عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-16-2013, 07:20 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

والأمر الثاني :
أن العبد آمن بالكتاب واهتدى به مجملا وقبل أوامره وصدق بأخباره,
وكان ذلك سببا لهداية أخرى تحصل له على التفصيل.
فان الهداية لا نهاية لها ولو بلغ العبد فيها ما بلغ,
ففوق هدايته هداية أخرى وفوق تلك الهداية هداية أخرى الى غير غاية.
فكلما اتقى العبد ربه ارتقى الى هداية أخرى,
فهو من مزيد هداية ما دام في مزيد من التقوى.
وكلما فوّت حظا من التقوى فاته حظ من الهداية بحسبه,
فكلما اتقى زاد هداه, وكلما اهتدى زادت تقواه.
قالتعالى :
{ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ {15}
يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }
[ المائدة : 15 – 16 ]
وقال تعالى :
{ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ }
[ الشورى : 13 ]
وقال تعالى:
{ سَيَذَّكَّرُمَن يَخْشَى }
[ الأعلى : 10 ]
وقال :
{ وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ }
[ غافر : 13 ]
وقال :
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ }
[ يونس : 9 ]
فهداهم أولا للإيمان, فلما آمنوا هداهم للإيمان هداية بعد هداية,
ونظير هذا قوله تعالى :
{ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى }
[ مريم : 76 ]
وقوله تعالى :
{ يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً }
[ الأنفال : 29 ]
ومن الفرقان ما يعطيهم من النور الذي يفرقون به بين الحق والباطل,
والنصر والعز الذي يتمكنون به من أقامة الحق وكسر الباطل,
فسر القرآن هذا بهذا.
وقال تعالى :
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ }
[ سبأ : 9 ]
وقال :
{ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }
[ 31من سورة لقمان, والآية 5من سورة إبراهيم,
والآية 19 من سورة سبأ, والآية 33من سورة الشورى ] .
فأخبر عن آياته المشهودة العيانية أنها أنما ينتفع بها أهل الصبر الشكر,
كما أخبر عن آياته الإيمانية القرآنية أنها
أنما ينتفع بها أهل التقوى والخشية والإنابة ومن كان قصده أتباع رضوانه,
وأنها أنما يتذكر بها من يخشاه سبحانه
كما قال :
{ طه {1} مَاأَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى {2} إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى }
[ طه : 1 – 3 ]
وقال في الساعة :
{ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا }
[ النازعات : 45 ]
وأما من لا يؤمن بها ولا يرجوها ولا يخشاها
فلا تنفعه الآيات العيانية ولا القرآنية.
ولهذا ذكر الله سبحانه في سورة هود عقوبات الأمم المكذبين للرسل
وما حل بهم في الدنيا من الخزي,
قال بعد ذلك :
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْخَافَ عَذَابَ }
[ هود : 103 ]
فأخبر أن في عقوباته للمكذبين عبرة لمن خاف عذاب الآخرة.
وأما من لا يؤمن بها ولا يخاف عذابها فلا يكون ذلك عبرة وآية في حقه,
وإذا سمع ذلك قال :
[ لم يزل في الدهر الخير والشر, والنعيم والبؤس, والسعادة والشقاوة ] .
وربما أحال ذلك على أسباب فلكية وقوى نفسانية.
وإنما كان الصبر والشكر سببا لانتفاع صاحبهما بالآيات,
لأن الأيمان يبني على الصبر والشكر, فنصفه صبر ونصفه شكر,
فعلى حسب صبر العبد وشكره تكون قوة إيمانه.
وآيات الله إنما ينتفع بها من آمن بالله وآياته,
ولا يتم له الأيمان إلا بالصبر والشكر, فان رأس الشكر التوحيد,
ورأس الصبر ترك إجابة داعي الهوى.
فإذا كان مشركا متبعا هواه لم يكن صابرا ولا شكورا,
فلا تكون الآيات نافعة له ولامؤثرة فيه إيمانا


التعديل الأخير تم بواسطة بنت الاسلام ; 06-16-2013 الساعة 07:24 PM
رد مع اقتباس