( الأَخذُ باليَسير وَ تَركُ التَعْسِير الطاعة
و عدم التعنت سبيل النجاة )
المعنى العام 1 - الضرورات تبيح المحظورات
2 - المشقة تجلب التيسير 3 - التشديد في اجتناب المنهيات
4 - من أسباب هلاك الأمم 5 - السؤال وحكمه
6 - التحذير من الاختلاف و الحثّ على الوحدة و الاتفاق
عن أبي هُرَيْرةَ عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ صَخْرٍ رضي الله عنه قال :
سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :
( ما نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجتَنبوهُ ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ،
فإنَّما أَهْلَكَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ واخْتلاُفُهُمْ على أَنْبِيَائِهِمْ )
رَواهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ
إن هذا الحديث ذو أهمية بالغة وفوائد جلى ، تجعله جديراً بالحفظ والبحث :
وهو من قواعد الإسلام المهمة ، ومن جوامع الكَلِم التي أعطيها
صلى الله عليه وسلم ، ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام .
وهو حديث عظيم من قواعد الدين وأركان الإسلام ، فينبغي حفظه
سبب ورود هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحة ،
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
( أيها الناسُ ! قد فرض اللهُ عليكم الحجَّ فحجُّوا .
فقال رجلٌ : أكل عامٍ ؟ يا رسولَ اللهِ ! فسكت . حتى قالها ثلاثًا .
فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ :
لو قلتُ : نعم . لوجبت . ولما استطعتم . ثم قال ذروني ما تركتُكم .
فإنما هلك من كان قبلكم بكثرةِ سؤالِهِم واختلافِهِم على أنبيائِهم .
فإذا أمرتُكم بشيٍء فأتوا منهُ ما استطعتم .
وإذا نهيتُكم عن شيٍء فدعوهُ . إنَّ اللهَ أذِنَ لرسولِه ولم يأذن لكم .
وإنما أَذِنَ لي فيها لم يفسق .)
الراوي : أبوهريرة – المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم –
وورد أن السائل هو الأقرع بن حابس رضي الله عنه .
طلبت منكم الكَفَّ عن فعله ، والنهي : المَنْع
ما قدرتم عليه وتيسر لكم فعله دون كبير مشقة
أسئلتهم الكثيرة، لا سيما فيما لا حاجة إليه ولا ضرورة .
لقد ورد النهي في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم لمعان عدة ، والمراد به هنا التحريم والكراهة :
النهي عن الزنا وشرب الخمر وأكل الربا والسرقة وقتل النفس بغير حق .
فمثل هذه المنهيات يجب اجتنابها دفعة واحدة ، ولا يجوز للمُكَلَّف
فعل شيء منها ، إلا إذا ألجأته إلى ذلك ضرورة ، بقيود وشروط
بيّنها شرع الله تعالى المحكم .
النهي عن أكل البصل أو الثوم النِّيْئ ، لمن أراد حضور صلاة الجمعة
فمثل هذه المنهيات يجوز فعلها ، سواء دعت إلى ذلك ضرورة أم لا ،
وإن كان الأليق بحال المسلم التقي اجتنابها ،
ما استطاع إلى ذلك سبيلاً .
الضرورات تبيح المحظورات :
قد يقع المسلم في ظروف تضطره إلى فعل المحرم ، وتلجئه إلى
إتيان المحظور، وإن هو امتنع عن ذلك ألقى بنفسه إلى التهلكة.
وهنا نجد شرع الله تعالى الحكيم ، يخفف عن العباد ، ويبيح لهم في
هذه الحالة فعل ما كان محظوراً في الأحوال العادية ، ويرفع عنهم
} فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {
إباحة أكل الميتة لمن فقد الطعام ولم يقدر على غيرها ، ولكن مما
ينبغي التنبيه إليه ، هو ما يقع فيه الكثير من الناس ، عندما يأخذون
هذه القاعدة على إطلاقها ، دون تحديد لمعنى الضرورة ،
وحتى لا يقع المكلفون في هذا الخطأ ،
نجد الفقهاء حدَّدوا معنى الضرورة :
بما يجعل الإنسان في خطر يهدده بالموت ، أو بإتلاف عضو من
أعضائه ، أو زيادة مرض ، ونحو ذلك مما يتعذر معه قيام مصالح
الحياة ، أو يجعلها في مشقة وعسر لا يُحتمل .
وفي الوقت نفسه حدّدوا مدى الإباحة بما يندفع به الخطر ،
فوضعوا هذه القاعدة : (الضرورة تُقَدَّرُ بَقْدرِها) .
} غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ{
أي غير قاصد للمخالفة والمعصية ، وغير متعد حدود ما يدفع عنه الاضطرار .
فمن اضطر لأكل الميتة ليس له أن يمتلئ منها أو يدخر ،
ومن اضطر أن يسرق لِيُطْعِم عياله ليس له أن يأخذ ما يزيد عن
حاجة يوم وليلة ، وليس من الاضطرار في شيء التوسع في الدنيا ،
فمن كان ذا رأسمال قليل ليس مضطراً للتعامل بالربا ليوسع تجارته .
ومن كان له علاقات مع الناس ، ليس مضطراً لأن يجلس معهم على
موائد الخمر ويسكت عن منكرهم .
ومن كانت ذات زوج متهاون ، ليست مضطرة لأن تخلع لباس
الحشمة وجلباب الحياء ، فتترك الآداب الشرعية ولباس المؤمنات ،