} فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {
يعني جميع الأسباب التي تتخذها للحفاظ على مالك قد لا تُفلح ،
أما حفظ المال يكون بأن تؤدي زكاته .
( ما تلفَ مالٌ في بَرٍّ و لا بحرٍ إلا بِحَبِسِ الزكاةِ )
الراوي : عمر بن الخطاب - المحدث : السيوطي –
المصدر : الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم : 7878
بطولة الإنسان لا أن يتخذ الأسباب المادية لحفظ ما هو فيه بل
الآن البطولة لا أن تتخذ الأسباب المادية لحفظ ما أنت فيه ، تتخذ
الأسباب التشريعية لحفظ ما أنت فيه ، يعني مع الله لا يوجد ذكي.
( ولا ينفعُ ذا الجَدِّ منك الجدُّ )
ويؤتى الحذر من مأمنه ، والله عز وجل له أفعال عجيبة ، حتى إن
بعضهم قال : عرفت الله من نقض العزائم ، جميع الجهود الجبارة
التي تبذل من أجل الحفاظ على الشيء لا تجدي، لا يجدي إلا أن
} فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {
على الإنسان أن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم يتوكل على الله
أنا لا أرفض أن آخذ بالأسباب خذ بالأسباب ، لكن البطولة أن تأخذ
بالأسباب وكأنها كل شيء ، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست
بشيء ، هذه البطولة ، البطولة أن أراجع مركبتي مراجعة تامة
قبل السفر ، أراجع كل شيء فيها ، وبعد هذه المراجعة التامة
أتوجه إلى الله عز وجل وأقول له :
يا رب أنت الحافظ ، أنت الموفق ، أنت المسلم ، أدرس دراسة
متقنة جداً ، وقبل الامتحان أقول له يا رب أنت الموفق ، أنت
المعين على النجاح ، من السهولة بمكان أن تأخذ بالأسباب وأن
تنسى الله عز وجل ، ومن السهولة أيضاً أن تكون كسائر
المسلمين لا يأخذون بالأسباب إطلاقاً ، يقول لك الله الموفق ،
هذا موقف غير صحيح وغير علمي ، ينبغي أن تأخذ بالأسباب
وكأنها كل شيء ، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
بل إن السلوك الصحيح طريق عن يمينه وادٍ سحيق ، وعن يساره
واد سحيق ، إن أخذت بالأسباب واعتمدت عليها ، ونسيت الله عز
وجل ، أو ألهتها كالغرب وقعت في وادي الشرك ، وإن لم تأخذ
بها كالشرقيين ، وتواكلت على الله تواكلاً ساذجاً وقعت في وادي
المعصية ، الصواب أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، وثم
تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
هذا الدرس البليغ يحتاجه المسلمون .
( إنَّ اللَّهَ يلومُ على العجزِ )
تستسلم ؟ تقول ما بيدنا شيء ، انتهينا ، المصير بيد الله عز
وجل ، وأنت لا تعمل ، هذا موقف انهزامي ، موقف بعيد عن
الموقف الصحيح اعتقاداً ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء .
أنت تأخذ بالأسباب ، أما حينما يحال بينك وبين النتائج عندئذٍ لك
أن تقول : حَسبيَ الله ونعم الوكيل .
إذاً الحفاظ على الشيء لا يقل عن تحصيله ، والحفظ الحقيقي
يكون بأخذ الأسباب والتوكل على رب الأرباب .
( ولا ينفعُ ذَا الجَدِّ منك الجَدُّ )
مع الله لا يوجد ذكي ، يوجد مستقيم ، المستقيم يحفظه الله عز
وجل ، أما الذكي يؤتى من مأمنه ، يؤتى من جهة ليست متوقعة .
حفظ الله عز وجل للإنسان يكون بطاعته و الاستقامة على أمر :
كما تعلمون أيها الأخوة ، الإنسان معرض لأخطار لا تنتهي ، مهما
أخذ الإنسان بأسباب الحفظ فقد يؤتى الحذر من مأمنه والنبي عليه
الصلاة والسلام علمنا أن نأخذ بالأسباب ، اعقل وتوكل .
طبيب في أمريكا ، رفع راية الجري ، والجري مفيد جداً للقلب ،
إن الذي يجري لا يصاب بآفة قلبية إطلاقاً ، وله مقالات ،
وندوات ، وكتب ، وهو يجري في اليوم 20 كم ، عمره بين
الأربعين والخمسين ، مات وهو يجري ، لا لأن الجري خطأ ،
الجري صواب ، ولكنه لأنه أله الجري ونسي الله عز وجل ،
يؤتى الحذر من مأمنه ، في آلاف القصص حول ذلك .
ورد في الأثر القدسي أن الله عز وجل يخاطب بعض عباده يوم
( يجاءُ بابنِ آدمَ يومَ القيامةِ فيوقَفُ بين يديِ اللهِ تعالى فيقولُ لهُ :
أعطيتُك وخوَّلتُك وأنعمتُ عليك ، فماذا صنعتَ ؟
فيقولُ : يا ربِّ جمعتهُ وثمَّرتهُ فتركتهُ أكثرُ ما كان فارجعْني آتيكَ
فيقولُ : فإذا عبدٌ لم يقدِّمْ خيرًا فيُمضى به إلى النارِ )
الراوي : أنس بن مالك – المحدث : ابن العربي –
المصدر : التذكرة للقرطبي - الصفحة أو الرقم : 265
أيها الأخوة ، قضية الحفظ شيء يهم كل مؤمن ، حفظ الله هو
المنجي ، هو الحقيقي ، أما إذا أخذت أسباب الحفظ ما في مانع ،
بل لابدّ من أن تأخذها ، لكن إياك أن تنسى الله عز وجل ، لو
نسيت الله عز وجل ، يؤتى الحذر من مأمنه .
( ولا ينفعُ ذَا الجَدِّ منك الجَدُّ )
واسم " الحفيظ " من أقرب الأسماء إلى الإنسان ، الله عز وجل
يحفظ له صحته ، يحفظ له ماله ، يحفظ له أهله ، يحفظ له إيمانه،
وهذا الحفظ له ثمن هو طاعة الله عز وجل .