن يمنعوا ، و هم إن أعطوا مَنَّوا ، و إن منعوا ،
أهانوا وأذلوا ، و كل ذلك مما يحز في نفس المسلم و يدخل عليه
المقت والكرب ، و يحط من كرامته ، و ينال من عزته ، و لذلك كان
صلى الله عليه و سلم ربما أخذ العهد على من يبايعه على الإسلام أن
لا يسأل الناس شيئاً ، و قد بايع جماعة من الصحابة على ذلك ،
منهم : أبو بكر الصديق ، و أبو ذر، و ثوبان ، و عوف بن مالك ،
الاستعانة بالقوي الذي لا يُغْلَب :
الاستعانة إنما بالقوي القادر على الإعانة ، و العبد يحتاج إلى الإعانة
في كل كبير وصغير ، و لا قادر على ذلك إلا الله سبحانه ، وغيره
عاجز عن أن يدفع عن نفسه ضراً أو يجلب لها نفعاً ، فمن أعانه الله
فهو المعان ، و من خذله فهو المخذول :
{ إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي
يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ }
الاستعانة بغير الله عز و جل استكانة و ضعف :
إن الاستعانة تستدعي إظهار ضعف المستعين و حاجته و مسكنته ،
و هذا تذلل و افتقار لا يكون إلا لله وحده ، لأنه حقيقة العبادة ،
فإن كان لغيره تعالى كان ذلاً واستكانة لا جدوى منها .
الإيمان بالقضاء والقدر سكينة واطمئنان :
بعد الثقة بحفظ الله تعالى و تأييده ، و الاعتماد عليه وحده في كل
الشؤون ، لا يُبالي العبد المؤمن بما يدبره الخلق أو يفعله العبد ،
بل فليعلم أن الخير و الشر بتقدير الله تعالى ، و أن النفع و الضر
بإرادته ، و ليس للعالمين من الأمر شيء :
{ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ }
و إنما العباد أسباب لينالوا الثواب أو يستحقوا العقاب :
( و اعلمْ أن الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوكَ بشيءٍ لم ينفعوكَ
إلا بشيءٍ قد كتبَه الله لك ، و إن اجتمعوا على أن يضُّروك بشيءٍ
لم يضُّروك إلا بشيء قد كتبَه الله عليك )
{ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ
فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
فلا يستطيع أحد أن يحصل لك أذى لم يقدره الله عليك ، بل يدفعه الله
سبحانه عنك ، و كذلك إذا أغراك أحد بالنفع فلا يمكن أن يحقق لك
ما يعدك به ، إذا كان الله سبحانه لم يرده لك :
{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ
إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا }