عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 06-16-2013, 06:41 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

الحفظ الإلهي على وجهين :
1 ـ إدامة وجود الموجودات وإبقائها :
فأول وجه من وجوه الحفظ إدامة وجود الموجودات ، وإبقائها ،
وهذا يعاكسه الإعدام ، والله تعالى هو الحافظ للسماوات والأرض،
والملائكة ، والموجودات التي يطول أمد بقائها ، والتي لا يطول .
2 ـ الحفظ صيانة للمتقابلات والمتضادات بعضها عن بعض :
الوجه الثاني للحفظ :
أن الحفظ صيانة للمتقابلات والمتضادات بعضها عن بعض ، الآن
الماء يطفئ النار ، فالماء والنار متضادان ، والنار تحيل الماء
بخاراً والماء والنار أيضاً متضادان ، ما الذي يحفظ للماء وجوده
وللنار وجودها ؟
هو الله عز وجل ، هما يتعادلان ، ويتناقضان .
أيها الأخوة ، وقد جمع الله عز وجل بين هذه المتضادات
المتنازعة ، في سائر العناصر والمركبات ، وسائر الأحياء
كالإنسان ، والحيوان ، والنبات .
الآن ارتباط العلل بمعلولاتها ، يعني الأسباب بنتائجها ارتباط من
خلق الله عز وجل ، لولا هذا الارتباط لتنافرت ، وتباعدت ، وبطل
امتزاجها ، واضمحل تركيبها .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحفظ الحقيقي الذي يسعى إليه كل إنسان لا يكون بجهده ولكن
يكون بحفظ الله له :
الآن لو دخلنا في موضوع يمسنا كثيراً ، كل إنسان وصل لمنصب
يحافظ عليه بل إن أربع أخماس وقته للحفاظ على هذا المنصب ،
كل إنسان وصل إلى مكتسب يحافظ عليه ، وصل إلى ثروة يحافظ
عليها ، وصل إلى مركز يحافظ عليه ، فالحفاظ على الشيء من
طباع الإنسان ، لكن الحفظ الحقيقي الذي تسعى إليه جاهداً لا
يكون بجهدك ، ولكن يكون بحفظ الله لك ،
والله عز وجل قال :
} فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {
( سورة يوسف )
يعني جميع الأسباب التي تتخذها للحفاظ على مالك قد لا تُفلح ،
أما حفظ المال يكون بأن تؤدي زكاته .
( ما تلفَ مالٌ في بَرٍّ و لا بحرٍ إلا بِحَبِسِ الزكاةِ )
الراوي : عمر بن الخطاب - المحدث : السيوطي –
المصدر : الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم : 7878
خلاصة حكم المحدث : صحيح
بطولة الإنسان لا أن يتخذ الأسباب المادية لحفظ ما هو فيه بل
يتخذ الأسباب التشريعية :
الآن البطولة لا أن تتخذ الأسباب المادية لحفظ ما أنت فيه ، تتخذ
الأسباب التشريعية لحفظ ما أنت فيه ، يعني مع الله لا يوجد ذكي.
( ولا ينفعُ ذا الجَدِّ منك الجدُّ )
صحيح البخاري و مسلم
ويؤتى الحذر من مأمنه ، والله عز وجل له أفعال عجيبة ، حتى إن
بعضهم قال : عرفت الله من نقض العزائم ، جميع الجهود الجبارة
التي تبذل من أجل الحفاظ على الشيء لا تجدي، لا يجدي إلا أن
يحفظك الله ،
} فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {
على الإنسان أن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم يتوكل على الله
وكأنها ليست بشيء .
أنا لا أرفض أن آخذ بالأسباب خذ بالأسباب ، لكن البطولة أن تأخذ
بالأسباب وكأنها كل شيء ، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست
بشيء ، هذه البطولة ، البطولة أن أراجع مركبتي مراجعة تامة
قبل السفر ، أراجع كل شيء فيها ، وبعد هذه المراجعة التامة
أتوجه إلى الله عز وجل وأقول له :
يا رب أنت الحافظ ، أنت الموفق ، أنت المسلم ، أدرس دراسة
متقنة جداً ، وقبل الامتحان أقول له يا رب أنت الموفق ، أنت
المعين على النجاح ، من السهولة بمكان أن تأخذ بالأسباب وأن
