هذا الحديث ينطبق على ظاهرة متنامية في زماننا هذا ، ألا و هي :
اقتحام عدد من الناس المجالات الشرعية بالفتيا و التنظير ،
و بالاعتراض على الأحكام الشرعية ، مع عدم اتصاف أولئك بالعلم الذي يؤهلهم
- و لو بقدر أدنى - للخوض في هذه المسائل ،
و ليس في ذلك تحجير على الناس في دينهم ،
أو سير وفق المصطلح الخاطئ الذي يصف البعض بأنهم ( رجال الدين ) !!
و لكنه الاحتياط للدين أن يهتك حماه من ليس أهلاً للتوقيع عن رب العالمين .
و لقد حذرنا الله تعالى من ذلك في كتابه الكريم فقال :
{ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا
وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }
" و هذه الآية في تحريم القول في الدين إلا عن بينة و يقين " .
" إن أحدكم ليُفتي في المسألة ،
و لو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لجمع لها أهل بدر "
فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة و النار ،
و كيف خلاصُه ، ثم يجيب " .
و لقد كان فقهاء الإسلام الأجلاء يحذرون من التعالم و التجرؤ على الفتيا
و على القول على الله بغير علم ،
فقد جاء عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه
أنه سُئل ثمانية و أربعين سؤالاً ، فأجاب عن ستة ،
و قال عن البقية : لا أدري .
و هؤلاء المتعالمون و المتشبعون بما لم يعطوا لهم صفات منها :
1 - زهدهم في الجلوس إلى من هو دونهم ، أو في مرتبتهم في العلم ،
لئلا يُنسبوا للجهل و قلة العلم .
2 - جرأتهم على الفتيا ، و هجومهم عليها دون ورع أو تقوى ،
فقلما يقول أحدهم : لا أدري ، حينما يُسأل لئلا ينسب للجهل ،
3 - تعلقهم بالدنيا و أهلها ، و طلب المنزلة عندهم ،
و ربما قدَّموهم على إخوانهم من المؤمنين ،
لينالوا عندهم عرضاً من الدنيا الفانية .
فالحذر الحذر من التشبع بما لم تعط ،
حتى لا تكون ممن يلبس ثوبي الزور ، فيبيع آخرته بدنياه ،
نسأل الله جل و علا أن يجنبنا الزلل في القول و العمل .