تنسى الله عز وجل ، ومن السهولة أيضاً أن تكون كسائر
المسلمين لا يأخذون بالأسباب إطلاقاً ، يقول لك الله الموفق ،
هذا موقف غير صحيح وغير علمي ، ينبغي أن تأخذ بالأسباب
وكأنها كل شيء ، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
بل إن السلوك الصحيح طريق عن يمينه وادٍ سحيق ، وعن يساره
واد سحيق ، إن أخذت بالأسباب واعتمدت عليها ، ونسيت الله عز
وجل ، أو ألهتها كالغرب وقعت في وادي الشرك ، وإن لم تأخذ
بها كالشرقيين ، وتواكلت على الله تواكلاً ساذجاً وقعت في وادي
المعصية ، الصواب أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، وثم
تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
هذا الدرس البليغ يحتاجه المسلمون .
( إنَّ اللَّهَ يلومُ على العجزِ )
[ أخرجه أبو داود ]
تستسلم ؟ تقول ما بيدنا شيء ، انتهينا ، المصير بيد الله عز
وجل ، وأنت لا تعمل ، هذا موقف انهزامي ، موقف بعيد عن
الموقف الصحيح اعتقاداً ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء .
أنت تأخذ بالأسباب ، أما حينما يحال بينك وبين النتائج عندئذٍ لك
أن تقول : حَسبيَ الله ونعم الوكيل .
إذاً الحفاظ على الشيء لا يقل عن تحصيله ، والحفظ الحقيقي
يكون بأخذ الأسباب والتوكل على رب الأرباب .
( ولا ينفعُ ذَا الجَدِّ منك الجَدُّ )
رواه البخاري
مع الله لا يوجد ذكي ، يوجد مستقيم ، المستقيم يحفظه الله عز
وجل ، أما الذكي يؤتى من مأمنه ، يؤتى من جهة ليست متوقعة .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
حفظ الله عز وجل للإنسان يكون بطاعته و الاستقامة على أمر :
كما تعلمون أيها الأخوة ، الإنسان معرض لأخطار لا تنتهي ، مهما
أخذ الإنسان بأسباب الحفظ فقد يؤتى الحذر من مأمنه والنبي عليه
الصلاة والسلام علمنا أن نأخذ بالأسباب ، اعقل وتوكل .
طبيب في أمريكا ، رفع راية الجري ، والجري مفيد جداً للقلب ،
لكنه قال :
إن الذي يجري لا يصاب بآفة قلبية إطلاقاً ، وله مقالات ،
وندوات ، وكتب ، وهو يجري في اليوم 20 كم ، عمره بين
الأربعين والخمسين ، مات وهو يجري ، لا لأن الجري خطأ ،
الجري صواب ، ولكنه لأنه أله الجري ونسي الله عز وجل ،
يؤتى الحذر من مأمنه ، في آلاف القصص حول ذلك .
ورد في الأثر القدسي أن الله عز وجل يخاطب بعض عباده يوم
القيامة ، يقول :
( يجاءُ بابنِ آدمَ يومَ القيامةِ فيوقَفُ بين يديِ اللهِ تعالى فيقولُ لهُ :
أعطيتُك وخوَّلتُك وأنعمتُ عليك ، فماذا صنعتَ ؟
فيقولُ : يا ربِّ جمعتهُ وثمَّرتهُ فتركتهُ أكثرُ ما كان فارجعْني آتيكَ
به فيقولُ اللهُ تعالى :
أرِني ما قدَّمتَ
فيقولُ : فإذا عبدٌ لم يقدِّمْ خيرًا فيُمضى به إلى النارِ )
الراوي : أنس بن مالك – المحدث : ابن العربي –
المصدر : التذكرة للقرطبي - الصفحة أو الرقم : 265
خلاصة حكم المحدث : صحيح

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أيها الأخوة ، قضية الحفظ شيء يهم كل مؤمن ، حفظ الله هو
المنجي ، هو الحقيقي ، أما إذا أخذت أسباب الحفظ ما في مانع ،
بل لابدّ من أن تأخذها ، لكن إياك أن تنسى الله عز وجل ، لو
نسيت الله عز وجل ، يؤتى الحذر من مأمنه .
( ولا ينفعُ ذَا الجَدِّ منك الجَدُّ )
واسم " الحفيظ " من أقرب الأسماء إلى الإنسان ، الله عز وجل
يحفظ له صحته ، يحفظ له ماله ، يحفظ له أهله ، يحفظ له إيمانه،
وهذا الحفظ له ثمن هو طاعة الله عز وجل .
والحمد لله رب العالمين
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


رد مع اقتباس